kayhan.ir

رمز الخبر: 62096
تأريخ النشر : 2017August22 - 21:41

الإرهاب: إسلامي أم صهيو-أميركي؟


عقيل الشيخ حسين

هزائم كبرى لحقت بالإرهاب خلال الأيام الأخيرة الماضية. في العراق وسوريا وعلى الحدود اللبنانية السورية.

والمفترض، وفق ما يقرره الحس السليم، أن تكون لهزائم الإرهاب تداعيات أقلها أن يتراجع نشاط الإرهابيين بشكل ملحوظ.

لكن، وعلى العكس، كان خطر الإرهاب -والإرهاب الداعشي خصوصاً- هو ما استأثر بالاهتمام الإعلامي، وهذا الاهتمام فاق بدرجات ذاك الذي رافق اندحار داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية في كل من العراق وسوريا ولبنان.

ولم ذاك؟ لأن الإرهاب ضرب مجدداً في أوروبا. وتحديداً في إسبانيا وفنلندا وروسيا. وكان قبل ذلك قد ضرب في روسيا، لكنه لم يكن داعشياً بل على صلة بالتوترات التي يمكن وصفها بـ "الداخلية" في منطقة القفقاس وغيرها. كما كان قد نفذ عملاً إرهابياً ضخماً في العاصمة الإسبانية، مدريد، في آذار /مارس 2004. لكن دلالات ذلك العمل تختلف عن دلالات الأنشطة الإرهابية الأخيرة التي يبدو أنها تريد لنفسها رسالة مفادها أن الإرهاب قادر على توسعة نطاق نشاطه، في أوروبا مثلاً، رغم هزائمه في الشرق الأوسط.

وقد عمدت أجهزة الإعلام الغربية الكبرى إلى الترويج للرسالة نفسها، من خلال التشديد على ارتفاع منسوب التهديد الذي يشكله الإرهاب على بلدان الغرب. والدليل هو العمليات الإرهابية الأخيرة.

ولم تكتف بذلك. كان لا بد أيضاً من التذكير، للمرة الألف، بأن الإرهاب إسلامي، مع تعمد إبقاء الخطاب أسيراً للعموميات وبالشكل الذي تصل فيه الرسالة إلى رجل الشارع من خلال ترجمة مفادها أن جميع المسلمين إرهابيون، وأن من الضروري والملح تصفيتهم جسدياً أو، على الأقل، طردهم من بلدان الغرب، ومن أوروبا قبل غيرها، بسبب هشاشة أنظمتها الديمقراطية وعدم لجوء سلطاتها إلى الضرب بيد من حديد...

ومثل هذه الآراء تعج بها صفحات التعليقات على الأخبار والتحليلات في الأنترنت، ولا يندر ظهورها على صفحات كبريات وسائل الإعلام المقروءة والمتلفزة.

والحق يقال أن مثل هذه الآراء ليست بعيدة عن الصواب. خصوصاً لجهة تقصير السلطات في التعامل مع الظاهرة الإرهابية.

لكن المشكلة تكمن في طبيعة هذا التقصير. هل هو ناتج، كما يشاع، عن عدم كفاية الأجهزة والتجهيزات الأمنية لملاحقة الظاهرة ؟ أم عن صعوبة ملاحقتها لسرية تحركاتها أو لأن الناشطين فيها يتحولون في الغالب إلى "ذئاب منفردين" ؟

الإجابة التي تفرض نفسها هي أن ما يعتبر تقصيراً هو في الحقيقة تهاون يقترب من حدود التواطؤ، بل الشراكة، بين السلطات الغربية والجماعات الإرهابية.

هل نحن بحاجة، بعد كل المعطيات والأدلة، إلى معطيات وأدلة إضافية على أن الإرهاب هو صناعة صهيو-أميركية؟

تسليح وتمويل أميركيان. تدخل عسكري أميركي في العراق سوريا لحماية الإرهابيين أو لضرب العراقيين والسوريين في ظل احتدام المعارك بينهم وبين الجماعات الإرهابية. مساندة عسكرية ولوجستية إسرائيلية للجماعات الإرهابية...

ثم إن الجماعات الإرهابية تقوم بـ "عمل جيد"، وفقا لما قاله كبير الديبلوماسيين الفرنسيين، لوران فابيوس.

كما بينت التحقيقات أن جميع منفذي العمليات الإرهابية في بلدان الغرب معروفون جيداً ن قبل الأجهزة الأمنية. ولهذا دلالات لا تخفى على كل من يعرف طبيعة عمل هذه الأجهزة.

ولا ننسى سهولة تحرك الإرهابيين واجتيازهم للحدود وللدول رغم كل التشدد الأمني.

ولا أحد في الدنيا يجهل أن هنالك إمكانيات واسعة لغسل الأدمغة ولشراء النفوس، وبالتالي لتحويل مسلمين جهلة أو انتهازيين إلى إرهابيين. وحتى لتوظيف إيمانهم المعطوب في خدمة المشاريع الصهيو-أميركية تحت شعارات محاربة هذه المشاريع.

وإذا ما كان بإمكاننا أن نفهم، لأسباب تاريخية وجيوسياسية واستراتيجية، حرص هذا الإرهاب الصهيو-أميركي على نشر الخراب الفوضى في بلدان العالمين العربي والإسلامي، فكيف نفهم وقوع أعمال إرهابية دامية في أوروبا؟

لا تعد ولا تحصى الأسباب التي تدفع الولايات المتحدة، منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، إلى تحويل أوروبا إلى مستعمرة أو حديقة خلفية. والمفاوضات الجارية حالياً حول الشراكة الاقتصادية بين ضفتي الأطلسي شاهد على ذلك.

ثم إن واشنطن لا تتردد في زج أوروبا في مواجهات قاتلة مع روسيا. لكن الكلام عن مسؤولية جميع المسلمين عن العمليات الإرهابية، ثم الدعوة إلى إبادتهم أو طردهم (وهم بعشرات الملايين في بلدان أوروبا الغربية)، يعني مباشرة سعياً أميركيا، وراء ردود الأفعال البدائية الأوروبية على العمليات الإرهابية، إلى رمي أوروبا في آتون حروب طاحنة، داخلية وخارجية، من المبكر الخوض في البحث عن اسم لها.