أميركا في مستنقع الوحل العراقي
مهدي منصوري
تعيش الدبلوماسية الاميركية اليوم في حالة من الهسترية وعدم التوازن من خلال التصريحات المتناقضة التي تصدر بين الفينة والاخرى على لسان المسؤولين او غيرهم.
وكما معلوم ان اميركا التي ازفت على الافول كما قال السيناتور ماكين بسبب السياسات الهوجاء التي يتبعها ترامب والتي لا تضع في حساباتها اي لغة للتفاهم ولاتخضع لابسط قواعد الدبلوماسية، بل قائمة على التهديد والوعيد بما تدل على حالة الضعف التي وصلت اليه هذه الادارة.
ولا نغفل وكما يعلم الجميع ان اندحار المجموعات الارهابية المدعومة اميركيا وصهيونيا وبهذه الصورة المخزية قد افقد الاميركان وداعميهم صوابهم وخلط الكثير من اوراقهم وحساباتهم بحيث لايمكن اعادتها الى ما كانت عليه.
ومن هنا فانها لجأت الى اسلوب حاولت من خلاله واثناء احتلالها الى العراق ان تحقق اهدافها التي رسمتها الا وهو الضرب على الوتر الطائفي والمذهبي من اجل تمزيق وحدة الشعب العراقي بالدرجة الاولى وشعوب المنطقة الاخرى.وبالامس اعادت نفس النغمة عندما قال تيلرسون الى العبادي اثناء اجتماع الرياض وبوقاحة منقطعة النظير وبالضرب على نفس الوتر العنصري والطائفي من انكم عرب وايران فرس فلابد ان تلتحموا مع السعودية التي هي عربية وابتعدوا عن ايران كونها فارسية وكأنه يريد ان يقول وبالحرف الواحد ان تنازلوا عن مذهبكم واعتقاداتكم الشيعية واتجهوا نحو السعودية السنية.
الا ان الوعي الكبير الي تعامل فيه الشعب العراقي مع هذا الاسلوب الهمجي الرجعي قد وضع واشنطن في الزاوية الضيقة ولم تستطع ان تحصل على شيء. بل خسرت موقعها في العراق وبالصورة التي اخرجت قواتها وبصورة ذليلة.
ورغم ذلك فان الاميركان كانت لديهم وسائل بديلة أخرى كانوا يعتقدون انهم وباستخدامها يستطيعون الوصول الى هذا الهدف وهي المجموعات الارهابية وبعض الاطراف السياسية العراقية التي باعت نفسها للشيطان. الا ان جهل الاميركان بالواقع العراقي والذي تمثل بالموقعية التي تحظى به المرجعية العليا وهي الحارس الامين لهذا البلد، والتي استطاعت بحكمتها ودرايتها ان تقف بالصف من الشعب العراقي وتقدم لهم ما يمكن ان يحفظ وحدتهم وقرارهم السياسي مما كان له الدور الاكبر في افشال المشروع الاميركي الصهيوني. وقد تجلى هذا الامر بوضوح عندما عملت واشنطن وبالتعاون مع الصهاينة والسعودية وبعض الاطراف السياسية العراقية على ادخال المجاميع الارهابية وفي المناطق التي اصبحت حاضنة لهم من اجل ان يشكلوا ضغطا عسكريا وسياسيا على بغداد لكي تخضع لارادتهم والوصول الى تغيير العملية السياسية الحالية وبالصورة التي تنسجم وتتلائهم مع الرؤى الاميركية الصهيونية. ولكن وبعد الفتوى التأريخية والتي جاءت كالصاعقة قد تغير كل شيء واخذت البوصلة تتجه في جانب آخر يخالف تماما لما كان يأمله كل المعادين للعملية السياسية العراقية، لان الانتصارات الكبيرة على المجاميع الاميركية الارهابية داعش وغيرها وتحرير المدن منهم وبصورة قياسية وغير متوقعة رغم كل الدعم المادي واللوجستي والسياسي وغيره وضع هؤلاء المعادين في حيرة من أمرهم وافقدتهم صوابهم.
ولذا حاولت اميركا اخيرا وبفذلكة جديدة ومن اجل احتواء الامر بالجمع بين بغداد والرياض في اجتماع قد وضحت اهدافه الا وهو وضع العراق تحت العباءة الاميركية من خلال الطريق السعودي واخذت واشنطن تصدر الاوامر وكان هذا البلد هو محمية من محمياتها وبمطالبات لايمكن ان تحقق خاصة طرد ما اسمته بالميليشيات الايرانية وهي تقصد ابطال الحشد الشعبي، ووصلت حماقة الاميركان حدا انها اعلنت وفيما اذا انتهت قضية داعش فانها ستعمل هذه على طرد العراقيين ابناء الارض الذين اذاقوا الارهاب مرارة الموت من بلدهم.
واخيرا فعلى الاميركان أن يدركوا جيدا وهم يفهمون الصورة وبوضوح ان الارهاب وبتعاظمه وقوته لم يستطع ان يقف بوجه ابطال الجيش والحشد الشعبي العراقيين، فلذلك فالمواجهة معهم قد يكون أسهل بالكثير من "داعش" لان المرتزقة والقتلة الذين جيء بهم سينهارون امام اول صاروخ يدك مواقعهم وهو ما شاهده الجميع ابان احتلالهم للعراق.