kayhan.ir

رمز الخبر: 64203
تأريخ النشر : 2017October02 - 20:41

تفاوض لمقايضة الاستفتاء بالعقوبات


ناصر قنديل

-تؤكد المعلومات المتوافرة كلّها من كواليس العلاقات الإقليمية والدولية المحيطة بمشروع انفصال كردستان أنّ المشروع قد ولد ميتاً، وأنّ القناعات الراسخة لدى المؤيدين للقيادة الكردية في الغرب خصوصاً، صارت بأنّ فرص النجاح باتت معدومة، وأنّ سقف ما يمكن هو الدخول على خط التصعيد لوقفه باستصدار موقف دولي جامع يقوم على ثنائية وحدة العراق وحقوق الأكراد، وتفاوض يحقق مخرجاً يحفظ ماء الوجه للذين تورّطوا بالسعي للانفصال مقابل تراجعهم السلس لقاء التراجع عن العقوبات التي يبدو أنّ مواصلتها سيسقط المكاسب كلّها التي حققها مشروع كردستان خلال سنوات طوال.

-فوجئ مؤيّدو الانفصال بحجم حدة وانسجام المواقف التركية والإيرانية والعراقية، لدرجة وصفها البعض بالكمين الذي نُصب للبرزاني للسير بالاستفتاء والوقوع في الفخ، عبر برودة موقف بغداد طوال الفترة الفاصلة بين إعلان العزم على الاستفتاء وموعد إجرائه، حيث لم تظهر بغداد أيّ حدة أو حزم، ولا ظهرت مؤشرات على تنسيق تركي إيراني عراقي بالحجم الذي ظهر فجأة. وهو وليد تحضير عمره شهور على الأقلّ بقي طيّ الكتمان حتى ظهر بقوة وزخم مخالفاً كلّ التوقعات المبنية على الظاهر من الأمور، والتي كانت تتوقع تحذيرات سياسية ووساطات وعتب، لكنها لم تتوقع قراراً حازماً بحصار خانق يصل حدّ تهديد دولة الانفصال بالسقوط، وربما بالاجتياح العسكري، أو على الأقلّ انتزاع كركوك بالقوة منها، ومعها شريط حدودي عراقي يربط العراق بتركيا وإيران ويسوّر كردستان.

-فوجئ مؤيّدو الانفصال بأنّ الموقف الروسي الداعم لحقوق الأكراد يعتبر وحدة العراق ووحدة سورية خطاً أحمر لصناعة الاستقرار في المنطقة، وبأنّ التفاهم التركي الإيراني تجاه دولة الانفصال يشكل سبباً كافياً لتنضمّ روسيا إليه، وهي صاحبة مشروع خماسية روسية إيرانية تركية سورية عراقية، وجدتها تتحقق تحت عنوان مواجهة خطر تفتيت كيانات المنطقة. وبالتالي صارت التفاهمات التي يريدها الغرب في واشنطن والعواصم الأوروبية حول سورية صارت حكماً مشروطة بصيغة التفاهم التركي الإيراني الذي تدعمه روسيا ويجذب حكماً سورية والعراق، وشرطه الأساس سقوط دولة الانفصال.

-ظهر الأوروبيون الذين رعوا تاريخياً وتقليدياً المشروع الكردي في العراق، رغم تبعيته السياسية لواشنطن وعلاقاته المميّزة بـ«إسرائيل» والخليج، وقد استوعبوا الدرس السوري جيداً. فالأهداف التي عملت أوروبا لرسم السياسة الخارجية على أساسها قد تغيّرت، كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دعا لتفاوض يحفظ وحدة العراق وحقوق الأكراد ويتجنّب التصعيد، بأنّ سياسات نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان، لا تستحقّ المغامرة بالاستقرار لأنّ تعميم القيم الأوروبية لا يجوز أن يتمّ على حساب أمن أوروبا، والقصد طبعاً ليس القيم بل السياسات الاستعمارية التي تغلّفها هذه القيم. وجاءت الحرب على سورية لإسقاط دولتها تقول إن الثمن الأوروبي هو تغيير سكاني خطير عبر تدفق موجات النازحين، وقلق أمني كبير عبر تمدّد وتجذر الإرهاب، عدا الركود الاقتصادي والبطالة والكساد، ومن أقلقته هجرة السوريين فلن يتحمّل المجازفة بتفكيك تركيا بعد العراق وتلقي عشرات ملايين النازحين ومعهم فوضى انتشار الإرهاب.

-الغرب المنهك بحاصل حربه الطويلة والفاشلة على سورية، لا يستطيع تحمل مغامرة عشر سنوات لحرب طويلة فاشلة أخرى تفكّك العراق وتركيا، والخليج و«إسرائيل» العاجزتان عن توفير مقومات السير بتوفير مستزمات وقود اشتعال الحرب في سورية وحدهما، لا تملكان بالتأكيد ما يلزم لإشعال حروب جديدة، لتبدو حرب سورية آخر الحروب، وتبدو حرب الانفصال الكردية أضعف من أن تولد، إلا كحرب تفاوض على البارد، بما يحقق الترادع المنظم لخطوات متسرّعة لرؤوس حامية أخطأت الحساب في المكان والزمان.