الوقائع ستفرز آستانا يمنية
لو لا التغييرات الميدانية سواء على الساحات العراقية او السورية وبالذات اليمنية لما شهدنا هذا التغيير المفاجئ لقواعد اللعبة في المنطقة بان تشذ السعودية عن دورها التاريخي في المحور الاميركي والذي لم يكن يوما مسموحا لها في التوجه نحو الشرق خاصة روسيا لكن انكفاء الدور الاميركي في المنطقة والنكسات السعودية المتوالية في الدول التي ذكرناها وغيرها اضطرت في النهاية دق ابواب روسيا حيث نشهد ملك السعودية ولاول مرة في تاريخ هذه المملكة يحط ملكها في موسكو للبحث عن طوق نجاة بعد ان خسر جميع اوراقه وهو يستنزف اليوم تماما ليس لانه لم يحقق اي مكسب في الاراضي اليمنية فحسب بل فقد سيطرته حتى على حدوده وخسر الكثير من مواقعه العسكرية ومناطقه الحدودية وهو في نفس الوقت يواجه مأزقا كبيرا لعجزه عن مواجهة الصواريخ اليمنية التي باتت تغطي كل الاراضي السعودية وهذا هو المأزق الحقيقي الذي دفع بملك السعودية ان يطأطئ براسه لروسيا ويذهب برجله الى موسكو للبحث عن مخرج لمحنه وهو يعلم جيدا ان حل المسألة اليمنية سلميا يمر عبر طهران وبوابة موسكو.
السعودية التي ادركت مؤخرا وغيرها من الدول التي دعمت المجموعات التكفيرية خاصة داعش سواء في العراق او سوريا وبكل امكاناتها باتت اليوم مقتنعة بان داعش قاب قوسين وادنى من نهاياتها المحتومة ولم تحصد من عملها هذا سوى الخيبة والخذلان ولم يعد امامها سواء الاعتراف بهذه الهزيمة الساحقة التي لحقت بها لذلك تحاول جاهدة الحد من خسائرها والبحث عن موطئ قدم لها في المنطقة بعد ان خسرتها تماما لذلك لجأت للتوسل بموسكو عسى ان تسعفها في حظها العاثر.
ان ما يقلق السعودية بشدة هو اليمن الكابوس الاكبر الذي يثقل كاهلها ولم تعرف كيف تتخلص من هذا الكابوس لان قضيتي العراق وسوريا قد تخطتا الخطر وهما يشمران اليوم عن سواعدهما لمرحلة البناء والاعمار ولم تعد للسعودية دورا مؤثرا فيهما خاصة بعد اشتعال الازمة القطرية التي شتت المعارضة السورية في الرياض لدرجة اضطر الملك سلمان ووزير خارجيته الجبير الاعتراف في موسكو بان وجهات نظرهم متطابقة مع القيادة الروسية لحفظ دولة السورية.
ليس الصدفة هي التي دفعت بالملك سلمان للوقوف على عتبة موسكو بل تحركات الميدان خاصة في اليمن هي التي باتت تؤرق السعودية ويشكل هاجسها الاكبر وهي تبحث عن حل ينقذها وينزلها من الشجرة لانه في حال انهمرت الصواريخ اليمنية على السعودية ومنشآتها ومواقعها الاستراتيجية فلن يبق شيء من آل سعود والمملكة المسماة باسمهم ليقرر ابناء الجزيرة العربية مصيرهم وينتخبوا دولتهم المرتقبة.
موسكو التي تجيد اللعب الدبلوماسية واخراجها لمصلحتها بوجود زعيم محنك سياسيا كبوتين وهو في نفس الوقت خبير امني من الدرجة الاولى هل تستطيع ان تلعب دورها في حل القضية اليمنية كما فعلت ذلك في سوريا عندما اجتذبت تركيا اليها واستطاعت ان تقنعها من الاستدارة 180 درجة في القضية السورية فالسؤال المطروح هل توفق موسكو هذه المرة من ان تدفع بالسعودية لحضور الاستانا اليمنية المرتقبة بعد ان نجحت في التئام الاستانا السورية؟