ويبقى القرار عراقيا
مهدي منصوري
تناولت رسالة من الملك السعودي السابق فيصل بن عبدالعزيز الى رئيس الولايات المتحدة ليندون جونسون قبل حرب عام 1967، والتي تعد وثيقة مهمة تعكس التصور السعودي والتي اعتبرت خريطة طريق لاميركا لما عليها ان تفعله في بعض دول المنطقة كسوريا وفلسطين والعراق. وقد نشرت هذه الوثيقة في كتاب "عقود من الخيبات " للكاتب حمدان حمدان وفي الصفحات 489 ـ 491 والامر الذي يهمنا من هذه الوثيقة فيما يتعلق بالعراق والذي اوضح فيه الملك السعودي فيصل رؤيته للرئيس الاميركي جونسون بالقول "نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرزاني شمال العراق بفرض اقامة حكومة كردية مهمتها اشغال اي حكم في بغداد يريد ان ينادي بالوحدة العربية شمال مملكتنا في ارض العراق سواء كان في الحاضر او المستقبل، علما باننا بدأنا منذ العام الماضي (1965) بامداد بارزاني بالمال والسلاح من داخل العراق او عن طريق تركيا او ايران".
مما تقدم يعكس وبصورة لا تقبل النقاش ان ما عملته اميركا ولازالت تعمله لم يكن سوى مخطط اجرامي قد احكمت حلقاته الواحدة بعد الاخرى للوصول الى الهدف الاسمى الا وهو تقسيم هذا البلد الى دويلات بحيث يضع مشروع بايدن ماثلا للعيان.
ولم يقف الامر عند هذا الحد بل كشفت الصحف الاميركية اخيرا وبعد تحرير كركوك من قبل القوات العراقية مدعومة بالحشد الشعبي امرا مهما للغاية قد لايمكن ان يدور في ذهن اي اجد بوصفها الادارة الاميركية بانها خذلت حلفائها في كركوك وذهبت الى حد القول انه "اذا كان ترامب يريد مواجهة ايران فعليه ان يبدأ من كركوك". وعلى نفس الاسلوب والنهج جاءت تصريحات رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو، اذن فدخول القوات العراقية وسيطرته على كركوك قد خلط الاوراق الاميركية والصهيونية والسعودية واربك هذه الدول وبصورة لايمكن تصورها او توقعها.
ولا نغفل ايضا ان نعيد للذاكرة ان واشنطن قد شكلت تحالفا دوليا ليس من اجل ان تدافع عن الشعب العراقي من خطر داعش بل من اجل حماية اربيل من ان لايطالها او يصلها داعش، ولذا يمكن القول ان استقلال كردستان لم يكن حلما كرديا بالاساس، بل هو حلم اميركي صهيوني لكي يكونوا عند اقرب نقطة لايران ليجعلوا من كردستان جولان اخرى.
ولكن وبعد الانتصارات الكبرى التي تحققت وفي سرعة البرق وتم تحرير مدينة كركوك بحيث اصبح مشروع تقسيم العراق امرا صعب المنال مما وضع كل اعداء العراق امام موقف صعب جدا. ولذلك فهم يحاولون تدارك ما يمكن تداركه من اجل ان لا يستمر التحرك العسكري العراقي ليبسط سيطرته على كل ارض العراق ليبقى موحدا ارضا وشعبا من خلال المحاولات والضغوط الاميركية المشبوهة التي تمارسها على الحكومة العراقية بالطلب منها ايقاف تحرك هذه القوات والوقوف عند معاقلها الحالية، وهي ليست جديدة على واشنطن لانها حاولت ومن قبل ان لايتم تحرير المدن العراقية من داعش الا ان القوات العراقية وباصرارها على تطهير بلادها من الاعداء استمرت في عملياتها البطولية الرائعة وحررت المدن الواحدة بعد الاخرى غير عابئة او مهتمة للرغبات الاميركية.
وبنفس المنوال فان الحكومة العراقية وكما اكدته تصريحات المسؤولين لايمكن ان توقف تحركات قواتها في مسك الارض وعدم السماح لاي قدرة او قوة كانت ان تجعل من العراق شوكة في خاصرة الدول المجاورة لها.