الصحف الأجنبية: التصعيد الأميركي ضد إيران محفوف بالمخاطر
شددت صحف أميركية بارزة ودراسات جديدة صادرة عن مراكز دراسات أميركية على أن التصعيد الاميركي ضد ايران ينطوي على مخاطر كبيرة، في ظل الأنباء الجديدة التي أفادت أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب ينوي اعلان عدم التزام ايران بالاتفاق النووي.
وأشار صحفيون الى ندوة نظمها مركز دراسات معروف تابع لمعسكر المحافظين الجدد بمبنى الكونغرس الاميركي حضرها أعضاء من الكونغرس، وبحثت الندوة مزاعم متعلقة بما يسمى "نشطات حزب الله في أميركا اللاتينية"، اضافة الى دور حزب الله في سوريا وضرورة أن تنظر واشنطن في العمل "لطرده" منها.
تطرق مجلس تحرير صحيفة "نيويورك تايمز" الى الأنباء التي أفادت أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب سيعلن الأسبوع المقبل عدم التزام ايران بالاتفاق النووي، معتبرة أن هذه الخطوة ستكون خاطئة.
وعدّدت الصحيفة أسباب ذلك، مشيرة الى أن اعلان عدم التزام ايران يتجاهل نجاح سير الاتفاق، وان الوكالة الدولية للطاقة الذرية و حتى وزارة الخارجية الاميركية نفسها، إنما تؤكدان التزام ايران بالاتفاق.
كما حذرت الصحيفة من أن هذه الخطوة لن يرحب بها حلفاء اميركا، وستزيد الوضع سوءًا فيما يتعلق بملف كوريا الشمالية.
وأضافت الصحيفة إن "اعلان عدم التزام ايران بالاتفاق النووي يوجه "رسالة خاطئة الى ايران"، وهو يعدّ أمراً "خطيرا". ورأت أن ادارة ترامب دائماً ما تميل باتجاه شيطنة ايران و"تقديم التهديد الايراني بشكل خاطئ"، محذرة من أن ذلك من شأنه ان يؤدي الى مواجهة "خطيرة وغير ضرورية".
وشددت الصحيفة ايضاً على أن هذه الخطوة لا تساعد في الحرب على "داعش"، وقالت إن ما يتخوف منه هو ان تؤدي شيطنة ترامب لايران وعدم استعداده للانخراط مع الحكومة الايرانية، الى توسيع أهداف المهمة العسكرية الاميركية من هزيمة "داعش" الى منع تمدد نفوذ ايران. واعتبرت أن ذلك سيكون عملاً خطيراً، ويجب عدم التعاطي مع ايران على اساس انها "عدو عنيد"، بحسب تعبير الصحيفة.
الصحيفة رأت كذلك ان اعلان عدم التزام ايران بالاتفاق النووي "يتجاهل التعقيدات في المنطقة". وأضافت بان ايران ومن بعض النواحي تشكل هدفًا سياسيًّا سهلًا، اذ ان "السنة العرب" (بحسب تعبير الصحيفة) يشعرون بانهم "مهددون من قبل ايران"، بينما "يحتقر" الكيان الصهيوني إيران، وكذلك الامر بالنسبة للعديد من اعضاء الكونغرس.
الا ان الصحيفة شددت على ان النظرة المتصلبة العدائية هذه تجاه ايران هي مبسطة جداً، ولفتت الى ان سجل السعودية في مجال حقوق الانسان مثلاً ليس أفضل ابداً من سجل ايران، بحسب تعبير الصحيفة.
كما حذرت الصحيفة من أن تلويح ترامب "بهجر" الاتفاق النووي يقوض مصداقية اميركا كشريك تفاوضي ويضعف قدرتها على "قيادة العالم الحر".
وكتب الباحثان في معهد "كايتو" "Emma Ashford" و"John Glaser" دراسة نشرت على موقع المعهد المذكور تطرقت الى ما اسماه الكاتبان "مخاطر المواجهة مع ايران".
وتدقق هذه الدراسة بالاثمان التي تحملها أربع مقاربات سياسية تقوم على المواجهة مع ايران، وهي العقوبات و"العمليات العدائية الاقليمية"، و"تغيير النظام من الداخل" والعمل العسكري المباشر.
فيما يتعلق بالمقاربة الأولى المتمثلة بالعقوبات، اعتبرت الدراسة أنه من غير المرجح ان تنجح العقوبات في إنتاج تغير سياسي في ظل غياب هدف واضح او دعم دولي (وفق تعبير الدراسة). كما قالت ان العقوبات على الارجح ستلقى معارضة قوية من حلفاء اميركا في اوروبا وآسيا والذين لا زالوا يدعمون الاتفاق النووي.
أما المقاربة الثانية المتمثلة "بالتصدي لوكلاء ايران ونفوذها" (بحسب تعبير الدراسة)، فقد حذرت الدراسة من أن هذه المقاربة ايضاً "تحتوي على مشاكل". وقالت في هذا السياق إن "المعارضة المتماسكة والفاعلة لايران على صعيد المنطقة" شبه غائبة، وان هذه المقاربة تعزز المخاطر على القوات الاميركية الموجودة في المنطقة وقد تجر الولايات المتحدة اكثر فاكثر الى النزاعات الاقليمية.
وفيما يتعلق بمقاربة تغيير النظام في ايران، أشارت الدراسة الى أنه نادراً ما يأتي بنظام "ديمقراطي صديق"، سواء تم بشكل سري او علني. وتابعت بان عدم وجود مرشح مناسب ليتلقى الدعم الاميركي في ايران انما يفاقم هذه المشكلة.
وحذرت الدراسة من أن المقاربة الرابعة المتمثلة بالعمل العسكري المباشر ضد ايران من غير المرجح ان يأتي بنتائج ايجابية، وقد يؤدي الى تصعيد كبير. كما قالت ان العمل العسكري ضد ايران بعد "التوقيع الناجح على الاتفاق النووي" سيعزز الشبهات العالمية بان الولايات المتحدة تمارس سياسات تغيير الانظمة دون مبرر وانه لا يمكن الوثوق بواشنطن فيما يخص الالتزام بتعهداتها.
عقب ذلك، طرحت الدراسة استراتيجية بديلة لادارة ترامب وتقوم على الانخراط، واعتبرت ان مقاربة الانخراط تعني استمرار الالتزام الاميركي بالاتفاق النووي والسعي للانخراط المستمر مع ايران حول ملفات "ذات الاهتمام المشترك"، وفق تعبير الدراسة.
استحالة وقف تنامي نفوذ ايران اقليمياً
مجموعة صوفان للاستشارات الامنية والاستخباراتية أشارت في تقريرها اليومي الى أن اعلان ترامب عدم التزام ايران بالاتفاق النووي لن يؤدي تلقائياً الى انسحاب اميركي من الاتفاق، واوضحت انه وفي حال أقدم ترامب على هذه الخطوة، فسيكون أمام الكونغرس 60 يوماً للعمل على تشريع يعيد فرض عقوبات اميركية "ثانوية" على طهران. ولفتت المجموعة الى انه في حال تم تمرير مثل هكذا تشريع في الكونغرس وأصبح قانوناً، فان ذلك سيمثل وقف الالتزام الاميركي بالاتفاق النووي وسيكون بمثابة انسحاب اميركا من الاتفاق.
وبينما أشارت المجموعة الى أن تمرير مثل هكذا تشريع يتطلب فقط غالبية الاصوات المؤدية في مجلس الشيوخ، نبهت من أن وجود هذه "الغالبية" ليس أمراً مؤكداً أبداً. ولفتت الى أن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ يعتقدون ان الاتفاق النووي مع ايران حقق أهدافه ويعترفون بأن ايران تستجيب لشروط الاتفاق.
وفيما يتعلق بمساعي ادارة ترامب لجهة "فرض ضوابط جديدة على دعم ايران للحكومات الاقليمية والفصائل المسلحة الموالية لها"، وفق تعبير المجموعة، لفتت الى أن البيت الابيض يفتقد الى الدعم الدولي الواسع في هذا المجال. وتابعت إن ايران تتدخل في نزاعات اقليمية هي "ليست بالضرورة من صنعها"، وان بعض النزاعات الاقليمية تفاقمت بسبب افعال حلفاء اميركا مثل السعودية. كما اشارت الى ان روسيا هي في تحالف مع ايران في سوريا والى أن كلًّا من ايران والولايات المتحدة تدعمان حكومة العراق ضد داعش، وفق قول المجموعة.
كذلك قالت المجموعة ان القرارات الاممية التي تفرض حظراً على قيام ايران بارسال السلاح الى لاعبين اقليميين لم تحقق نجاحاً، وان ايران حتى لو وافقت على قيود اضافية على برنامجها النووي والصاروخي، فانها على الارجح ستبقى لاعبا ذا نفوذ متزايد في المنطقة رغم أي مساعي دولية لمنع ذلك.