المكابرة لا تفيد لبنان: التنسيق مع سوريا ضرورة وطنية.. وهذه فوائده
حسن سلامة
كما هي الحال التي سبقت ورافقت وتلت معركة تحرير جرود عرسال من الإرهابيين على أيدي مجاهدي المقاومة، تحاول الأصوات نفسها اليوم التأثير على مسار معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع وعلى التواصل مع الحكومة السورية لغايات وأسباب باتت معروفة لكل اللبنانين حتى أولئك الذين يناصرون الأطراف التي حاولت التخفيف من الانتصار الذي تحقق في جرود عرسال وتحاول اليوم عرقلة انطلاق المعركة ضد "داعش" وإبقاء الأبواب مقفلة أمام التواصل مع الحكومة السورية، ويدرك اللبنانيون حقيقة أن هذا الاعتراض مرده الى أجندات خارجية.
لذلك، فالمسألة - وفق تأكيد مصدر وزاري - "لا تنطلق فقط من ضرورة التنسيق والتواصل بين الجيشين اللبناني والسوري وبين الحكومتين، بل إن هذا الأمر له ضرورات لبنانية على مختلف المستويات، وبات من الأهمية الكبرى أن يخرج من دائرة المكابرة أو الارتهان للخارج، لما يترتب عن الحوار والتنسيق من ايجابيات كبرى على الداخل اللبناني" وهي بحسب المصدر الاتي:
_ ان التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري له الكثير من النتائج الايجابية التي تخدم الداخل اللبناني، فرغم ان هذا التنسيق اقتصر في السنوات الماضية على مسائل محددة، الا انه ساهم في ضبط الحدود وأدّى الى اطلاق مخطوفي اعزاز، كما ان هذا التنسيق في جرود رأس بعلبك سيؤدي الى تخفيف الخسائر لدى الجانب اللبناني ويعجل في حسم المعركة مع "داعش" بعكس ما يمكن ان يحصل اذا اقتصرت المعركة على الجيش اللبناني دون قيام الجيش السوري ومجاهدي المقاومة بفتح المعركة من الجانب السوري.
_ ان التنسيق على المستوى السياسي، وتحديداً مع الحكومة السورية، هو أيضا حاجة لبنانية، بدءاً من ضرورة اطلاق خطة لعودة النازحين السوريين، الى عشرات الملفات الاخرى التي تعود بالفائدة على لبنان والتي كان آخرها على سبيل المثال رفع امداد سوريا للبنان بـ 276 ميغاوات من الكهرباء بدلا من مئة ميغاوات وبأسعار أقل من كلفتها في لبنان او تلك التي يحصل عليها لبنان من البواخر.
_ ان التنسيق بين الوزارات المعنية في كل من لبنان وسوريا يوفّر على لبنان الكثير من المشاكل خاصة التي يعاني منها القطاع الزراعي أو الاقتصادي او التجاري نتيجة سيطرة التنظيمات الارهابية على المعابر بين سوريا وكل من العراق والاردن، والاهم انه يفتح امام اللبنانين فرص استثمار واسعة عندما تنطلق عملية الاعمار في سوريا.
العلاقات بين لبنان وسوريا قائمة وعلى مستويات عدة
الا ان المصدر الوزاري يلاحظ ان "التنسيق قائم على مستويات عدة، بدءاً من التنسيق بين الجيشين ولو في حدود ضيقة، الى الاتصالات التي يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم كلما تقتضي الحاجة لذلك وبتفويض من رئيس الجمهورية ومعرفة رئيس الحكومة سعد الحريري، كما ان هناك تواصلًا بين العديد من الوزارات واخرها اتصالات وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان حول تزويد المؤسسة بالكهرباء وعبر الامين العام للمجلس الاعلى نصري خوري". ويوضح المصدر الوزاري لـ "العهد" ان "الزيارتين لكل من وزيري الصناعة حسن الحاج حسن والزراعة غازي زعيتر تندرجان في هذا السياق بهدف تعزيز العلاقة على المستويين الاقتصادي والزراعي".
ويؤكد المصدر ان "توسيع قنوات الاتصال والتنسيق وحصولها عبر تفويض من الحكومة بات امرا ملحا للبنان قبل سوريا، لان في توسيع هذا التواصل ايجاد الحلول والمعالجات لكثير من الملفات العالقة بين البلدين والتي فيها مصلحة لقطاعات لبنانية عديدة اولها الزراعي. كما ان في رفع أطر التنسيق المدخل الضروري لاعادة النازحين السوريين الى بلدهم والتخفيف عن لبنان تكاليف مالية كبيرة، عدا عن تداعيات هذا النزوح على الوضع الامني".
من كل ذلك، يؤكد المصدر الوزاري ان "التجربة بالوقائع اثبتت ان لبنان هو المستفيد الأكبر من التعاون مع سوريا، بينما المكابرة والارتهان للخارج سيفاقم من أزمة النازحين وكثير من الازمات الاخرى، خصوصا ان الغرب ومعه بعض انظمة الخليج يبيعون لبنان كلاما دون اي فعل يؤدي الى مساعدة لبنان لحل ازماته الكثيرة سواء الداخلية او تلك التي لها علاقة بالتنسيق مع سوريا".