’إسرائيل’ مقيدة... والجيش السوري يتقدم شرقاً
جهاد حيدر
الكابوس الذي كانت تتخوف "إسرائيل" من مجرد التفكير به، بات أمراً واقعاً... بعدما جال رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الكرة الارضية شرقاً وغرباً.. (موسكو وواشنطن) مطالباً بمنع تكريس النفوذ والوجود الايراني في سوريا، سواء مع أو بدون اتفاق تسوية.. نجح الجيش السوري وحلفاؤه في اختراق مناطق سيطرة داعش، وصولا إلى الحدود العراقية الذي ترى فيه تل ابيب، فتح خط امداد عسكري بري بين ايران وكل من سوريا وحزب الله.
يتجاوز هذا الانجاز في أبعاده ونتائجه، مجرد كونه تحرير المزيد من المناطق السورية من سيطرة الجماعات التكفيرية.. بل يعد التحول الاهم بعد صمود النظام والدولة السورية، واستنفاذ الرهانات على إعادة تغيير مجرى الميدان بما يهدد المعادلات التي تكرست في الواقع السوري. أما بالنسبة للإسرائيلي، ليس فقط أنه فشل في احتواء انتصار محور المقاومة، فضلا عن أصل منعه، بل قفز الانتصار إلى مرحلة جديدة اكبر من قدرة "إسرائيل" على الاحتواء... ويتوقع أن تعزز تداعياته من مخاطر صمود النظام السوري، على الامن القومي الإسرائيلي.
على خط مواز، شكل وصول الجيش السوري ايضا اسقاطا لرهانات تجددت لدى تل ابيب حول امكانية أن تتمكن ادارة ترامب من فرض خطوط حمراء تحول دون تبلور هذا المسار واستكماله.. وهو ما حاولته الأخيرة عبر رسائل سياسية وعملانية، لكن الرسائل المضادة والتصميم الذي أظهره محور المقاومة أدى في نهاية المطاف إلى انكفاء الاميركي وتقدم الجيش السوري في عملية عسكرية خاطفة تلخص حقيقة من يملك كلمة الفصل على الساحتين السورية والاقليمية.
على مستوى النتائج والمفاعيل، تكفل خبراء ومعلقون في تل ابيب بتسليط الضوء على جانب منها. وفي هذا الاطار تم وصف الاتصال الجغرافي بين القوات العراقية والسورية، الذي يوفر "الممر البري"، بالتطور السيء جدا من ناحية إسرائيل. محذرا من نجاح مشروع "هلال المقاومة"، الذي سيؤكد سيطرة ايران العليا على هذا الجزء من الشرق الأوسط، وهو السيناريو الذي يقض مضاجع إسرائيل". وترى "إسرائيل" ايضا أن "هذا الأمر يعني إحياء الجبهة الشمالية الشرقية، التي كفت عن كونها تهديدًا منذ انهيار نظام صدام حسين في العراق والحرب الأهلية في سوريا".
لا شك أن مفاعيل ورسائل هذا الانجاز، بما فيها البعد الاميركي، سيكون حاضرا على طاولة القرار السياسي والامني في تل ابيب. وأقل ما سيحضر بقوة، أنه في حال لم يبادر الاميركي إلى خطوات مضادة تلغي هذا الانجاز ومفاعيله، فإن على "إسرائيل" أن تدرس خياراتها بما يتلاءم مع التسليم بهذه الحقيقة. وكان لافتا عدم مسارعة الجهات الرسمية الإسرائيلية – حتى حينه – للتعليق على هذا التطور الميداني الخطير بالمعايير الإسرائيلية.. إلا أن هذا التريث الإسرائيلي (الذي قد يعقبه لاحقا تعقيبا وتقويما وموقفا)، أبلغ دلالة وربما تكون تل ابيب في مرحلة دراسة الخيارات البديلة.. وانتظار نتائج الاتصالات التي تجري مع واشنطن..
في كل الاحوال، سيضطر الجيش الإسرائيلي إلى رفع مستوى الاستعدادات بالشكل المناسب للتهديد الجديد في الشمال الشرقي. ولكن ليس أمام صانع القرار- بمعزل عن الولايات المتحدة – أي خيارات ناجعة بفعل موازين القوى الاقليمية والتصميم الذي أظهره محور المقاومة لتحقيق هذا الهدف ايا كانت التداعيات. ومع أن دوافع "إسرائيل" للمبادرة العملانية... بهدف منع تحقق هذا المسار الاخطر على أمنها القومي، تتطلب التدخل العسكري المباشر البارحة قبل اليوم... لكنها مقيدة بمعادلات ردع متبادل حالت حتى الان دون العديد من السيناريوهات العملانية الملحة إسرائيلياً في كل من لبنان وسوريا والمنطقة.