حكومة ومجلس اميركا الثوريتان!
حسين شريعتمداري
"الثورية" يمكن اختصارها في الالتزام بمبادئ وثوابت معينة، وعدم التراجع عنهما في القول والفعل.
فان اتفقنا بان هذا المعنى للثوري والثورية، وهو الدارج عليه، فمن المؤسف ان نقول ـ مع الاعتذار سلفا ـ ان حكومة ومجلس اميركا اكثر ثورية من حكومتنا ومجلسنا! لا تستغربوا فليس الكلام عن ماهية المبادئ والثوابت التافهة والمعادية للانسانية، التي تؤمن بها الحكومة والمجلس الاميركي، فمن البديهي ان مبادءنا وثوابتا ليس لاتقاس بمبادئ اميركا وحسب بل يصل الاختلاف الى حد التقابل والتضاد، والاختلاف ما بين السماء والارض. الا ان ما نقصده، وتدل جميع القرائن والوثائق عليه دون اي شك، وهو ما يؤيد استنتاجنا في هذه المقالة، لهو امر آخر نشير اليه كالآتي!
الف: ان اميركا قد اعلنت بصراحة ان واحدة من الابعاد الستراتيجية لها اسقاط الجمهورية الاسلامية الايرانية، وهذا البعد لا يتغير بتغير الستراتيجية.
في هذا الجانب فان الجمهورية الاسلامية الايرانية لديها مئات الادلة الدامغة ان اميركا هي العدو الاساس لها وقد بان لها ان الخصم لا يفكر سوى بقلب النظام والهيمنة على الشعب بمخالبه الدموية.
باء: ولنلق نظرة سريعة على ما يجري فما الذي نراه؟ ففي تلك الجهة، نجد الحكومة والمجلس الاميركي قد وظفتا كل الامكانات لمواجهة ايران الاسلامية، ولا تغفل (اميركا) عن اي امر لاسقاط النظام الاسلامي. فالحكومة الاميركية تعزف كل يوم نغمة جديدة ضد بلدنا، ومازال الكونغرس المتألف من مجلس الشيوخ والبرلمان لم ينفض الغبار عن يديه في فرض عقوبات اقتصادية حتى فرض عقوبات جديدة، اذ يتابع بجد عقوبات على البرنامج الصاروخي وعقوبات تسمى "ام العقوبات" وهي الاحدث و...
ولكن في هذه الجهة، ما الذي يشغل حكومتنا ومجلسنا؟ فالحكومة لم تفعل شيئا حيال النقض المتكرر للاتفاق النووي من قبل اميركا، فيما تؤكد وزارة الخارجية الايرانية في تقرير ان اميركا قد نقضت 18 مرة خطة العمل المشترك ولكن لا توضح لماذا تسكت حيال هذا النقض؟! والآن وقد تبين صوابية تقييم المنتقدين للاتفاق النووي، فبدل ان تغير الحكومة مسارها نجدها تسعى للتوصل الى خطة عمل مشترك ثانية و...
جيم: وسؤال يطرح نفسه. اليس تطاول العدو والمؤامرات المتتالية لحكومة ومجلس اميركا ضد بلدنا بسبب عدم اعتباره حكومتنا ومجلسنا ثوريا؟! فاذا كان عمل الحكومة والمجلس ثوريا فهل كانت اميركا تتجرأ لتفعل كل ما تفعله وتقول ما تشاء؟ والجواب دون ادنى شك كلا. فلسنوات متوالية تقوم الحكومة والكونغرس الاميركي بكل قدراتها بمهاجمة ايران الاسلامية وكيلها التهم، فيما لا نسمع من هذا الجانب اي صوت اعتراض مؤثر!
وبذلك من البديهي ان ترى اميركا ان الطريق امامها سالكة لافراغ حقدها على ايران الاسلامية وعلى شعبنا الشريف!
دال: لنمعن النظر في توجيهات سماحة قائد الثورة المعظم، خلال كلمة بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لرحيل الامام (ره)، حيث اورد دلائل واضحة دامغة يدركها الجميع: "وان كانت الثورة مؤلفة من كلمة واحدة الا انها تنطوي حقائق لا تعد ولا تحصى، وان امام الثورة يعني رائد كل هذه الخصوصيات التي تتضمنها كلمة الثورة، والقوى المعادية لطالما كانت ممتعضة من الامام، وبالطبع يهابون الامام العظيم لاجل هذه الخصوصية: فكانوا اعداء خصوصية الامام الثورية..
والضغوط التي تمارس بسبب ثوريته...
وبالطبع الضغوط التي تمارس بحجج مختلفة، فمرة بذريعة النووي، واحيانا بذريعة حقوق الانسان وغيرها، الا ان حقيقة الامر تكمن في ان خوف اعداء الشعب الايراني واعداء ايران الاسلامية للخصوصية الثورية، وهو ما يقلقهم.
ولا ادل على ذلك ما قال مؤخرا احد الساسة الاميركان: ان ايران يفرض عليها العقوبات لاجل ثورتها الاسلامية، فاساس العقوبات تعود لثورة عام 1979!".
واستطرد سماحته بالقول:
"بعد رحيل الامام، كان النجاح حليفنا كلما تحركنا بخصوصيتنا الثورية، واين ما غفلنا عن هذه الثورية والتحرك الجهادي فشلنا وتراجعنا".
ان نماذج للدور الريادي للتحرك الثوري ان كان كثيرا ويطول الحديث عنها، لكننا نكتفي بواحد اكثر وضوحا، وهو مطروح الان امام الجميع؛ فالاقتدار الاقليمي للجمهورية الاسلامية الايرانية غرب آسيا قد تحول الى استعراض لفشل وعجز اميركا وحلفائها بشكل متتالي، مما جعل الخصم يستفيد من كل آليات الضغط لديه الا انه ليس لم يتمكن من ايقاف الحركة الثورية للحرس الثوري الاسلامي وحسب بل اضيفت حالات فشل جديدة لقائمة الخيبة الاميركية يوما بعد آخر.
فعدم مبالاة الحرس الثوري لتهديدات اميركا، واستخدام الصواريخ الدقيقة لاستئصال ارهابيي داعش، اثبتت ان اميركا اعجز من ان تصمد في هذه الجبهة. اذ ان فشل اميركا واسرائيل في اعلان استقلال اقليم كردستان العراق، وهو من ثمرة جهود الحضور المقتدر للجمهورية الاسلامية لاسيما الحرس الثوري الاسلامي،واللواء قاسم سليماني، بمثابة اقرب وثيقة عن مدى تاثير الحركة الثورية مقارنة بالتفلت والانفعال، وهنا ينبغي القول:
لو لم يكن لاميركا وحلفائها رهبة من الحضور المقتدر والتعامل الثوري لابناء حزب الله من شعبنا المضحي والحرس الثوري الاسلامي، لما ترددوا لحظة واحدة في اعمال الخيار العسكري على ايران.