kayhan.ir

رمز الخبر: 67809
تأريخ النشر : 2017December09 - 20:24

القدس ليست عقارا...


شارل أيوب

القدس ليست عقارا للبيع يا سيد ترامب، ذلك انك كنت تبيع عقارات في الولايات المتحدة وابنية واغراضاً وتتاجر بالعقارات، فاذا بك تخطب امام البيت الأبيض وتعلن انه حان الوقت كي تقول الولايات المتحدة ان القدس هي عاصمة إسرائيل، كأنما القدس عقار تبيعه بشركة عقارية أخرى في الولايات المتحدة .

سيد ترامب، للقدس شعبها وللقدس تاريخها واثارها المسيحية والإسلامية منذ الفي سنة و1400 سنة، وللقدس رجالها وشعبها، ولفلسطين شعب يقاوم ويقدم الشهداء اليوم بشكل تقاتل العين المخرز وتكسره. ذهبت أيام وعد بلفور وذهبت أيام نكبة 1948، ولم يعد الفلسطينيون، يخرجون من منازلهم تحت اضطهاد الانتداب البريطاني، ومجازر الهاغانا الإسرائيلية، بل اصبح الفلسطينيون وهم الشعب الأعزل امام جيش الاحتلال الإسرائيلي المدجج بالسلاح، يقاومون بصدورهم العارية بإيمانهم بالله وبأرضهم فلسطين، يقتحمون المراكز العسكرية الإسرائيلية ويطلق الجنود الإسرائيليون عليهم النار ولا يهابون الموت، فهم شعب فلسطين. وكيف يقبلون أن يأتي الإسرائيليون من شتات العالم لاغتصاب فلسطين وهم الفلسطينيون أصحاب الأرض؟ هم من زرعوا الزيتون والليمون في بساتين فلسطين هم من اقاموا المدن الفلسطينية على سهول البحر الفلسطيني، هم الذين كانوا يعيشون في وطنهم فلسطين من البحر الى النهر. لكن الظلم البريطاني، والان الظلم الأميركي جعلهم شعباً منكوباً، انما اليوم شعب فلسطين استيقظ من كثرة وجع الألم، وهو يرى منازله وبلداته وشجر الزيتون والليمون يجرفها الجيش الإسرائيلي لاقامة مستوطنات شذاذ الآفاق الآتين الى فلسطين لاغتصابها وإقامة الاستيطان.

سيد ترامب، مهلك، وانت تقول ان شعارك اميركا أولا. وحقيقة الامر، ان قرارك ان القدس عاصمة إسرائيل، انهى شعار اميركا أولا، واسقط اميركا من زعامة العالم كي تصبح طرفا ادنى مستوى من مستوى العدو الإسرائيلي وتتنازل عن مبادىء الدستور الأميركي حيث العدالة والموقف الإنساني والدفاع عن الحريات، واسقطت اميركا أولا لانها أصبحت «معلولة» في العالم.

انظر يا سيد ترامب الى اميركا التي تقف ضدك، انظر الى العالم الإسلامي و57 دولة عربية وإسلامية تقف ضد قرارك، انظر الى أوروبا حيث 27 دولة أوروبية رفضت قرارك، ألم تسمع بخطاب المستشارة ميركل الألمانية، وهي تنتقد موقفك بشدة، الم تسمع خطاب الرئيس الفرنسي ماكرون وهو يرفض قرارك ويعلن ان فرنسا ستواجه الولايات المتحدة في مجلس الامن، ألا تسمع الرصاص الإسرائيلي وهو يطلق على الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح؟

سيد ترامب، انت الذي تقول عن نفسك انك مسيحي، الا تعرف ان الإسرائيليين صلبوا السيد المسيح ـ عليه السلام ـ لانه قال اني جئت لاخلص كل بني البشر، فيما الإسرائيليون قالوا انهم شعب الله المختار، والسيد المسيح يجب صلبه حتى الموت. ومع ذلك انتصرت المسيحية على الإسرائيليين، وحصلت القيامة وتم بناء كنيسة القيامة في القدس قبل 1950 سنة، فأية مسيحية انت تتحدث عنها وانت تسلم كنيسة القيامة المسيحية الى الإسرائيليين، وتسلم طريق الجلجلة التي تعذب عليها السيد المسيح وهو يحمل الصليب على كتفه، الى رأس الجبل حيث جرى صلبه.

سيد ترامب انت لا تعرف انك جرحت الشعور الإسلامي بأكبر جرح وخسرت المسلمين وخسرت الولايات المتحدة مكانتها لدى الإسلاميين ولدى الشعوب الإسلامية لانك لا تعرف ان القدس هي أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، وان النبي محمد صلى الله عليه وسلم نبي الإسلام قد أسرى الله به الى القدس ومن القدس عرج الى السماء. ولا تعرف مدى ايمان المسلمين بالإسراء والمعراج، وتقوم بضرب الشعور العميق الديني للمسلمين بإعلانك ان القدس عاصمة إسرائيل، وتسلم المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة الى الاسرائيليين، وهي من اهم المقدسات لدى المسلمين.

سيد ترامب، بعيدا عن الدين المسيحي والإسلامي، بل انطلاقا من الإنسانية وحق الانسان في العيش في وطنه وارضه، هل تعرف انك أعطيت الضوء الأخضر الى إسرائيل كي تقوم بالتطهير العرقي في القدس وترحيل 325 الف فلسطيني يقطنون القدس بعدما أعلنتها عاصمة لإسرائيل؟

سيد ترامب، الا ترى أطفال فلسطين وهم في سن العاشرة يقاومون جيش الاحتلال الإسرائيلي بسبب ظلمك وغياب ضميرك عبر قرارك ان القدس عاصمة إسرائيل.

سيد ترامب، انت تسدد فواتير للمنظمات الصهيونية في اميركا، وانت مصاب بالغباء، لانه ليتك كنت متآمراً، لان المتآمر يكون لديه بعض الذكاء. أما أنت فمصاب بالغباء السياسي، وتقوم بقيادة الولايات المتحدة الى العزلة الدولية، وانني اسألك هل باستطاعتك تسمية دولة واحدة توافق على قرارك ان القدس عاصمة إسرائيل، وأنت تقود اكبر دولة في العالم وهي الولايات المتحدة؟

سيد ترامب، منذ سنة 1982 تغير وجه التاريخ، واجبرت المقاومة اللبنانية العدو الإسرائيلي على الانسحاب قهرا من بيروت ومن جنوب لبنان. وسنة 2006 ضربت المقاومة الكيان الصهيوني بالصواريخ على مدى فلسطين المحتلة، ولم تنفع كل الطائرات الحربية الأميركية التي أرسلتها الى إسرائيل في وقف ضرب الكيان الصهيوني بالصواريخ من المقاومة اللبنانية.

سيد ترامب، انظر الى مليونين ونصف مليون فلسطيني يعيشون في غزة في مساحة لا تتسع لاكثر من نصف مليون مواطن، وانظر كيف يقاومون، كيف يعيشون من الصيد البحري رغم منعهم، الا بمسافة 5 كيلومترات في البحر.

سيد ترامب، انتهى زمن الغطرسة الإسرائيلية والقهر الأميركي والغباء السياسي في واشنطن، وبدأ عصر انتصار الشعب الفسلطيني، وبخاصة المقاومة في لبنان على العدو الإسرائيلي.

أخيرا، نقول لك سيد ترامب، ان فلسطين لها شعبها، وان فلسطين لها إخوة يقاتلون عنها ويقدمون آلاف وآلاف الشهداء.

تذكر سيد ترامب، كيف هربت انت والجيش الأميركي من بيروت اثر ضربات المقاومة ضد جيشك الأميركي.

تذكر سيد ترامب كيف انكسرت وانسحبت من فيتنام بعدما قتلت مليوني فيتنامي، ومع ذلك هزمك شعب فيتنام وانسحبت في ظل اكبر هزيمة شهدتها الولايات المتحدة بعدما كان جيشها الأميركي يحتل اليابان ويصل الى حدود الصين، فاذا به ينهزم انهزام الذل امام شعب فيتنام العالي الصدر والفقير.

سيد ترامب، نقول لك قرارك لا يغيّر شيئاً، والقدس عاصمة فلسطين، وفلسطين هي لنا ولشعبنا وليست للاسرائيليين، وسيأتي بعدك 10 رؤساء جمهورية في اميركا او اكثر، لكن إسرائيل ستزول وشعبنا سينتصر.

وقد تسأل لماذا نحن سننتصر، فنردّ عليك ان ايماننا بأرضنا وبالله وشجاعتنا وقدرتنا على تقديم مئات الاف الشهداء في سبيل فلسطين وحقوقنا وعزة نفسنا، وايماننا بالحياة الكريمة تجعلنا نقدم مليون شهيد ولا نسأل. بينما انت عندما خسرت 200 جندي في بيروت هربت هروب الذل من العاصمة اللبنانية. ثم انك هربت هروب الذل من فيتنام، ثم ان العدو الإسرائيلي عدو جبان معه اكبر ترسانة عسكرية إسرائيلية، وهزمته المقاومة مع ان لا طائرات لديها ولا دبابات ولا بوارج بحرية ولا ناقلة جنود مصفّحة واحدة، بل صدور ممتلئة بالقلوب الشجاعة، بل قلوب ممتلئة بالايمان، هكذا نحن، هكذا شعب فلسطين، هكذا شعبنا على مدى أمّتنا.

وأقول لك أخيرا، ان زعيما خالد لا تعرفه انت، بل تعرفه الصهيونية. كم كان عظيما، ولهذا عملت على قتله وهو في سن الـ 45 سنة، وهو الزعيم أنطون سعادة، مؤسس النهضة السورية القومية الاجتماعية، الذي قال: «ان فيكم قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ»..

وما قتلت الصهيونية للزعيم أنطون سعادة الا بالاتفاق مع الملك فاروق والرئيس السوري الخائن حسني الزعيم.

واما اليوم فإسرائيل تعلن ان السعودية ومصر وافقتا على قرارك بأن القدس عاصمة إسرائيل. مصر نفت بشكل باهر، والسعودية سكتت لانها خانت شعور المسلمين والعرب والفسلطينيين، ولكن مع التآمر الأميركي والظلم الإسرائيلي والخيانة العربية فكلها ندوس عليها بقوة شعب فلسطين وقوة أمتنا التي ستعود مرارة كبرى مثل الشمس تشرق، ولكن ليل نهار.