حذاري من اللعب بالنار
هذه ليست المرة الاولى التي تسوق فيها الولايات المتحدة الاميركية اتهامات واهية ومزيفة باستخدام اسلحة كيمياوية او التنبوء بها لتبرير عدوانها على سوريا وهذا امر غريب ومريب يستدعي الوقوف عنده فقد سبق للادارة الحالية ان بررت عدوانها على قاعدة الشعيرات باستخدام السلاح الكيمياوي في خان شيخون الذي فنده الكاتب الاميركي سيمون هيرش قبل ثلاثة ايام من التهديد الجديد بوضع علامة تساؤلات عليه واحراج الادارة الحالية بطرحه لتساؤلات عديدة حوله.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لجأت ادارة ترامب لخلق هذا السيناريو في هذا الوقت بالتحديد بان القوات السورية تنوي استخدام هذا السلاح ولابد من الحيلولة دون ذلك في وقت ينقل هيرش عن عسكريين اميركيين عدم اطلاعهم عن اي استعداد لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا ناهيك عن التباين في وجهات النظر بين الخارجية الاميركية وادارة البيت الابيض في الموضوع.
واذا ما تجاوزنا هذه التخرصات النابعة عن غياب الاستراتيجية الاميركية وتخبطها في سوريا فان ما يقلقها في الوقت الراهن هو نهاية المجموعات التكفيرية التي باتت على حافة الهاوية بعد ان راهنت عليها في ايجاد موطئ قدم لها في سوريا واذا بها اليوم خارج المطاف وهذا ما اعترف به روبرت فورد آخر سفير اميركي في دمشق حين قال بان اللعبة انتهت وان الايرانيين سيدفعون بالاميركيين الى الانسحاب من شرق سوريا.
ان اللعبة الاميركية القذرة في التصعيد بسوريا بحجة واهية اصبحت لعبة مكشوفة لن تنطلي على احد وهي في الواقع تخدم "داعش" التي دخلت دائرة الاحتضار لذلك لم يعد بيدها اي ورقة للتفاوض عليها في سوريا سوى تسويق مثل هذه الاتهامات الجاهزة وغير الواقعية لتبرير عدوانها على سوريا في وقت باتت الاستعدادات جاهزة لعقد جولة جديدة من المفاوضات في آستانة لحل الازمة السورية مع حقيقة اخرى ان هذه الادارة تتهرب باستمرار من وضع معلوماتها التي تدعيها تحت تصرف منظمة حظر الاسلحة الكيمياوية للتحقيق بشأنها وهذا ما تملصت منه في خان شيخون عندما طالبتها موسكو بالعمل مع لجنة تقص الحقائق لاثبات ذلك.
فالواقع الاميركي وبمختلف اداراته سواء الجمهورية او الديمقراطية مبني على المراوغة والخداع والشيطنة والعدوان وهذا اصبح جزءا من طينته ولا يمكن تغيير ذلك الا بالتصدي المباشر له وايقافه عند حدوده وانها تعلم قبل غيرها انه لم يعد في سوريا سلاحا كيمياويا بعدما اتفقت مع موسكو للتخلص منه.
وان اللافت في الامر ان كل المناطق التي استخدم فيها السلاح الكيمياوي كانت تحت هيمنة المجموعات التكفيرية بدءا من الغوطة الشرقية في ريف دمشق وانتهاء بخان شيخون وهي التي استخدمته وهذا ما توصلت اليه لجان التحقيق الدولية ولم يعد الامر خافيا على احد.
طهران التي تراقب الموقف عن كثب حذرت واشنطن من التمادي في غيها وتصرفاتها المتهورة واللامسؤولة بان اي تصعيد في سوريا هو لعب بالنار ولن يكون دون جواب.
لذلك على الادارة الحالية ان تفكر الف مرة قبل الاقدام على اية حماقة قد تكلفها مالاطاقة لها وهي تعلم ان تواجدها في سوريا مرفوض جملة و تفصيلا لانه انتهاك صارخ للسيادة السورية والقانون الدولي وانها لم تصحو بعد من الضربة الصاروخية الموجعة لحرس الثورة الاسلامية التي دكت قواعد داعش في دير الزور التي كانت في الواقع تحمل رسائل متعددة وفي مقدمتها للولايات المتحدة الاميركية وربيبتها المدللة "اسرائيل".