نهاية "اسرائيل" على الابواب
يتبادر الى الذهن بعد الاطلاع على التقرير الاخير لمحللين وخبراء صهاينة والذي رسموا فيه سيناريو نهاية " اسرائيل" بدعوتهم الى هجرة اليهود والبحث عن الحياة بدلا من الموت، معللين دعوتهم هذه من ان " الفلسطينيين اثبتوا انهم متجذرين في هذه الارض فيما " الاسرائيليين " هم حصيلة اكذوبة اطلق عليها " ارض الميعاد"، سؤال مهم وهو هل اشرفت "اسرائيل" على الزوال ومحوها من خريطة الشرق الاوسط ؟. وهل وصل هؤلاء الخبراء والمحللون الى مادعا اليه الامام الراحل الخميني الكبير قبل عقود من الزمن بزوال "اسرائيل" الغدة السرطانية من قلب العالم الاسلامي؟.
الملاحظ ان الكيان الصهيوني والى آخر تسعينيات هذا القرن كان يعتبر القوة العسكرية الكبرى التي لاتقهر، وقد تأكد هذا الامر من خلال حرب عام 1967 الصورية التي تمكن فيها هذا الكيان الغاصب من هزيمة النظام العربي والذي اطلق عليها انذاك "بنكسه حزيران"، بحيث اوصلت قناعات الكثير من حكام المنطقة ان المواجهة مع هذا الكيان لا فائدة منها ولابد من الذهاب الى عملية التطبيع واحلال السلام، وقد استغل الكيان الغاصب حالة الضعف والانهيار وعمل الى ايجاد مسرحية هزيلة ومضحكة وبالاتفاق مع السلطة الفلسطينية تقوم فصولها على اجراء مباحثات السلام، ولكن وبعد مرور عقدين من الزمان تبين ان هذه المباحثات لم تكن سوى حقن تخديرية يراد منها الوصول الى حالة التطبيع بين "اسرائيل" والنظام العربي لضمان أمن هذا الكيان وقمع حالة الفوران والغضب الشعبي الذي اعتمل في نفوس المقاومين من ابناء فلسطين، ولما لم تصل المباحثات الى هذا الامر، مما كتب عليها الفشل او انها ذهبت الى الموت السريري.
الا انه وبالطرف المقابل فان الشعب الفلسطيني الذي وقع تحت ظلم واضطهاد الصهاينة من خلال اساليبهم القمعية التي تعددت اشكالها وألوانها بحيث وصلت في بعض فصائلها الى حالة الابادة الجماعية، مما دفعه لان يشمر سواعده ويعلن استعداده للمواجهة من خلال تشكيل فصائل المقاومة الباسلة التي خرجت من رحم هذا الشعب واستطاعت هذه المقاومة وبعملياتها البطولية ان تثبت ان الكيان الغاصب كيان هزيل وضعيف، وتمكن ان يعكس الصورة وبالمقلوب ويمحي تلك الفكرة الكاذبة من انه يملك جيشا لايقهر.
وقد تمكنت المقاومة وبقلة امكانياتها ان تقهر الجيش الصهيوني من خلال عدوانين غادرين على غزة والتي ليس فقط لم يستطع فيها هذا الجيش ان يقضي فيه على المقاومة كما خطط لذلك، بل انه مني بهزيمة نكراء كبيرة لازال يتجرع مرارتها ولهذه اللحظة بحيث وصل به الامر بان يفكر اكثر من الف مرة قبل ان يرتكب حماقة من خلال عدوان جديد.
ومن الطبيعي ايضا ان تلقي هذه الهزيمة بظلالها على الداخل الاسرائيلي والتي اخذت تظهر ارتداداتها وبصورة مكشوفة للجميع والتي عكست ان الشعب الاسرائيلي لايمكن ان يعيش حالة من الامن والاستقرار في ظل تعاظم وتسارع قدرة المقاومة ومن جميع الجوانب، ولذلك اخذ القلق يدب في نفوس قطعان المستوطنين والشعب الاسرائيلي والذي برز من خلال الهجرة المضادة والتي كشفها واعلن عنها المحلل الصهيوني اري شافيط في مقال له بصحيفة "هاارتس" والذي جاء تحت عنوان :" اسرائيل تلفظ انفاسها الاخيرة" بالقول "ان الاوضاع في الكيان اجتازت نقطة اللاعودة وانه لم يعد من الممكن انهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقق السلام داعيا الى الهجرة ومغادرة الدولة العبرية".
اما الصحفي الصهيوني اليساري جدعون ليفي فقد تناول الموضوع وبصورة اكثر تفصيلية بالقول " يبدو ان الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر ، فقد احتللنا ارضهم وقلنا ستمر بضع سنوات وسينسون وطنهم وارضهم واذا بجيلهم الشباب يفجر انتفاضة"، ويشير الى حالة الرعب التي اوجدها ابناء الانتفاضة في قلوب الصهاينة بالقول "حاربناهم بالعقول فاذا بهم يستولون على القمر الصناعي عاموس ويدخلون الرعب الى كل بيت في اسرائيل عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية" متوصلا الى قناعةبالقول من "انهم يواجهون اصعب شعب عرفه التاريخ ولاحل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وانهاء الاحتلال".
ولذا فان وما افصح عنه المحللون من انهم توصلوا الى نتيجة ان كيانهم الغاصب ذاهب الى الزوال لان حالة التصدع الداخلي يلغت حدا لايمكن معالجتها والتي كان آخرها التظاهرات الاخيرة التي طالبت نتنياهو بالرحيل وبذريعة الفساد، الا ان الواقع يعكس ان الشعب الاسرائيلي ادرك ان نتنياهو لايمكن ان يوفر لهم الامن والاستقرار.
ويمكن القول ان تعاظم الانتفاضة الباسلة وقوتها وقدرتها على الصمود هي التي استطاعت ان تؤكد ان اسرائيل لم تكن سوى نمر من ورق وانها سرعان ماتنهار امام اية ريح فلسطينية عاتية.