kayhan.ir

رمز الخبر: 59318
تأريخ النشر : 2017July02 - 21:31
في ذكرى جريمة هدم قبور أهل البيت (ع) البشعة...

البقيع .. جرح نازف ومحنة قائمة منذ دولة آل سعود الوهابية

* جميل ظاهري

"البقيع الغرقد" .. مقبرة مقدسة وأرض مشرفة وتربة طاهرة هي قطعة من الجنة حيث تضم في طياتها أبدان طاهرة لذرية خير المرسلين وخاتمهم محمد الأمين صلى الله عليه وآله وسلم وأجساد جمع من اولياء الله (رض)، تقع لجوار المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة .

أصل البقيع في اللغة يعني الموضع الذي أرم فيه الشجر من ضروب شتى، والغرقد يعني كبار العوسج، فلذا سمي ب"بقيع الغرقد" لان هذا النوع من الشجر كان كثيرا فيه ولكنه قطع .

ويروى أن النبي الأكرم (ص) خرج لنواحي المدينة وأطرافها باحثا عن مكان يدفن فيه أصحابه حتى جاء البقيع ، وقال (ص): "أمرت بهذا الموضع" وكان شجر الغرقد كثيرا ، فسميت به.

لقد كانت لقبور الأئمة الأطهار أحفاد النبي الأكرم (ص)، وكذا ابنه ابراهيم وزوجاته وسائر أصحابه الميامين، قباب وأضرحة وبناء وصحن وحرم آمن، وغيرها من المعالم التي تدل على قدسية أصحابها ، فكانت عظيمة في أعين الناس، شامخة في قلوب المسلمين، محفوظة حرمتها وكرامتها، وقد كان الناس يتوافدون على هذه البقعة المقدسة لزيارة المدفونين فيها، عملاً بالسنة الاسلامية من استحباب زيارة القبور وخاصة قبور ذرية رسول الله (ص) وأولياء الله تعالى .

سيرة المؤمنين الموحّدين في العالم كلّه كانت جارية على بناء قبور الأولياء والصلحاء وإقامة المساجد عليها يذكر فيها أسم الله سبحانه وتعالى تماشياً مع الآية الكريمة "قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِداً" – سورة الكهف:21 - كما تم لأصحاب الكهف الأبرار؛ ولم يتجرأ أعتى أعداء الله والمؤمنين من المس بها أو تدنيسها كما يفعل اليوم أحفاد ذوات الرايات وأبناء الطلقاء في ربوع بلاد المسلمين من أفغانستان حتى شمال افريقيا ومن العراق والشام حتى اليمن والبحرين سيراً على فتاوى عبدة البتردولار الذين أعمى الله قلوبهم قبل أبصارهم .

ما أن عقد نطفة الشر والنفاق والإجرام والذبح والقتل في الدرعية من زواج الدم والشر والتزييف والتحريف بين محمد بن سعود ومحمد عبد الوهاب في سنة 1157 هـ.ق الموافق 1745 م، حتى بانت فتاوى التكفير والسلب والنهب وعودة الأمة الى ربوع الجاهلية الأولى بعبادتها للحاكم بدلاً من الخالق الواحد جل وعلا، لتستباح المقدسات وتنتهك الأعراض وتسفك دماء الأبرياء حباً للذات والسلطة كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن والبحرين على يد عصابات الوهابية التكفيرية والسلفية البترولية وأنهار الدم تجري وسط أسماع وعلى مرأى المتشدقين بحقوق الانسان وحرية التعبير والأديان، وهي جرائم تقشعر لها أبدان وضمائر الأحرار ناهيك عن تحريمها والتأكيد على الإبتعاد عنها في جميع الأديان السماوية والمكاتب الدنيوية .

"بقيع الغرقد" كانت الهدف الأول لكره وحقد محمد عبد الوهاب تلميذ إجرام أبن تيمية، وآل سعود حيث لا يمكنهم أن يرون من هم أعلى منهم محبة ومكانة ومنزلة بين الأمة على مختلف مذاهبها وصنوفها، فكان لابد من أستهدافها وتدميرها لسحق عزة وكرامة المسلمين وكسر شوكتهم وشق وحدة صفهم بزرع بذور نار الفتنة الطائفية، في وقت لا تزال هنالك الكثير من القبور لعظماء وأولياء وحتى ملوك ورؤساء خالدة حتى يومنا هذا في الكثير من بلاد العالم المتحضر وهي موضع فخر وإعتزاز وأحترام، فهل توجد أخلد وأطهر من ذرّية رسول الله صلى الله عليه وآله الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرّهم تطهيرا ؟!.

تعرضت القبور الطاهرة لأئمة اهل بيت النبوة والوحي والرسالة عليهم السلام وسائر الأصحاب الميامين في البقيع الغرقد لمرحلتين من جريمة التهديم.. فكانت الجريمة الأولى عند قيام الدولة السعودية الأولى حيث قام آل سعود بأول هدم جزئي للبقيع وذلك عام 1220 هـ .ق، وعندما سقطت الدولة على يد العثمانيين أعاد المسلمون بناءها على أحسن هيئة من تبرعات المسلمين، فبنيت القبب والمساجد بشكل فني رائع حيث عادت هذه القبور المقدسة محط رحال المؤمنين بعد أن ولى خط الوهابيين لحين من الوقت.

أما الجريمة الثانية فكانت بعد ما استولت الوهابية وآل سعود مرة اخرى على مكّة المكرّمة، والمدينة المنوّرة وضواحيهما، وقامت دولتهم الثالثة عام 1344 هـ.ق بمساعدة الاستعمار البريطاني الماكر، بدأوا يفكّرون بوسيلة ودليل لهدم المراقد المقدّسة في البقيع ، ومحو آثار أهل البيت ( عليهم السلام ) والصحابة، استعانوا بفتوى هبلهم الكبير آنذاك قاضي قضاة الوهابيين "سلمان بن بليهد" والذي ساعده حشد من علماء ودعاة بلاط الدرهم والريال الذين أشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق، في الثامن من شوال عام 1344هجري قمري ـ الموافق لـ21 نيسان (إبريل) عام 1925ميلادي، وقد نشرت جريدة أُمّ القرى بعددها 69 في 17/شوال 1344 هـ.ق نص الاستفتاء وجوابه بالتأكيد على تهديم القبور، وهو ما أستند عليه آل سعود المارقين الذين اعتبروه مبررا مشروعا لهدم قبور الصحابة والتابعين خوفاً من غضب المسلمين الذين انتفضوا ضدهم في الكثير من البلاد الاسلامية؛ كما يستند أبناؤهم واصحابهم وأنصارهم وعملاؤهم في الجماعات الارهابية المسلحة وفي مقدمتها "داعش" بإجرامها القائم في الشرق الأوسط وهتكهم للمقدسات .

العالم الاسلامي يعيش هذه الأيام مرارة الذكرى السنوية الثانية والتسعين للنكبة الاسلامية الكبيرة التي تتمثل في الاعتداء على مقدسات أولياء الله بهدم أضرحة أئمة أهل البيت عليهم السلام المقدسة والطاهرة بالبقيع في المدينة المنورة ، وكذلك قبور العظماء من صحابة الرسول (ص) والتابعين، ذلك الجرح النازف والمحنة القائمة منذ أن قامت دويلة آل سعود الفسقة الماكرة القاسطة المارقة .

ليس خافياً على أحد ما تقوم به هذه الأسرة الحاقدة على الأمة وحركتها التكفيرية الضالة والمنحرفة من إستباحة لدماء المسلمين وهتك حرماتهم ومقدساتهم في جميع ربوع العالم الاسلامي خاصة ضد أتباع أهل البيت (ع) حيث لم يتحفظ الوهابيون في تبيان آرائهم، بل شرعوا بتطبيقها على الجمهور الأعظم من المسلمين بقوة الحديد والنار والارهاب والارعاب.. فكانت المجازر التي لم تسلم منها بقعة في العالم الإسلامي طالتها أيديهم، من العراق وسوريا حتى اليمن ومن البحرين حتى مصر وليبيا، ناصبين حقدهم في كل مكان سيطروا عليه على الاجرام والتكفير والتفجير والذبح وتهديم قبور الصحابة وخيرة التابعين وأهل بيت النبي (ص) الذين طهرهم الله عزوجل من الرجس تطهيرا.. وكانت المدينتان المقدستان (مكة المكرمة والمدينة المنورة) ولكثرة ما بهما من آثار دينية، من أكثر المدن تعرضا لهذه المحنة العصيبة والمأساة النازفة ، التي أدمت قلوب المسلمين وقطعتهم عن تراثهم وماضيهم التليد، حتى أرتفعت صيحات المنظمات الدولية لهذا الأمر لكن دون جدوى طالما هناك دولارات يمكن من خلالها كتم الأفواه .