عندما يبيع العلماء دينهم بدنياهم فانتظر الخراب
* رشيد زياني شريف - كاتب جزائري
أمراء آل سعود وآل مكتوم بمساعدة فقهاء الرموت كنترول في الجزيرة العربية وكل من شاركهم قصعاتهم من "علماء عرب عجم، دبجوا قائمة سوداء تتضمن، بزعمهم أسماء مؤيدي الإرهاب والمتهمين به، وأدرجوا فيها علماء وشخصيات ومنظمات وجمعيات، ليلتحق بهم ربما عن قريب دول بعينها لرفضها البصم على قائمة العار.
جملة من الملاحظات
– انضمت رابطة العالم الإسلامي لتوافق بشكل تام، نصا ومضمونا” على هذه القائمة رغم أنها تتضمن علماء أجلاء حضوا بتبجيل سابق وتشريف من قبل هؤلاء الحكام أنفسهم، قبل أن يقرر الحاكم قلب الطاولة ويعتبرهم "إرهابيين” فيستدعي "الرابطة” لتبصم على قرر الحكام، دون أن تسأل نفسها هل هذه فتوى شرعية أم سياسية، وهل هي لله أم لأصحاب النعم والموائد.
– في وقت أصبح الحاكم هو من يصدر القرار فيتبعه العالم، وانعكست الصورة لذلك الزمن الذي كان فيه الحاكم لا يجرؤ علي اتخاذ أي قرار قبل استشارة العالم ومعرفة رأيه فيه، هل بقي للرابطة مبرر وجود، ومصداقية تأهلهم للاضطلاع برسالتهم كورثة الأنبياء؟ لا أعتقد، لأنهم مسخوا تلك الرسالة ونزلوا بها إلى مستوى العلف ولعق الموائد، لقاء تدبيج الفتاوى السياسية بغلاف فقهي رخيص.
– أجزم دون ادعاء معرفة الغيب، لو قرر آل سعود الآن مباشرة، وحتى قبل أن يجف حبر الفتوى والقرار بشأن قائمة رعاية الإرهاب، لو قرروا الآن أن حماس حركة جهادية يستوجب نصرتها، وأن الشيخ القرضاوي من العلماء الأجلاء، للعق العلماء فتواهم الأخير وبصموا على الجديدة بكل حزم وإصرار وثقة، دون أن يرف لهم جفن او يشعروا بأي حرج ناهيك عن تأنيب ضمير، وحتى لا أبدو متجنيا عليهم، أذكر بقضية المجاهدين العرب في أفغانستان في حربهم ضد الدب الروسي، ألم يكن هؤلاء العلماء من أشد مناصرين لهم بعد أن "قرر” آل سعود بنصرتهم لمحاربة "الشيوعيين السوفييت”، ففتحوا باب الجهاد، ووضعوا صناديق في كل المساجد لجمع التبرعات، ودعموهم بكل شيء، وصادف (وهل هي صدفة؟) أن هذا الجهاد ضد السوفييت كان محل دعم أيضا من العام صام، ثم ما إن دارت الدائرة وقرر العام صام ومن ثم آل سعود بأن المجاهدين إرهابيون، دار العلماء وكيفوا فتاواهم، لتنقلب من واجب نصر المجاهدين، إلى تجريمهم واعتبارهم إرهابيين وجب محاربتهم، نفس العلماء يجرمون نفس المجاهدين،
– ملاحظة أخرى، نجد قائمة آل سعود الممضاة من قبل علماء رابطة العالم الإسلامي بشأن المغضوب عليهم بتهمة الإرهاب، تتطابق شكلا ومضمونا مع قائمة نتنياهو والولايات المتحدة والعديد ممن الدول الغربية
عندما يكون علماء الأمة من مثل هذه الطينة ليصلوا وينزلوا برسالتهم إلى هذا الدرك ويصل بهم الحد إلى عدم الاكتفاء بإدراج قامة من قامات العلم ونظرائهم في ذات الرابطة قبل أن يؤمرون فيطيعون صاغرين، ويتهمونهم بالإرهاب، بل ينزلون إلى الحضيض ويجردونهم حتى من صفتهم العلمية، فبمثل هؤلاء العلماء ندرك سبب انحطاط الأمة وصلف وتطاول وغطرسة حكامها، الذين أيقنوا طينة "علمائهم” ونهمهم وحرصهم على حضور موائد العلف أكثر من تحملهم مسؤوليات ومشقة الصدع بالحق، فرضوا بالهوان والذل والخنوع، وقبلوا بتضليل البسطاء من الشعوب بنشر فتاوى تعزز حكم الظالم بحجة واجب طاعة أولياء الأمر المطلقة ( وإن جلد ظهرك وأخذ مالك ) !! ورضوا بتوظيف مكانتهم وفتاواهم لنشر الذل بين الناس، وكسر شوكة كل مطالب بالحق والعدل، فنجدهم يطالبون المظلوم بالصبر وللاحتساب، دون أن يجدوا ما يقابله من ورع وبصيرة ليطالبوا الجلاد بوقف ظلمه.
هذا الموقف منهم يذكرنا بالعصور الغابرة التي شهدت تحالف الكنسية والحكام لاستعباد الناس، من خلال اجتهاد القساوسة في زرع بذور الخنوع وقبول الفقر والهوان، وحث رواد كنائسهم بالطاعة المطلقة، لأن الجنة مأواهم، حسب رجال الكنسية، مع فارق جوهري أن الكنيسة يومها كانت حليفة الحكم أما علماؤنا أدوات الحكم، وشتان بين الحليف والخادم التابع.
أما من يخرج لنا ما ذكره ابن عساكر – رحمه الله من أن ” لحوم العلماء مسمومة ” كون ذلك يدعو إلى التهوين من غيبة غير العلماء، أولا فالعلماء الذين يتحدث عنهم غير العلماء الذين باعوا دينهم بدنياهم، أليسوا هم من أهانوا أنفسهم بمثل هذه الفتاوى التي تشرع الظلم وتقوي الظالم متجاهلين قول الله في الحديث القدسي ” يا عبادي إني حرمتُ الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما”، ثم أليس لحم المظلومين هو أيضا بل أشد سما يبتلعه من حرض عليهم ؟”