لو لم تكن هذه الازدواجية!
حسين شريعتمداري
اغلب توقعنا ان يشرع رئيس الجمهورية المحترم دورته الثانية لرئاسة السلطة التنفيذية بتقييم دقيق لنقاط القوة والضعف خلال الدورة الاولى كي لا تتكرر انعطافات ما سبق، الا ان بعض تصريحات الدكتور روحاني في الاسابيع الماضية وما تقدم به في مراسم اداء اليمين يثير هذا التداعي بانه لا يؤمن بوجود عيوب في الحكومة الحادية عشرة والاصرار على نفس النهج للحكومة الثانية عشرة. هذا الاستنتاج ان كان حقاً- وان شاء الله لا صحة له- فيعني ان تواجه حكومة الدكتور روحاني بتلكؤات حادة ابتداءً. وما نقدمه اشارات بهذا الخصوص.
1-لقد اعتبر السيد روحاني اصوات اكثرية الشعب في الانتخابات الاخيرة لرئاسة الجمهورية دليل دعم لمواقف الحكومة الحادية عشرة، ويقول في جانب من حديثه بعد مراسم اداء اليمين، "ان الشعب الواعي والفطن بخلقه ملحمة (ارديبهشت) ومشاركته التي قل مثيلها في انتخابات رئاسة الجمهورية، قد حاورنا مرة ثانية وبوضوح معلناً رأيه بصراحة. فقد قال الشعب الايراني بلسان صوته ما الذي يريده وما الذي لا يريده، وبادلائه لآراء الثقة المجددة والمقصودة، قد اختار طريقا لطالما تعرض خلال اربع سنوات لاختبارات ونقد الآخرين".
وبخصوص اعتماد السيد روحاني على آراء 23 مليون ومئات الالاف، مقارنة بآراء 16 مليون لمنافسه، ينبغي القول: لم يكن خافياً على الشعب الايراني، عثرات الحكومة الحادية عشرة لاسيما في مجالات مثل، انتشار البطالة، وصعوبة حياة المواطن، وافلاس مصانع الانتاج، والركود غير المسبوق، والتضخم المطرد، والدفاع عن المرتبات الفلكية، وعقم خطة العمل المشترك والذي استهلك امكانيات النظام لاربع سنوات عن الشعب ليبذل في سبيل الاتفاق دون جدوى. واذا كان برنامج الحكومة الحادية عشرة هو ملاك الحكم ورأي الشعب، فمن المؤكد ان لا تصل الاصوات المؤيدة لروحاني لمستوى الاكثرية ولتهبط لاقل من ذلك بكثير. فاكثرية الاصوات ينبغي ان نبحث عنها في السعي الحثيت والشامل للسيد روحاني وبعض رجال الدولة في طرح مقاربة "الحرب ام الحكومة الحالية"!، فمن ينكر اصرار رئيس الجمهورية وحكومته عن طريق وسائل الاعلام الصفراء، وبدعم واضح لبعض المسؤولين الاميركيين والاوروبيين والاعلام المسيطرين عليه، الاصرار على اقناع الشعب انهم اذا لم يعطوا اصواتهم للسيد روحاني فينبغي ان ننتظر الهجوم العسكري لاميركا! وهذه الحيلة استخدمت حين كشفت الدلائل والقرائن على الارض والاستطلاعات المعتبرة عن سخط واسع للشعب وعدم رضاهم لاداء الحكومة الحادية عشرة.
2-ان مراجعة لارشيف وسائل الاعلام الصفراء في الداخل ووسائل الاعلام الاجنبية في تلك الايام تعكس جلياً، انه بعد تأكد الحكومة بسخط الناس، اثيرت هذه الازدواجية فجأة من ابواق انصار الحكومة في الداخل والخارج، بان على الشعب ان يختار بين حكومة السيد روحاني او القبول بهجوم عسكري اميركي، فيما كان المسؤولون الاميركيون والاوروبيون يلوحون بالخيار العسكري على الطاولة والعقوبات المهيئة، وفي نفس الوقت يؤكدون بان هذه الخيارات مؤجلة حتى انتخاب الرئيس! فهل هذه الحيلة تحمل رسالة غير ضرورة انتخاب السيد روحاني للحؤول دون طرح الخيارات؟!
ومن المؤكد ان الدكتور روحاني وادعياء الاصلاح لم ينسوا الدعم الواضح لمدير السي آي ايه "جان برنان"- وليس ذلك السيناتور- لحكومة السيد روحاني، كما لم ينسوا بان الكونغرس الاميركي قد اعلن صراحة عن قلقه من تأثير العقوبات على الانتخابات في ايران، من هنا فالعقوبات الجديدة سيتم تأجيلها حتى اتمام الانتخابات الرئاسية في ايران! وعشرات الامثلة الاخرى سبق وان تطرقنا لها في الصحيفة.
لذا صار لزاماً ان نسأل السيد روحاني، هل ان لهذه المواقف من قبل المسؤولين الاميركيين معنى سوى تهديد الشعب الايراني، بانه اذا لم تدلوا باصواتكم للسيد روحاني، فسنفعل ما نفعل؟!
3-لربما يدعي الدكتور روحاني وانصاره بان تصريحات المسؤولين الاميركيين والاوروبيين لا تمثل ملاكاً للتقييم، وهنا نقول، انكم تقبلون بتصريحاتكم ومواقفكم، كما وكنتم تتابعون داخل البلاد النهج الخارجي بحذافيرة وتهددون في خطاباتكم وحملاتكم الانتخابية الشعب بانه اذا لم يصوتوا لكم فعليهم انتظار الهجوم العسكري الاميركي والعقوبات الاكثر قسوة من قبل، ولذا حتى ان تجاهلنا التنسيق المسبق بين الداخل والخارج، فلا يمكن انكار هذه المواكبة للخطين الداخلي والخارجي؟! يكفي ان تراجعوا مواقفكم لتلك الايام وتهديد الشعب بغيوم الحرب اذا لم ينتخبوا السيد روحاني!
وبالطبع شددت اميركا من تهديداتها بعد الانتخابات، ولم تمض 24 ساعة على انتخاب روحاني حتى شكلت (ناتو عربي) في اجتماع الحجاز في تهديد لايران الاسلامية كما وصادقت على العقوبات المعروفة بـ (ام العقوبات).
4- وسؤال ملح يطرح نفسه على رئيس الجمهورية المحترم وانصاره في حملته الانتخابية، اذا قللتم من مسألة تهديد الشعب بطبول الحرب وخلق ازدواجية "اما الحرب او روحاني" في كسب الاكثرية من اصوات الشعب، فلماذا طرحتم هذه الازدواجية وبذلتم كل سعيكم في التأكيد على خطرها؟!
5-ان الدكتور روحاني واصدقاءه لم يكتفوا خلال الحملة الانتخابية الرئاسية الثانية عشرة بطرح مقاربة "اما الحرب او روحاني"! بل طرحوا كذلك تصورات مثل، اذا لم تدلوا باصواتكم لروحاني فان المنافسين لروحاني سيشيدون حائطة وسط ممرات المشاة! ... واوهام اخرى طرحوها اذ مما يؤسف له ان نقول، انها غير واقعية الغرض منها اخافة الشعب وتجيير الاصوات لصالحهم.
والجدير ذكره ان الدكتور روحاني قد اشار خلال مراسم التحليف لنماذج من مكاسب الحكومة الحادية عشرة، الكثير منها بعيدة كل البعد عن الواقع على الارض، نوكل سردها لمناسبة اخرى.
6-وضمن التأكيد على شرعية رئاسة الدكتور روحاني للجمهورية، ننتهز المناسبة لنطرح عليه وعلى انصاره في حملته الانتخابية، هل ان اي من الموارد التي اشرنا لها تجانب الصواب؟
فان لم يكن هنالك شك، نأتي للاستفسار التالي وهو، هل بامكانه كسب ثقة الشعب وكما اشار في مراسم اداء اليمين بان آراء 23 مليون ومئات الالاف من الاصوات لدليل تاييد الحكومة الحادية عشرة لاربع سنوات من قبل الشعب ولا يفتح للاصوات اي حساب لازدواجية "طبول الحرب ام انتخاب روحاني"؟!
ومن ثم واعتماداً على هذا التأويل، والذي عرفنا انه تأويل لا يرقى للقبول بصحته، ان يستنتج بانه مادام اكثرية الشعب باصواتهم قد أيدوا فترة حكومته الحادية عشرة لاربع سنوات ، ولذا يعتبر انه ملزم باستمرار نفس النهج؟!
وبالتالي، ما نأمله ان يلتفت رئيس الجمهورية للحقائق غير القابلة للرد والتي اشرنا لها، ولا تكرر نقاط الضعف في الحكومة الثانية عشرة.