الانبطاح العربي الاسلامي جرأ ترامب
مهدي منصوري
قد لايكون قرار ترامب بنقل السفارة الاميركية الى القدس وجعلها عاصمة لاسرائيل قرارا جديدا بل هو مكمل لما بدأ به الرئيس الاميركي السابق بوش عندما اعلن وبعد تفجير مركزي التجارة العالمي بان الحرب الصليبية قد بدأت، اذن فان قرار ترامب هو مفصل من مفاصل هذه الحرب لان وباتخاذه هذا القرار الخطير الذي يمس مشاعر ليس فقط المسلمين بل كل الذين لهم علاقة ببيت المقدس من قريب او بعيد.
وقد اشارت اوساط اعلامية ان ما يعلنه ترامب هو مجرد قرار لانه سيرافقه اعلان بتعليق التنفيذ الى وقت اخر، ورغم ذلك فان اتخاذ القرار بحد ذاته يعتبر تحديا سافرا ماكان ينبغي اتخاذه. خاصة وان تبعات هذا القرار والتي لا يمكن توقعها بحيث قد تضع المنطقة برمتها في أتون من الغضب العارم الذي سينعكس اثره الكارثي ليس فقط على الكيان الصهيوني فحسب، بل على كل المصالح الاميركية في المنطقة والعالم.
ولم يحظ موقف من المواقف الاميركية بالاجماع كما حظي بالامس قرار ترامب اذ أجمعت المواقف الدولية الصادرة على خطورة الخطوة التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب اتخاذها بشأن القدس المحتلة والاعتراف بها كعاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، وبنفس الوقت لم يرحّب أي طرف دولي ما عدا إسرائيل بالخطوة المرتقبة للرئيس الأميركي تجاه القدس. بل وحتى الكيان الصهيوني قد ابدى قلقه الشديد من الخطوة والذي جاء على لسان نتنياهو عندما أمر وزراءه عدم تناول بلاغ رئيس أمريكا دونالد ترامب، نقل سفارة بلاده للقدس. في حين يستعد الجيش وأجهزته الأمنية، لاحتمال نشوب انتفاضة فلسطينية.
ولذا ومن خلال المعطيات على الارض والتي ظهرت بوادرها بالامس وعلى لسان ابناء فلسطين على الخصوص لانهم المعنيون الاساسيون في هذا الامر فانهم ليس فقط اعلنوا رفضهم للقرار بل انهم اعلنوا حالة الاستنفار العام والتي بدت بوادره بحالة الغضب الشعبي الذي عمت كل فلسطين بحيث امتدت الى داخل الكيان الغاضب. ومن الطبيعي فان ردة الفعل الغاضبة هذه قد تترك اثارها وبصماتها عن الاوضاع وتحدث تغييرات غير مترقبة.
ولكن والذي يؤسف وكما اشارت التقارير الاخبارية ان ترامب لن ولم يجرؤ عن القدوم على اتخاذ هذه الخطوة لولا السكوت والصمت والتخاذل للنظام العربي، وكانه اعطى ضوءا اخضر للرئيس الاميركي. وقد لا يكون ذلك مستغربا فعندما تقوم السعودية والامارات وبعض مشيخات الخليج الفارسي. بالدعوة لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني وتقديم الدعم السياسي والتسليحي ودفعه لشن الحرب على المقاومة الفلسطينية فلا نستغرب اذن من ان تصفق لترامب عندما يتخذ مثل هذا القرار.
وفي نهاية المطاف فان قرار ترامب هذا سيحدث تغيير وتطور خطير في اوضاع المنطقة لانه وبالدرجة الاولى لا يمكن للمقاومة ومن يقف وراءها ان يضعوا يدا على يد وان تترك الامور تسير كما هي، بل وكما تشير التصورات القائمة انهم سيحرقون الارض من تحت اقدام الصهاينة اولا ومن ثم يتم نقلها الى المنطقة والعالم وذلك باستهداف المصالح الاميركية وبالطرق وبالاساليب التي تجبر ترامب على التراجع المخزي، وكما يقال فان الايام القادمة ستكون حبلى بالاحداث التي ستغير المعادلة القائمة بحيث ينحسر فيه الدور الاميركي من المنطقة والى الابد.