لماذا غامرت الكويت بالدعوة لعقد قمة دول مجلس التعاون؟
ما زال الغموض هو التّوصيف الأدق للوضع الحالي المتعلّق بانعقاد قمّة دول مجلس التعاون الـ38 في العاصمة الكويتيّة، الذي تقرّر يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، رغم إعلان الحكومة الكويتيّة أمس أنّها أكملت استعداداتها لاستضافتها في الموعد المقرّر، ووجّهت الدعوات رسميًّا إلى قادة دول المجلس للحضور.
سلطان عمان قابوس بن سعيد وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني كانا الوحيدين من بين القادة اللذين أعلنا تلقّيهما الدّعوة رسميًّا عبر سفيري الكويت في الدّوحة ومسقط، بينما تَجاهلت جميع الدول الأُخرى، وخاصّة السعودية وحلفاؤها النبأ كلياً، ولم تتطرّق إليه في جميع وسائلها الإعلاميّة الرسميّة أو غير الرسميّة، إلا في حالات نادرة.
صحف كويتيّة أبدت الكثير من التّفاؤل، وأكّد بعضها، أن القمّة ستُعقد وستكون كاملةَ النّصاب، ولكنّها لم تقدم أيَّ سبب أو تصريح رسمي يُعزّز هذا التّفاؤل،وسط تكتم رسمي غير مسبوق في مثل هذه الحالات.
الرّد السعودي، سواء كان سلباً أو إيجابًا، سيكون حاسمًا في أمر هذه القمّة، فإذا كان سلبًا، فهذا يعني حتمًا عدم انعقادها، وربّما تأجيلها، وإذا كان إيجابًا، فهل يكون التّمثيل على مُستوى الملك سلمان، أو وليّ عهده محمد بن سلمان، أم على مستوى وزير الخارجيّة عادل الجبير؟
حتى الموقف القطري نفسه يتسم بالغموض ، فوكالة الأنباء القطريّة التي بثّت نبأ تلقي الأمير تميم الدّعوة، لم تقل ما إذا كان قد قبلها وسيتوجه إلى الكويت بالتّالي، وتركت السّاحة مفتوحة للتكهّنات، واتّخذت سلطنة عُمان الموقف نفسه تقريبًا.
من المفترض أن يوميّ الجمعة والسبت عطلة أُسبوعيّة في منطقة دول مجلس التعاون، ومن المفترض أيضًا أن يسبق موعد انعقاد القمّة اجتماع لوزراء خارجيّة دول المجلس في الدّولة المضيفة، أي الكويت، لوضع جدول الأعمال، وإعداد البَيان الختامي، ولم يصدر أي تحرك يشير الى هذه الاجتماع في اي من الايام الاربعة المقبلة التي تسبق القمة
على ضوء ما تقدّم يُمكن الاستنتاج بأنّ دولة الكويت التي تعبت من عدم التّجاوب بشكل إيجابيّ مع جهود وساطَتِها في الأزمة القطرية، طفح كيلها، وقرّرت الإقدام على توجيه الدّعوات في هذه العُجالة لسببين رئيسيّين في اعتقادنا:
الأول: أن تكون أقدمت على توجيه الدّعوات وعبر السّفراء، وليس عبر وزير الخارجيّة، لأنّها قرّرت أن تلقي بالكُرة في ملعب الدّول الأعضاء، وتَحمّل مسؤوليّة انعقاد هذه القمة أو تأجيلِها على عاتقها ، وتُبرّئ نفسها من أيِّ لوم.
الثّاني: أن تكون الكويت قد عقدت صفقة خلف الكواليس لانعقاد القمّة حضور قطريّ مخفض المستوى، وبدون مشاركة الأمير تميم، وبما يؤدّي إلى سحب "الفيتو" السعودي الإماراتي البحريني، وبِما يؤدي إلى مشاركتها جميعًا في القمة كحل وسط إكرامًا لدولة الكويت واميرها صباح الأحمد الصباح، أو أن قطر قدّمت تنازلات مهمة على صعيد التّجاوب مع جميع، أو معظم ، مطالب السعودية وحلفائها حملها شقيقا امير قطر بن جاسم وجوعان، أثناء زيارتهما المُفاجئة للكويت قبل أُسبوع.
لا يمكن ان نرجح اي من الخيارين أو السببين، لأن المعلومات المتسربة حول هذه "المُعضلة" ما زالت شحيحة، ولا تَخرج عن الاجتهادات والتّسريبات، وفي الصّحافة الكويتيّة على الأغلب، ولكن حتى نكون في موقع آمن مهنياً ، نقول أن الثماني والأربعين ساعةً المقبلة ستكون حاسمة في هذا المضمار، وما علينا، مثل الكثيرين غيرنا سوى الانتظار.
رأي اليوم