اعتراف عباس لكن بعد فوات الاوان
مهدي منصوري
القت استمرار انتفاضة نصرة القدس بظلالها على مجمل الاوضاع في المنطقة وبنفس الوقت اوجدت قناعات جديدة لدى القائمين على الحكم في بعض البلدان.
وبالامس وفي القمة الاسلامية في تركيا خرج رئيس السلطة الفلسطينية عباس عن طوره واعلن مالم يكن في الحسبان اذ اعتبر معاهدة الذل والخيانة اوسلو ملغية وصب جام غضبه على اميركا وترامب بالقول مامضمونه: "انه وبعد اليوم لايمكن الاعتماد على اميركا ولن تشارك في اي مفاوضات قادمة لانها اعلنت انحيازها للكيان الصهيوني".
ويمكن القول ان تصريحات عباس هي نفثة مصدور لان ما طرحه لم يضف جديدا بل هو الواقع بعينه، لان معاهدة اوسلو لم تكن سوى صورة من صور تكبيل الشعب الفلسطيني ووضعه تحت الاسر الصهيوني وهو ماافرزته المفاوضات الماراثونية بعد اوسلو والتي امتدت الى اكثر من عقد من الزمان ولم تسفر عن شيء، بل انها كانت وبالا على الشعب الفلسطيني بحيث ان الكيان الغاصب اخذ يوغل في المداهمات واعتقال ابناء فلسطين بالاضافة الى استغلال هذا الوضع بتوسيع رقعته من خلال استلاب الارض الفلسطينية ببناء المستوطنات لقطعان مستوطنيه.
واما الموقف الاميركي من الكيان الغاصب فانه ليس غامضا بل هو واضحا وضوح الشمس اذ وكما هو معروف وعلى لسان كل مسؤولي الادارات الاميركيةالمتعاقبة فانهم يعتبرون ان "أمن اسرائيل هو أمن أميركا" ولذا فانهم لم يألوا جهدا في تقديم مايمكن تقديمه من اجل ان تبقى اسرائيل آمنه وان لايتعرض امنها للاهتزاز. وقد دعمت واشنطن تل ابيب في كل المجالات وتمكنت وبهيمنتها على مجلس الامن بافشال كل مشروع يقدم ضد اسرائيل وذلك بقرار حق النقض الفيتو هذا من جانب ومن جانب آخر الدعم السياسي والتسليحي اللامحدود ولكن كل هذه المواقف الاميركية المخزية لم تستطع ان تكبح جماح الشعب الفلسطيني في الداخل والذي رفع راية الجهاد المقدس ضد هذا الكيان من خلال انتفاضته المباركة وقد جاء قرار ترامب الاخير هو صب الزيت على النار اذ فتح الابواب مشرعة امام ابناء المقاومة الفلسطينية الباسلة لان يشمروا عن سواعدهم ويواجهوا العدو الغاصب.
وهذا فان تصريح عباس بالغاء اوسلو وعدم الاعتماد على اميركا ينبغي ان لا يبقى او يخنق في ادراج وداخل القمة الاسلامية، بل ان يكون له واقعا على الارض وهو تقديم الدعم اللازم من قبل مثل هذه الدول لابناء الانتفاضة والتي تساهم في تطويرها لوجستيا وماديا وسياسيا واعلاميا لكي تاخذ دورها الفاعل في افشال كل المؤامرات الدولية والاقليمية التي تستهدفها وتريد خنقها في المهد. ولذا يتطلب من عباس نفسه ان يغير موقفه عمليا وان لا يلهت وراء المفاوضات الكاذبة والخادعة والتي لم تجبي للشعب الفلسطيني سوى الدمار والحصار وحالات الموت البطيء.