الخطة الأميركية السعودية
غالب قنديل
"اليد التي ستمتد ستقطع " إنذار شديد من قائد المقاومة موجه إلى كل من واشنطن والرياض وتل أبيب وأذنابهم دفعة واحدة لحماية أمن لبنان ودفاعا عن سيادته.
ما هو المخطط الخطير الذي تحدث عنه السيد في كلمته والذي استدعى إنذارا بهذه الشدة ؟ حمل الخطاب جملة من المؤشرات حول طبيعة المخطط عرضها قائد المقاومة وبنى عليها موقفه ولا يمكن فصلها عن تحذيره السابق للكيان الصهيوني من أي مغامرة حربية جديدة ضد لبنان او سورية بعد تزايد المؤشرات والتهديدات والاستعدادات التي توحي بالإعداد الصهيوني والأميركي لحرب كبرى في المنطقة تقطع الطريق على اكتمال دورة انتصار محور المقاومة وتحكمه بالتالي في رسم المشهد الإقليمي بكليته وتفاصيله على السواء ويقوم المخطط حسب تمنيات مروجيه على كماشة أميركية سعودية سياسية ومالية لإضعاف المقاومة ولتفكيك تحالفاتها وخصوصا عبر النيل من موقع الرئاسة ومن علاقة الجيش بالمقاومة لتستكمل بحرب صهيونية أميركية كبرى تستهدف سورية ولبنان وربما تطال إيران أيضا.
ما استجد من المؤشرات يتعلق بحركة التحريض والضغوط السعودية لإعادة لم شمل قوى الرابع عشر من آذار حول عصبية تصادمية ضد حزب الله وبالحملة الأميركية التي تستهدف بموازاة حزب الله الرئيس العماد ميشال عون وغايتها الضغط عليه عبر تصويره كظل لحزب الله انطلاقا من رعايته للفكرة التي جاهر بها قبل الرئاسة وبعدها عن إيمانه بتكامل الجيش والمقاومة في منظومة وطنية للدفاع عن لبنان ضد العدوان الصهيوني والتهديد الذي يجسده الإرهاب التكفيري وقد تزامنت التحركات الأميركية السعودية والتهديدات الصهيونية بالحرب مع انتصارات محور المقاومة في سورية والعراق ولبنان حيث دحرت عصابات القاعدة وداعش وأسقط الرهان الأميركي على إدامة استنزافها للمنطقة ما يزيد العشرين عاما.
لأن حزب الله لعب دورا مهما في هذه المجابهة وابتكر وسائل ردع فعالة وحقق إنجازات باهرة ضد الأذرع الصهيونية التكفيرية فإن جانبا مهما من خطة الرد يستهدف الحزب ومعادلة القوة التي يستند إليها في لبنان وخصوصا موقع رئاسة الجمهورية بعد انتخاب العماد ميشال عون المشهود له بالاستقلالية والحزم اللذين اختبرهما الأميركيون مباشرة بعد اتفاق الطائف مع الجنرال الذي بدا جاهزا باستمرار لتحدي العالم بأسره دفاعا عن مبادئه وهو لا يزال على هذا النحو من التفكير والقرار كما جزم السيد نصرالله في كلمته فالرئيس عون لا يساير او يساوم ولا يهاب التحدي في كل ما يقتنع بأنه مصلحة وطنية لبنانية.
التلاعب بالداخل اللبناني له مساربه ومنافذه بكل تأكيد من خلال بعض القوى والأطراف اللبنانية ولكن أي مغامرة أيا كان شكلها ستكون انتحارا أمام التوازنات الراسخة التي تتعاظم حصانتها وقوتها وتؤكد ذلك القراءة الواقعية للتوازن الداخلي الذي سيحتم انكسار أي عبث بالوضع الأمني وأي محاولة لإثارة الاضطراب السياسي بفعل الحاجة الوجودية لاستمرار سائر الأطراف ضمن التركيبة الحكومية القائمة كصيغة للمساكنة الممكنة بانتظار الانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2018 والتي تدفع البعض إلى تصعيد التحريض الطائفي والمذهبي بوهم مضاعفة الشعبية وما يسمى تقليديا "شد العصب".
تتشعب حملة استهداف المقاومة وعلاقتها بالجيش اللبناني وتتخذ أشكالا ومسميات مختلفة ومن الواضح ان الغيظ والتهور يسيطران على مواقع التخطيط الأميركية الصهيونية التي تقود الحملة وتوجه أدواتها في لبنان وليس أدل على ذلك من مقالة ديفيد شينكر الصديق المقرب من قيادات 14 آذار والتي نشرها موقع "أميركان انترست " وموقع معهد واشنطن التابع للوبي الصهيوني وأعطاها عنوان " شبح إيران في لبنان " وروج شينكر من خلالها لعبارات تتوخى بث التحريض المذهبي معتمدا على اكاذيب وفبركات أشدها وضوحا زعمه أن الوزير السابق ميشال سماحة خارج السجن وهو السجين الذي حوكم على الظن بتهمة لم تبلغ مرحلة الشروع بالتنفيذ بينما حجب عن محاكمته شاهد الإثبات المزعوم وصمتت بالمقابل جميع قوى الثامن آذار بمن فيها حزب الله عن استفراد سماحة والتغاضي عن سياسيين مرتكبين ومتورطين بقوة في دعم الإرهاب لم يمسهم القضاء وهم اقترفوا جرائم حماية الإرهابيين وتقديم التسهيلات والخدمات العسكرية والأمنية والإعلامية لهم بما فيها شحنات البحر والجو السعودية والقطرية من السلاح والذخائروتسخير شبكة اتصالات تملكها الدولة في خدمتهم واستعمال سيارات وتسهيلات امنية رسمية في بعض انشطة الإرهاب وهذه وقائع تناقلتها الصحف ووسائل الإعلام بكثافة دون أن يجرؤ أي كان من المعنيين على إنكارها بل تفاخربعضهم بها في البداية وثمة محاضر عديدة حفظت لأنها تتصل بتحقيقات في هذا النوع من التورط الذي يطال وزراءا ونوابا وشخصيات امنية وسياسية أسهمت في شروع الإرهابيين بتحويل لبنان قاعدة انطلاق إلى سورية وبالعمل على استهداف الجيش اللبناني وليست تحقيقات عرسال الأخيرة سوى الرأس الدقيق لجبل الجليد العريض.