الصحف الاجنبية: المصلحة الاميركية تفرض على واشنطن عدم تأييد كل ما يقدمه محمد بن سلمان
رأت صحف اميركية بازرة ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب بدء يؤيد بعضا من السياسة الروسية حيال الملف السوري، خاصة بعد اعلانه وقف إمداد السلاح لـ"قوات سوريا الديمقراطية". واعتبرت هذه الصحف ان مقاربة ترامب تمهد لزوال القيادة الاميركية للعالم بشكل نهائي.
وشدد مسؤولون اميركيون سابقون على ان المصلحة الاميركية تقتضي عدم الاصطفاف مع كل ما يقوم به ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مؤكدين ان الفكر الوهابي يعد "إرهابا دوليا" انتشر حول العالم وتسبب بشكل غير مباشر بمقتل جنود اميركيين في النيجر. واستبعد مسؤولون أميركيون سابقون آخرون ان يتمكن زوج ابنة ترامب "Jared Kushner" من ابعاد القضية الفلسطينية عن الواجهة من خلال العمل على تعزيز العلاقات بين السعودية وكيان العدو.
سياسات ترامب في سوريا تعجّل في انهاء الزعامة الاميركية للعالم
وفي التفاصيل، كتب مجلس تحرير صحيفة "واشنطن بوست" مقالة، رأت فيها ان التعانق بين الرئيسين الروسي فلادمير بوتين والسوري بشار الاسد في مدينة سوتشي الاسبوع الفائت هو بمثابة احتفال من الجانب الروسي لإنقاذه الدولة السورية من الهزيمة العسكرية وتمكينها من تحقيق سلسلة من الانتصارات ضد ما يسمى بـ "المعارضة" التي يدعمها الغرب.
واعتبرت الصحيفة ان التعانق بين الرجلين يوضح أهداف بوتين من العملية الدبلوماسية المقبلة، إذ قالت الصحيفة انها تتمثل بـ"بقاء النظام في السلطة الى اجل غير مسمى، وتوفير منصة جديدة لروسيا في الشرق الاوسط وتهميش الولايات المتحدة"، على حد تعبيرها.
واشارت الصحيفة إلى ان الرئيس الاميركي مستعد لتقديم المساعد لروسيا في هذا الاطار، مضيفة ان "ذلك سيؤدي إلى تعزيز الوجود الايراني في سوريا"، ولفتت إلى انه بعد الاتصال الهاتفي بين ترامب وبوتين أيد الأول الخطط الروسية في سوريا،كما ان السعودية تؤيد هذه الخطط اذ انها عقدت اجتماعاً لعدد من جماعات "المعارضة" من اجل تشكيل فريق تفاوضي مشترك بعد ان ابعدت من رفضوا بقاء الرئيس الاسد في السلطة.
وذكرت الصحيفة ان البنتاغون يسعى إلى الاحتفاظ بدوره في العملية السياسية من خلال إبقاء قوات اميركية في شمال شرق سوريا من اجل "تقديم الإستشارة إلى القوة الكردية العربية (قوات سوريا الديمقراطية) التي تسيطر على اهم حقول النفط"، مشيرة إلى ان ترامب وعد نظيره التركي رجب طيب اردوغان بانه سيوقف إرسال السلاح إلى الاكراد، وقالت ان "هذا القرار قد فاجأ معاوني ترامب انفسهم".
ورأت الصحيفة ان روسيا حلّت مكان الولايات المتحدة كـ "قوة جامعة" في "اهم نزاع بالشرق الاوسط"، مضيفة سيتخذ خطوة اخرى تدل على انه يذعن امام الكرملين"، وقالت ان "موقف ترامب يسرع عملية انهيار قيادة اميركا للعالم"، على حد قولها.
وفي سياق متصل، كتب السفير الاميركي السابق لدى حلف "الناتو" "Robert Hunter” مقالة نشرت على موقع "LobeLog”، اعتبر فيها ان "المواقف الاميركية تجاه إيران تشبه المواقف تجاه نظام صدام في العراق في حقبة جورج بوش الإبن في الفترة التي سبقت الغزو الاميركي للعراق"، مشيراً إلى "كلام مشابه يدور عن نوايا ايران "العدائية" و "تهديدها لجيرانها" و "سجلها السيء في مجال حقوق الانسان"، حسبما يزعم الكاتب.
ورأى الكاتب ان "احتمال اندلاع الحرب مع ايران يزداد يوماً بعد يوم"، مضيفاً ان "واشنطن تبنت الخطاب السعودي بالكامل". واشار ان ذلك ينعكس على سياسة ادارة ترامب لجهة دعم السعودية في حربها على اليمن، وقال إن "الولايات المتحدة اتهمت ايران بانها الدولة الراعية للإرهاب الاولى في العالم، بينما تغض الطرف عن دور "السعوديين الوهابيين في هذا المجال".
وشدد الكاتب على ان الارهاب المستوحي من السعودية هو "بالفعل ارهابا دوليا يمتد من جنوب شرق آسيا إلى عمق افريقيا و يتحمل مسؤولية مقتل اربعة جنود اميركيين مؤخراً في النيجر".
وفي ما يتعلق باستعداد ولي العهد محمد بن سلمان للتوصل إلى تسوية مع كيان العدو، قال الكاتب ان "الهدف من ذلك هو تعزيز العمل الثنائي (بين السعودية و كيان العدو) ضد اعداء مشتركين مثل ايران و حزب الله وتحطيم اي آمال لدى الفلسطينيين بتحقيق تسوية تقوم على "حل الدولتين".
واعتبر الكاتب ان "ذلك قد ينجح على الامد القصير"، لكنه شدد في المقابل على ان فرص تصفية القضية الفلسطينية عبر هذا النهج هي شبه معدومة، لكوها ستبقى من اهم القضايا بالنسبة لرأي العام العربي.
وحذر من ان "العملية لن تنجح من دون تداعيات سلبية كبرى، بما في ذلك خطر اندلاع نزاع جديد في الشرق الاوسط سيجبر الولايات المتحدة على الدخول فيه".
وبالنسبة للمصالح الاميركية، اعتبر الكاتب ان "جعل السياسة الاميركية تؤيد رغبات ابن سلمان قد يكون وصفة لنزاع كبير جديد في الشرق الاوسط، ما سيضر بالمصالح الاميركية"، وأشار إلى انه لا تزال هناك امكانية لتفادي كارثة اخرى"، معتبرا انه "لا يوجد اي مؤشر يفيد ان ادارة ترامب وعددا كبيرا من اعضاء الكونغرس وبعض الشخصيات من خارج الإدارة الاميركية المعادين لايران، هم في صدد تبني مقاربة تضع بالفعل اميركا اولاً".
شكوك بامكانية نجاح مساعي "Jared Kushner” في اطار تصفية القضية الفلسطينية
بدوره، كتب مستشار وزارة الحرب الاميركية السابق المدعو "Dov Zakheim” مقالة نشرت على موقع "National Interest”، شكك فيها بقدرة "Jared Kushner” (زوج ابنة الرئيس الاميركي دونالد ترامب و احد مستشاريه) إنجاح تسوية "النزاع الاسرائيلي الفلسطيني" من خلال التطبيع بين السعودية و كيان العدو.
واشار الكاتب الى ان "منتقدي "Kushner” يقولون انه اعطى محمد بن سلمان الضوء الاخضر لاعتقال عدد من الامراء السعوديين البارزين ، ولمَّح له ان إدارة ترامب لا تمانع قيام السعودية بدفع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الى اعلان الاستقالة.
وتابع الكاتب انه "ليس واضحاً ما اذا كان "Kushner” يدرك بان السعوديين وحكومة نتنياهو لديهم اجندات خاصة لا تصب في مصلحة اميركا"، مضيفا ان "الاشارات التي تأتي من الرياض تفيد ان بن سلمان يأمل بان يقوم الاسرائيليون بمهاجمة حزب الله"، لكنه لفت في المقابل إلى ان لدى نتنياهو حساباته الخاصة. واشار إلى ان المدعي العام الصهيوني يحقق في علاقة نتنياهو بملفات فساد، والى ان حلفاء نتنياهو يعملون من اجل منع توجيه قرار اتهامي اليه".
وشدد الكاتب على انه "ما من شك بان آخر ما تحتاجه الولايات المتحدة في الوقت الحاضر هو نزاع جديد في الشرق الاوسط، خاصة في ظل الحروب التي تدور في سوريا و اليمن وليبيا وتزايد نفوذ كل من روسيا و ايران في المنطقة على حساب الولايات المتحدة".
الكاتب اكد ان الاسرائيليين ليس لديهم اي رغبة حالياً بمهاجمة حزب الله، مشيراً الى ان أدى إلى احباط سعودي. وقال : "في ظل عدم قيام كيان العدو بمهاجمة حزب الله، لا يبدوا ان هناك حوافز كبيرة للسعوديين للضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للدخول في مفاوضات التسوية". واستبعد ان يبادر نتنياهو ببدء جولة مفاوضات جديدة من دون ان تتخذ السعودية الخطوة الاولى".
ولفت الكاتب الى ان اغلب هذه النقاط لم تخطر على بال "Kushner”، مشدداً على ان ترامب بحاجة إلى شخص ذو تجربة طويلة. واكد انه حان الوقت ليتراجع "Kushner” ويتوقف عن "التدخل في الشرق الاوسط".