تمخض الجبل فولد فأراً
ما كشف عنه البيت الابيض بالامس حول ما يسمى بالخطوط العريضة لاستراتيجية الرئيس ترامب تجاه ايران، لم يتضمن في الواقع شيئا جديدا بل كان مليئا بالشتائم والاتهامات والمزاعم والاكاذيب وهذا يدل على افلاس ادارة الرئيس ترامب في مواجهة ايران اذا ما قارنا ذلك بين ما جاء في ما نشره البيت الابيض وما ذهب اليه ترامب والاعلام الاميركي خلال فترة الاخيرة من تصعيد خطر وغير مسبوق في الغاء الاتفاق النووي ووضع حرس الثورة الاسلامية على لائحة الارهاب، واذا بناء اليوم لم نشهد شيئا من ذلك مما اضطر تيلرسون وزير الخارجية الاميركي بعد نشر البيت الابيض لاستراتيجية ترامب للادلاء بتصريح يؤكد فيه ان اميركا لا تنوي الخروج من الاتفاق النووي او وضع الحرس الثوري على لائحة الارهاب بل كل ما يريده الرئيس ترامب فرض عقوبات جديدة ضد الحرس.
وما جاء في تقرير البيت الابيض حول استراتيجية ترامب تجاه ايران هو في الحقيقة تمهيدا لما سيقوله الرئيس ترامب في خطابه للحد من التوقعات الذي تركه من خلال تصريحاته النارية وغير المنطقية التي لم تجد طريقا للتطبيق وهذا ما يؤدي الى تراجعه كما حدث في قضايا كثيرة ويحاول الرئيس ترامب المأزوم والعاجز عن الغاء الاتفاقية لتداعياتها الكبيرة على سمعة الولايات المتحدة وكانتها على الصعيدين الدولي والاقليمي، الهروب الى الامام بالقاء الكرة في ملعب الكونغرس الاميركي، لكن الكونغرس هو الاخر في مأزق بسبب الانقسام الحاصل ليس في صفوف الديمقراطيين بل حتى في صفوف الجمهوريين باتجاه هذا الموضوع.
وحتى كتابة هذه السطور لم يصلنا شيء من خطاب الرئيس ترامب وما سيقوله حول الاتفاق النووي لكن ما سربه البيت الابيض حول الخطوط العريضة للاستراتيجية الاميركية تكشف بوضوح ان الرئيس ليس لديه اكثر من ذلك بل سيكرر الشتائم والاتهامات نفسها كمدخل للتملص من تنفيذ الاتفاق النووي لكن عليه ان يأخذ في الحسبان ردة الفعل الايرانية القوية التي جاء على لسان رئيس مجلس الشورى الاسلامي وهو في حال انتهاك هذا الاتفاق من الرئيس ترامب فلن يبقى شيء منه وهذا يعني ان التملص الاميركي هو بمثابة نقض الاتفاق وهذا لن تسكت عنه طهران وستتخذ الاجراءات اللازمة تجاه ذلك.
التحذيرات الروسية والصينية وحتى الاوروبية بدعوة ترامب للالتزام بالاتفاق النووي وتاكيدها هي على الالتزام بذلك ما دامت ايران تعمل بتعهداتها يدل على صوابية هذه المواقف واحترامها للاتفاقات الدولية، لكن طهران تعتبر ذلك غير كافية وعلى الدول الاوروبية ان تنفذ التزاماتها عمليا وتعوض عن الخسائر التي تنجم عن عدم الالتزام اميركا بتعهداتها تجاه هذه الاتفاقية.
ايران ليست بحاجة لشهادة من احد حول مصداقيتها ودورها الايجابي في تعزيز الامن والاستقرار الاقليمي والدولي وهذا ما يؤكده الواقع من خلال دورها العملي المشهود في مكافحتها للارهاب ودحرها لداعش في سوريا والعراق وهي بالتالي لاعب لايستهان به ولا يمكن لاية قوة ان تتجاوزه لما تتسم به من التعقل والحكمة في تعاملاتها الاقليمية والدولية.