كوريا الشمالية تهدّد بإحراق أميركا
جورج حداد
في "الحرب الباردة" السابقة كانت المبارزة تتم بين العملاقين الأميركي و"السوفياتي" (الروسي). أما الآن فقد تغيرت الأوضاع 180 درجة. وفيما كان المسرح الاستراتيجي الدولي يعرض لنا في الماضي "مأساة" أو "دراما"، أصبح الآن يعرض لنا "مهزلة" أو "كوميديا". لكنها "مهزلة" قد تودي بمصير العالم الى الفناء.
المواجهة تحولت الآن من مواجهة بين أميركا وروسيا، الى مواجهة بين أميركا وكوريا الشمالية التي -بمساحتها وتعداد سكانها - لا تساوي ربع ولاية أميركية أو أقل، واقتصادها المحاصر لا يساوي 1/500 أو أقل من الإقتصاد الأميركي.
استعراض سريع للوحة الاستراتيجية العالمية الآن يبيّن لنا ما يلي:
أولا ـ روسيا:
أ ـ في الشؤون الداخلية تنشغل روسيا تماماً في التحضير لاستقبال مونديال كرة القدم عام 2018، وتحضير المنتخب الروسي كي يحرز المرتبة العاشرة على الأقل.
ب ـ في الشؤون الخارجية تنشغل روسيا في قلع الشوك الإرهابي الذي سبق لأميركا أن زرعته في منطقة الشرق الأوسط والذي أصبح يقض مضاجع العالم بأسره. وفي هذا السياق، تنشغل روسيا باستمالة تركيا (بتطبيق سياسة العصا والجزرة تجاهها) ودفعها لتشكيل جبهة إسلامية دولية موحدة مع إيران تباركها البطريركية الارثوذكسية لموسكو وسائر الروس.
ثانيا ـ أميركا:
تنشغل أميركا بمواجهة البرنامج الصاروخي ـ النووي لكوريا الشمالية. وبهذا الصدد، أعلنت القيادة الأميركية أنه في أواسط شهر تشرين الأول سوف تصل الى سواحل شبه الجزيرة الكورية مجموعة سفن حربية أميركية بمرافقة حاملة الطائرات النووية الأميركية "رونالد ريغان".
ومن بين هذه السفن، غواصة نووية ضاربة مسلحة بالصواريخ الحاملة للرؤوس الحربية النووية، إذ تشارك هذه المجموعة بمناورات مشتركة مع القوات الكورية الجنوبية، تهدف الى التصدي لكوريا الشمالية، وفق ما أكد ممثل وزارة الدفاع الكورية الجنوبية لوسائل الإعلام، قائلاً "اننا الآن نقوم بتنسيق التفاصيل لزيارة المجموعة المرافقة لحاملة الطائرات "رونالد ريغان" (CVN76)".
ومن المتوقع أن تصل هذه المجموعة الى مياه شبه الجزيرة الكورية في 15 تشرين الأول"، فيما سترافق حاملة الطائرات مجموعة من السفن الحربية منها مدمرة تحمل منظومة AEGIS، وصواريخ فضائية وغيرها، حسب قول ممثل وزارة الدفاع الكورية، إضافةً الى أنّ التشكيلة ستضم الغواصة النووية الضاربة من طراز "أوغايو" التي يبلغ حجمها ما يعادل 18 ألف طن متري من الماء.
وأوضحت سيول أن هدف المناورات المشتركة هو الشغل على برنامج للرد على استفزازات كوريا الشمالية. وسوف يتدرب البحارة الكوريون الجنوبيون والأميركيون، بشكل خاص، على كشف ومتابعة الصواريخ التي تطلقها كوريا الشمالية، والتصدي لغواصاتها.
وقد لاحظ الخبراء الأجانب أنّ" هذه المناورات سوف تشكل منعطفاً جديداً في التوتر القائم في شبه الجزيرة الكورية، ذلك أن كوريا الشمالية تملك حساسية قوية تجاه مثل هذه المناورات وتعتبرها تهديداً لأمنها.
ومن المرجح أن تقوم بيونغ يانغ بتجارب صاروخية ونووية جديدة رداً على المناورات. فمنذ فترة وجيزة وجهت أميركا قاذفتين استراتيجيتين طارتا على طول الحدود الجوية لكوريا الشمالية، وهدّدت كوريا الشمالية حينها أنه اذا تكرر هذا الاستفزاز فإنها سوف تسقط الطائرات الأميركية.
كما هددت كوريا الشمالية أميركا بكارثة نووية إذا واصلت سياسة العقوبات ضدها. وتحدث عن ذلك بيان نشرته وكالة "تاس"، صادر عن ممثل اللجنة الكورية الشمالية للسلام في اقليم آسيا والمحيط الهادئ.
وجاء في البيان "اننا مرة أخرى نذكر بأنّ قواتنا هي في حالة جهوزية تامة للقتال، واستخدام عصا العقوبات وتوجيه القاذفات نحو حدودنا هو بمثابة عمليات انتحار، يمكن أن تؤدي الى كارثة نووية، والى تحويل الأراضي الأميركية الى بحر من النيران".
وشجب هذا الناطق الكوري الشمالي طيران القاذفات الأميركية بقرب الحدود الكورية الشمالية، كما شجب التصريحات الأخيرة لدونالد ترامب، التي اعتبر فيها أنه" من الممكن حل النزاع عسكرياً"، ناعتاً الرئيس الأميركي بأنّه "عجوز خرف".