تركيا وقصة العودة من البوابة الإيرانية: رهانات بارزاني وتل أبيب تسقط!
محمد علي جعفر
لا شك أنّ أهم نتيجة لخطوة استفتاء اقليم كردستان، ظهرت في طهران. عادت تركيا ومن البوابة الإيرانية، لتؤسس من جديد لتحالفٍ يتخطى هذه المرة المصالح الظرفية، ليصل الى مصالح تطال الأمن القومي للدول. فقد أخطأ المُخطط في تقدير الواقع والظروف. رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني وحيداً يحترق وزعامته الكردية. مطلب انفصال الأكراد بات عيباً ترفضه أغلب الدول. أميركا أمام مشهدٍ يُثبت دور إيران كعرَّاب للسياسات الإقليمية الوازنة؛ فالرهان على جعل الملف الكردي نقطة ضعف وتهديد، فَشِل، ليُصبح نقطة قوة وفرصة للتوحُّد ضد التقسيم وخلف إيران. معابر حدودية جديدة بين تركيا وإيران فُتحت، وتم إقصاء أربيل من معادلة الخط النفطي بين البلدين. باختصار، نجحت إيران وتركيا في تحويل التهديدات الى فرص. فماذا في نتائج اللقاء التركي-الإيراني؟ كيف فشل رهان البارزاني وتل أبيب؟ وما أهم الدلالات الاستراتيجية لذلك؟.
اللقاء التركي الإيراني وتحويل التهديدات الى فرص؟!
شكَّل اللقاء التركي الإيراني محط اهتمام صُناع القرار لما يترتب عليه من نتائج مهمة في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به المنطقة. ولعل أهم ما خرج به اللقاء، عودة التحالف التركي مع إيران من أجل إيجاد سياسات عملية تُساهم في توحيد الجهود لمنع المخاطر المشتركة، من خلال:
أولاً: التوافق على مواجهة مشروع تقسيم المنطقة، لما يعنيه ذلك من حماية للأمن القومي للدول.
ثانياً: التأكيد على مركزية دور كل من العراق وسوريا في المنطقة، وأهمية المحافظة على وحدة أراضيهم كمقدمة لمنع هذا التقسيم.
ثالثاً: تعزيز التوافقات الاقتصادية لما فيه صالح البلدين.
وهو ما يعني بالنتيجة عودة تركيا الى مربع التحالف الاستراتيجي مع إيران. الأمر الذي يُعد ضربة جديدة لأميركا والكيان "الإسرائيلي"، ويرفع من أوراق القوة لدى محور المقاومة الى جانب نتائج الميدان السوري.
أين فشل رهان البارزاني وتل أبيب؟!
عدة متغيرات ساهمت في فشل المخطط المشترك بين البارزاني وتل أبيب:
أولاً: ارتفاع الضغوطات الداخلية الكردية على البارزاني وحزبه، ووعي القيادات الكردية المعارضة لخطورة الأزمة التي دخل بها الأكراد وأثرها المرحلي والمستقبلي عليهم، على الرغم من ارتفاع التأييد الشعبي له.
ثانياً: استمرار المعارضة الأميركية للخطوة الكردية.
ثالثاً: التطورات العسكرية على الساحة العراقية وما حققه "الحشد الشعبي" من إنجازات لا سيما في المنطقة العسكرية المُطلة على كركوك. وهو ما له العديد من الدلالات والآثار لجهة القدرة على التقدم نحو أربيل.
دلالات وتحليل
عدة نقاط يمكن الخروج بها كنتيجة لما تقدم:
أولاً: احترقت الورقة الكردية والتي استخدمها البعض لابتزاز الدول الإقليمية، بعد أن ساهم البارزاني في وضع الأكراد في عزلة دولية، ما سيُساهم في إنهاء زعامته وتقوية الواقع الداعم للتمرد ضده مستقبلياً.
ثانياً: عادت إيران كعرَّاب للسياسات الإقليمية؛ حيث أن إيمان الأطراف الإقليمية وخصوصاً العراق وتركيا، بالطرف الإيراني وقدرته على إدارة الملف الكردي بما يتناسب مع مصلحة الجميع، يدل على حجم الغباء في قراءة البعض للواقع الذي تفرضه الجغرافيا السياسية لإيران وتحالفاتها الاستراتيجية مع الدول ودورها الإقليمي.
ثالثاً: عادت تركيا الى الساحة الإقليمية كلاعب يتميَّز بالقدرة العملية على إفشال المخطط التقسيمي لما يمكن أن تلعبه من دور في سوريا والعراق. وهو ما يحتاج لثبات تركي لا يسقط أمام المصالح الضيقة.
إذاً، من الواضح أن خطوة الاستفتاء، جاءت نتيجة حساباتٍ خاطئة. أو يمكن القول بأحسن الأحوال أنها لم تُفلح في تحقيق نتائج ملموسة كما أراد المُخطط. لكنها وعلى ما يبدو، ساهمت في تعزيز تحالفاتٍ ستكون في آثارها ونتائجها جزءاً من المعادلات الجديدة في المنطقة. معادلات دفعت بتركيا نحو إيران كما دفعت بالسعودية نحو روسيا. فماذا تحمل الأيام المقبلة؟..