خطاب النصر والتحرير الثاني
ما اعلنه السيد نصر الله امين عام حزب الله في خطابه الاخير الذي سمى بحق خطاب النصر كان مدويا لانه اغلق ملف داعش المحتضر في لبنان وسوريا بانتظار الوقت لدفنه نهائيا وهذا ما بشر به اللبنانيين وشعوب المنطقة بان لبنان على ابواب التحرير النهائي والانتصار الكبير وهذا ليس غلوا اذا ما دخلنا في عمق داعش وماهيتها ومن اوجدها ومن يقف خلفها من قوى دولي على رئسها اميركا ومن مولها من قوى اقليمية على راسها السعودية. فالانتصار على داعش وتنظيف الحدود اللبنانية السورية من الاحتلال التكفيري الذي لا يقل خطورة عن الاحتلال الصهيوني للبنان هو انتصار على القوى الدولية والاقليمية التي ارادت الوقيعة بمحور المقاومة وشطب دورها في المنطقة خدمة للعدو الصهيوني وحماية امنه، وهذا بحد ذاته انجاز تاريخي كبير ستتبلور قريبا آثاره العظيمة ولم يكن هناك مجالا مفتوحا لداعش الذي استجدى المفاوضات للتسويف لانه محاصر من كل الجهات وان كان المرجح حسب اعتقاد السيد نصر الله بان الخيار العسكري هو من سيحسم الموقف لانه لايمكن الثقة بهذه المجموعة الارهابية التي لا تعرف سوى لغة الدم والارهاب.
وبتقدم الجيش السوري واللبناني ومعهما قوى المقاومة باتجاه الحدود المشتركة بات الخناق يشتد على داعش وتضيق المسافة ولم يعد امامه وقتا للمناورة او التسويف فاما الهلاك او الاستلام ولم يكن هناك طريق ثالث للخلاص. واذا تصورت داعش ان هذا التفاوض الذي جاء بناء على طلبها هو على شاكلة التفاوضات الجارية في العالم فهي واهمة، فهنا هو التفاوض بين طرف مهزوم ومحاصر من كل الجهات وطرف منتصر يفرض شروطه ولا مجال للأخذ والرد بل التنفيذ فقط لاستكمال الانتصار الكبير للجيشين السوري واللبناني والمقاومة بعد تحريرهم لاكثر من 250 كيلومترا مربعاً من الاراضي اللبنانية والسورية التي احتلها التكفيريون.
وتركيز سماحته على تطهير الحدود اللبنانية ـ السورية من احتلال الدواعش على انه التحرير الثاني هو انجاز تاريخي آخر للبنان بعد التحرير الاول الذي انجز عام 2000 والذي شكل مفصلا في التاريخ اللبناني بشكل خاص والعربي والاسلامي بشكل عام، لانه كان المدخل الى زمن الانتصارات واقفال باب الهزائم .
ومع ان معركة "فجر الجرود" ومعركة "ان عدتم عدنا" حققت انتصارات وانجازات كبيرة في الميدان والسياسة كان لها دورا تنويريا ايضا لبعض الشارع اللبناني المغفل او المستغفل بسبب الغباء الاميركي ودخوله الفج والفاضح على الخط بالاملاء على وسائل الاعلام اللبنانية للتعتيم على انتصارات حزب الله وهذا امر مهين وسقوط اخلاقي وانساني حيث فقدت هذه الوسائل المصداقية والشرف المهني وهذه طبعا ليست المرة الاولى التي تقوم اميركا بهذه اللعبة القذرة لتشويه انتصارات حزب الله عام 2006ومصادرتها عندما اعترف فيلتمان السفير الاميركي الاسبق في لبنان بدفع 500 مليون دولار لوسائل الاعلام اللبنانية وكتابها ومحلليها للقيام بهذا الدور القذر.
اما ما كان لافتا هذه المرة في خطاب السيد وبامتياز هو توزيع الابتسامات شبه المستمرة بمثابة نقطة نظام مقصودة ولها دلالات محددة كالكلمات النافذة التي نطق بها لتوجيه الرسائل الواحدة تلو الاخرى لمن يعنيهم الامر والمستقبل كفيل بقراءة الغازها.