اميركا غير جدير بالثقة
تصريحات الرئيس الاميركي ترامب المتقلبة والغوغائية والعنترية حول الاتفاق النووي مع ايران بات الشغل الشاغل له منذ ان دخل معترك الساحة الانتخابية كمرشح وحتى اليوم يحتل منصب رئاسة الجمهورية في البيت الابيض وان تراجع مرغما عن بعض عنترياته في تمزيق هذا الاتفاق لان ذلك يشكل حماقة مكشوفة له ويحمل بلاده تداعيات سلبية كبيرة وخسائر وعزلة قد لا تتحملها الولايات المتحدة لذلك اجتنب هذا الطريق الخطير وسلك مسلكا ملتويا يكرره هو وجوقته في البيت الابيض بان ايران تنتهك روح الاتفاق النووي ومضمونه في اطار خطة خبيثة وسلوك اخلاقي منحط لالغاء هذا الاتفاق لكن من خلال محاولة دنيئة ويائسة بالايحاء بان ايران هي المسؤولة عن هذا الوضع ليجنب بلاده تداعيات هذا الحدث واثاره السلبية عليها وكذلك المطلبات التي سيقع فيها.
وما صرح به الرئيس ترامب خلال 48 ساعة الاخيرة حول اتهام ايران ثانية بعدم الالتزام بالاتفاق النووي ليس بالامر الجديد بل هي عملية رخيصة للهروب الى الامام في وقت يعلم العالم وخاصة بقية الاعضاء في (5+1) وكذلك الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي اكدت في تقاريرها السبعة خلال الفترة الماضية بان ايران نفذت جميع التزاماتها التي جاءت في الاتفاق النووي وهذا يؤكد ان اميركا هي الطرف المنتهك لهذه الاتفاقية وانها لم تنفذ بعد التزاماتها امام ذلك وهذا الامر لم يعد خافيا على احد وان كنا نسمع بين الفينة والاخرى ان بعض الاوروبيين وخاصة موغريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي بانها توجه بعض الانتقادات الى السياسة الاميركية وتؤكد على تنفيذ هذا الاتفاق لكننا لا نرى شيئا في العمل وعلى ما يبدو ورغم تبجح الدول الاوروبية على انها تملك قرارها السياسي والسيادي لكننا نراها
في الملف النووي الايراني مجرد تابع للسياسات الاميركية لذلك على هذه الدول ان تعي اللعبة لان اي مساس بهذا الاتفاق المدعوم اممياً سيكون له اثار مدمرة وستفرض على الاطراف المنتهكة اثمانا كبيرة ناهيك عن سقوط سمعتها واعتبارها في الوسط الدولي، بعد ان ثبت للادارة الاميركية ان التهريج الاعلامي واطلاق الكلام الفارغ واللامسؤول عن التزام ايران بروح ومضمون الاتفاق والذي هو فضفاض لم يؤد الى اية نتيجة ولا يمكن التعويل عليه لانه لا يشترى في القضاء لذلك تحاول اليوم الادارة الاميركية التشبث بالقدرة الصاروخية لايران التي هي اساسا خارج سياق الاتفاق النووي وهذا يؤكده حتى بعض الاعضاء من (5+1) او سوق اتهامات رخيصة حول دور ايران في دعم الارهاب في وقت تعلم شعوب العالم والدول المستقلة ان ايران هي المتصدية الاولى للارهاب في العالم ونماذجها الحية هو ما يحصل في العراق وسوريا ولبنان وغيرها.
لقد فعل حسنا وحقا قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي الذي استشرف المستقبل بفكه لاي ارتباط بين قضايا المنطقة والملف النووي وركز وبشكل اساس على الجانب النووي مستبعدا اية قضية اخرى عنها لانه بفراسته وحصافته وقرائته الدقيقة للمستقبل واطلاعه ومعرفته بالاحابيل الاميركية كان يتوقع مثل هذه الذرائع فضلا عن انه وافق على رؤية المسؤولين الايرانيين ليدخلوا المفاوضات مع اميركا بعد ان طلبت الاخيرة ووسطت عمان في ذلك لاكمال الحجة وسد الذرائع الا ان عبارته الشهيرة لازالت ترن في الاذان بان "اميركا غير جدير بالثقة".