kayhan.ir

رمز الخبر: 61366
تأريخ النشر : 2017August09 - 21:27

إعادة تموضع سعودي وضغوط على تركيا لضم إدلب للتهدئة


مع التموضع السعودي التدريجي نحو التأقلم مع المتغيّرات السورية، رغم ضجيج بيانات التأكيد على ثبات الموقف لمنح قوى المعارضة السورية فرصة التحرك من دون إحراج، صارت تركيا تحت المجهر الأميركي والروسي، فمنطقة التهدئة في الغوطة الشرقية ومن ضمنها مواصلة المعارك مع النصرة، التي انضمّ إليها جيش الإسلام كانت أولى الخطوات السعودية التي سبقت التموضع التركي المنتظر.

وجاءت النصيحة السعودية لهيئة التفاوض لجماعة الرياض المعارضة بالبحث برؤية تقوم على اعتبار ترجمة التغيير السياسي في سورية بطريقة سلمية ودستورية عبر الانتخابات بديلاً معقولاً لصيغة وضع شروط تتصل بالرئاسة السورية للحلّ السياسي صارت من المستحيلات بعد التغييرات الميدانية والإقليمية والدولية، وحرص السعودية على إبلاغ الأميركيين والروس والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بالرسالة الموجّهة للمعارضة يجلب المزيد من الإحراج للأتراك.

لم يكن التموضع السعودي منطلقاً فقط من المتغيّرات والحسابات الجديدة وضعف الأوراق الفاعلة في سورية، ولا أيضاً من تكاثر الأزمات المرهقة والمثقلة للقدرات السعودية الموزعة بين حرب اليمن المتعثرة والأزمة القطرية المتفاقمة، بل تبدو السعودية وفقاً لمصادر عربية متابعة، قد وضعت رؤية جديدة لمقاربة الأزمات المتعدّدة جعلت فوزها على قطر خليجياً وعلى تركيا إقليمياً في سلة واحدة، وهذا يستدعي تغييراً في سورية يضعها على السكة الروسية الأميركية للتسويات من جهة، ويخفف من حمولتها في الأزمات من جهة أخرى. ولهذا تضع الملف القطري الذي يفترض أن يشكّل عنوان الاهتمام السعودي الأول في الواجهة، خصوصاً أنه عنوان إزاحة تركيا من المقعد المقابل لإيران على المستوى الإقليمي، وهذا يستدعي بموازاة السير بتهدئة التورّط في التصعيد في سورية، التحضير للنزول عن الشجرة في اليمن، واستثمار ذلك بوابة لفتح قنوات غير مباشرة مع إيران لتحييدها من الملف القطري والتنافس مع تركيا. وهذا ما يقرأه المتابعون أنفسهم في بداية ظهور مؤشرات عن انتقال الملف اليمني التفاوضي إلى مسقط التي قد يعهد إليها بقوات مراقبين من جهة، ومن ضمنها إدارة منشآت مثل ميناء الحديدة أو مراقبة شروط استخدامه المدنية. على الضفة التركية ارتباك مستمرّ مثلها مثل الضفة الكردية، وكلّ منهما يزداد توتراً بفعل الآخر، لكن في دمشق وموسكو وطهران يجري النظر بطريقة مختلفة، فتركيا فشلت رغم دورها المحوري في مسار أستانة في ضمّ المنطقة الرئيسية التي تملك نفوذاً على المسلحين فيها لمناطق التهدئة، وبات مسلّماً بصعوبة النجاح بضمّ إدلب للتهدئة، كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بينما يتمّ التعامل بحذر شديد مع الكلام الصادر عن المسؤولين الأكراد حول انتخابات تتزامن مع الدعوة لاستفتاء الانفصال لأكراد العراق، ما دفع طهران للتحذير من مخططات للتقسيم، ودعا نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد لوصف الانتخابات الكردية بـ «المزحة»، محذراً مَنْ يدفع باتجاه التقسيم في سورية بأنه سيدفع الثمن غالياً. ووفقاً لمصادر دبلوماسية مشاركة بتحضيرات لقاء أستانة لا يزال النقاش حول ضمّ إدلب لمناطق التهدئة وكيفية التعامل مع جبهة النصرة التي تسيطر على المدينة والدور التركي يعيق تحديد الموعد المقبل للاجتماع.

لبنانياً، تسير الأمور وفقاً للروزنامة التي وضعها الجيش اللبناني لمعركته لتحرير الجرود اللبنانية من قبضة داعش، ويبدو الالتفاف حول الجيش وحجم التفويض المفتوح الممنوح له فرصة لتخطي التعقيدات التي يمكن أن تعطّل حركته، فقد أكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» انّ كلّ ما يحتاجه الجيش للتحرّك بحرية وبلا تعقيدات تعيقه قد تمّ التفاهم عليه بين القيادات اللبنانية، وخصوصاً على مستوى الرئاسات الثلاث، حيث الصورة واضحة لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري بأهمية التنسيق العسكري بين الجيش اللبناني والجيش السوري والحاجة لدور حزب الله في هذه المعركة، مع تأكيد محورية وقيادة الجيش اللبناني لها، وأنّ رئيس الحكومة سعد الحريري يتفهّم ذلك ولا يمانع بأن يتصرّف الجيش، وفقاً لمقتضيات المعركة، وكما يراها. وهذا ما يفترض أن يكرّسه اجتماع مجلس الدفاع الأعلى الذي ينعقد اليوم، بعدما اكتملت الاستعدادات العسكرية واللوجستية للمعركة، وبات واضحاً أنّ طريق التفاوض شبه منعدم، على الأقلّ حتى الآن.

صحيفة البناء