الصحف الأجنبية: تفاقم التوتر الطائفي والسياسي هو نتيجة قمم الرياض
اعتبر باحثون غربيون معروفون أنّ" نتيجة قمم الرياض التي شارك فيها الرئيس الاميركي دونالد ترامب هي تصعيد التوتر الطائفي والسياسي وليس انشاء جبهة موحدة ضد الارهاب"، وذلك في ظل الحملة التي تقودها السعودية ضد قطر".
هذا وفيما طالب زعيم حزب العمال البريطاني المعارض بإجراء نقاش صريح عن دور السعودية بانتشار الارهاب، أشارت مجموعة بارزة تعمل في مجال الامن والاستخبارات الى أن المدارس الدينية التي تمولها السعودية تعقّد المساعي البريطانية لمواجهة التطرف في الداخل.
وفي سياق متصل، شدّد مسؤول استخباراتي أميركي سابق على ضرورة التحالف مع ايران لمواجهة الارهاب التكفيري.
كتب "Bruce Riedel" مقالة نشرت على موقع معهد "Brookings" قال فيها "إنّ صفقة التسلح التي تبلغ قيمتها 110 مليار دولار، والتي أعلنت عنها ادارة الرئيس الاميركي مع السعودية هي عبارة عن "اخبار وهمية".
وأوضح الكاتب "انه تكلم مع مصادر تعمل في قطاع السلاح وكذلك مصادر في الكونغرس، وأن جميع هؤلاء اكدوا أن لا وجود لمثل هذه الصفقة، بل هناك مجموعة من "رسائل الاهتمام او النية" دون ان تكون هناك اي عقود".
كذلك اعتبر الكاتب انه من غير المرجح أن يستطيع السعوديون دفع ثمن 110 مليار دولار، في ظل هبوط اسعار النفط واستمرار الحرب على اليمن، الا انه اضاف أنّ" هناك صفقة قادمة لبيع الذخيرة الى السعودية بقيمة مليارات الدولارات"، وقال "إنّ القوات الجوية السعودية بحاجة الى المزيد من الذخيرة من أجل "مواصلة قصف أفقر الدول العربية"، بحسب تعبير الكاتب نفسه.
وفيما يتعلق بقطر، قال الكاتب "إنّ السعودية نسقت حملة لعزل قطر وإنّ الازمة هذه مع قطر قد تكون الاخطر رغم حصول أزمات سابقة في هذا الاطار"، كما لفت الى أنّ" السعودية وحلفاءها متحمسون "لمعاقبة قطر" بسبب دعمها للاخوان المسلمين واستضافة قناة "الجزيرة" وابقاء العلاقات مع ايران"، وتابع "إنّ نتيجة قمة الرياض وبدلاً من أن تكون جبهة موحدة "لاحتواء ايران"، فإنها تفاقم التوتر الطائفي والسياسي في المنطقة.
الدور السعودي بانتشار التطرف والارهاب
من ناحية اخرى، تناولت صحيفة "الاندبندنت" تصريحات لرئيس حزب العمال البريطاني "Jeremy Corbyn" شدّد فيها على أنّ" النقاشات الصعبة التي تريد رئيسة وزراء بريطانيا "Theresa May" اجراءها حول التطرف يجب ان تبدأ بالسعودية ودول الخليج "التي مولت الفكر المتطرف"، على حد تعبير "Corbyn" نفسه.
وأوضحت الصحيفة "أنّ تصريحات "Corbyn" جاءت في خطاب ألقاه بعد الهجوم الارهابي الاخير في لندن، وأنّ الأخير انتقد امتناع رئيسة وزراء بريطانيا عن كشف محتوى التقرير حول التمويل الاجنبي للتطرف داخل بريطانيا، وهو تقرير كان من المفترض أن ينشر العام الماضي لكن ذلك لم يحصل بسبب ما وصف "بمحتوى حساس"، حيث يسلط الضوء على دور السعودية بهذا الاطار".
بدوره، كتب "Robert Fisk" مقالة نشرتها ايضاً صحيفة "الاندبندنت" انتقد فيها عدم تطرق رئيسة وزراء بريطانيا "Theresa May" اطلاقاً في ردها على هجوم لندن الارهابي الاخير الى السعودية، قائلاً "إنّ "ايديولوجيتها الوهابية تجري في دماء "داعش" و"القاعدة" و"طالبان"".
وأعرب الكاتب عن تأييده لما قاله زعيم حزب العمال البريطاني "Jeremy Corbyn" عن ضرورة اجراء "نقاشات صعبة" مع السعوديين وحلفائهم الخليجيين، بدلاً من اجراء هذه النقاشات مع مواطنين بريطانيين مسلمين، الا انه" اعتبر أنّ" رئيسة وزراء بريطانيا هي أجبن من أن تقدم على هذه الخطوة بسبب الارباح الناتجة عن صفقات بيع السلاح الى حكام دول الخليج".
بدورها، قالت مجموعة "صوفان" للاستشارات الامنية والاستخباراتية في تقريرها اليومي "إنّ هجوم لندن الارهابي الأخير يطرح أسئلة عن ضرورة تغيير المقاربة التي تعتمدها بريطانيا ودول أخرى لجهة مكافحة التطرف".
وتحدثت المجموعة عن حاجة بريطانيا الى إصلاح بعض القوانين المتعلقة بالترويج للكراهية والارهاب و"فكر ابن لادن"، (بحسب تعبير المجموعة)، كما أشارت الى أنّ" هناك ما يقارب 3000 شخص في بريطانيا يعتبر انهم يشكلون تهديدا حقيقيا، الى جانب آلاف آخرين يشكلون تهديدا على مستوى أقل نسبياً، وان ذلك يعني بالتالي أنّ أجهزة الامن والاستخبارات البريطانية تواجه صعوبة في معالجة المشكلة (بسبب هذه الاعداد الكبيرة)".
المجموعة نبهت الى أسباب أخرى وراء تصعيد الارهاب الدموي في بريطانيا وغيرها من البلدان، وأشارت في هذا السياق الى الحرب في سوريا وإلى النزاعات في أماكن مثل ليبيا واليمن، مشددةً على أنّ" هذه النزاعات أوجدت وصدّرت الارهاب بشكل غير مسبوق.
كذلك لفتت الى أنّ" بريطانيا ودولًا أخرى تواجه تعقيدات بموضوع نشر الارهاب الدموي تتمثل بانتشار واسع للمدارس التي تمولها السعودية"، وقالت "إنّ هذه المدارس وعلى مدار عقود تم ربطها بنشر التطرف".
كذلك ذكّرت المجموعة بالتقرير الحكومي البريطاني حول تمويل الارهاب الذي يسلط الضوء على الدور السعودي في هذا الاطار، وبأنّ التقرير هذا يبقى دون أن تنشره الحكومة البريطانية بعد مرور ثمانية عشر شهراً على إعداده.
وفي الختام، شددت المجموعة على ضرورة تبني مقاربة أشمل من قبل الحكومة البريطانية لمعالجة العناصر التي تدفع "بالراديكالية الدموية" سواء داخل بريطانيا أو خارجها.
على واشنطن أن تتحالف مع ايران اذا ما أرادت هزيمة الارهاب التكفيري
وفي هذا الاطار، كتب "اميل نخلة" الذي عمل سابقاً "مدير برنامج التحليل الاستراتيجي للإسلام السياسي" في وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية الـ"CIA" نشرت على موقع "Lobelog" قال فيها "إن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين وخلال الاعوام الخمسة والعشرين الماضية عانوا كثيراً من الارهاب، وإن هذا الارهاب جاء في الغالب من قبل "سنة متطرفين"" بحسب تعبيره.
وأضاف الكاتب "أن اميركا أنفقت مليارات الدولارات في محاربة "القاعدة" وجماعات تابعة لها وكذلك في محاربة "داعش"، لكن دون تحقيق نتائج تذكر"، مشيراً الى أنّ" التحالفات التي أقامتها واشنطن مع الكثير ممن وصفهم "القادة السنة" في الشرق الاوسط من أجل مكافحة الارهاب، ايضاً لم تحقق نجاحاً يذكر".
وبالتالي اعتبر الكاتب أنّ" ادارة ترامب ربما عليها أن "تخفف من احتضانها للأنظمة السنية" (بحسب كلامه) وأن تدخل بشراكة مع "ايران الشيعية غير السنية" (وفقاً لتعبيره)، من أجل انهاء الحرب على الارهاب.
كما أضاف الكاتب أنّ" ترامب ومستشاريه واذا كانوا جادين في تنفيذ مقاربة "الواقعية المبدئية" التي تحدث عنها الرئيس الاميركي في الرياض، عليهم أن ينظروا بجدية بتوصية الشراكة مع ايران من اجل محاربة الارهاب".
وقال الكاتب "ان ايران هي "دولة شيعية غير تبشيرية" لها مصالحها، وانها قد تكون مستعدة للعب دور محوري في محاربة الارهاب"، مشيراً الى أنّ" ذلك يخدم في النهاية الامن القومي الاميركي وكذلك الاستقرار الاقليمي".
كذلك شدد الكاتب على أنّ" ما يسمى بحلف "الناتو" العربي لن يساهم ايجاباً فيا أسماه حرب اميركا على الارهاب"، معتبراً أنّ "حلف الناتو العربي" موجه ضد ايران وتم انشاؤه من اجل بقاء انظمة الاستبداد، وأن هذا الحلف ملتزم بحفظ حكم العائلات في دول الخليج العربية "على حساب حرية وحقوق انسان شعوبها".
الكاتب نبه من أنّ" الوقوف مع معسكر معين فيما اسماه "صراع طائفي بين السنة والشيعة" أو بين السعودية وإيران يتعارض ومصالح أميركا في مجال الامن القومي"، كما تابع "إنّ العناصر التي أدت الى ظاهرة أسامة ابن لادن وتنظيم "القاعدة" و"داعش" تتمثل بعقيدة دينية متطرفة وكذلك بسياسات القمع والفساد والبطالة من قبل انظمة الاستبداد".
وقال الكاتب "إنّ اغلب الارهابيين "مسلمون سنة" (بحسب تعبيره)، وإن مبررهم للقيام بأعمال دموية مثل قطع الرؤوس موجود في بعض "المدارس السنية مثل الحنبلية والوهابية والسلفية"، ونبه الى أنّ" هذه المدارس موجودة بشكل اساس في السعودية ودول خليجية اخرى"، كما لفت الى أنّ" العديد من المتطرفين وكذلك الكثير من التمويل للمتطرفين جاء من هذه الدول".
كذلك تحدث الكاتب عن آلاف المنح الدراسية التي أعطاها السعوديون للشباب المسلمين من جميع انحاء العالم الاسلامي والتي ساهمت بنشر الفكر المتطرف، قائلاً "إنّ سياسات القمع والفساد من قبل أنظمة والاستبداد بدول مثل السعودية أدت الى مستوى تعليمي متدن ومستوى عال من البطالة، وكذلك مشاعر التهميش لدى الشباب.
ونبه الكاتب من أنّ" ذلك دفع بالتالي الى تجنيد الشباب الغاضبين ومشاركتهم في أعمال ارهابية".
اما في ايران فقد أشار الكاتب الى أنّ" الشباب هناك يستطيع انتاج الافلام والموسيقى وكذلك نشر الكتب والمجلات"، ولفت الى أن كل ذلك هو غائب تماماً في السعودية.