الانتخابات الرئاسية وسيادة الشعب
دخلت المنافسة الانتخابية بين المرشحين الستة الذين يمثلون كافة اطياف الشعب الايراني من اصوليين و اصلاحيين و مستقلين الى سدة رئاسة الجمهورية، مرحلة التنافس الحقيقي مع اجراء اول مناظرة جرت مساء الجمعة والتي خصصت للقضايا الاجتماعية كالزواج والسكن والبيئة وغيرها من الجوانب المعيشية للناس والفوارق الطبقية في المجتمع حيث طرح المرشحون الستة رؤاهم بشكل شفاف وعلمي وموضوعي يفسح المجال لابناء الشعب حرية حق الانتخاب للاصلح من بين هؤلاء المرشحين الذين دافع كل منهم عن برنامجه الانتخابي وان كان الرئيس روحاني لا يحمل برنامجا جديدا انما دافع عن اكمال برنامجه الذي بدء به قبل اربع سنوات.
اما من الصعوبة جدا ان يحكم المرء من المناظرة الاولى التي اقتصرت على الجوانب الاجتماعية والمعيشية تقديم مرشح على آخر لانه من السابق لاوانه ان نستبق الشارع واستطلاعات الرأي لتسجيل النقاط ووضع اليد على المرشح الاقوى والاكثر حظا بالفوز في هذه الانتخابات خاصة وان الانتخابات الرئاسية في ايران كانت مفاجئة على الدوام ولايمكن التكهن بنتائجها وهذا ما ثبت عبر الانتخابات التي جرت حتى الان.
هذه الصيغة من المناظرات المتقدمة التي شهدها العالم عصر يوم الجمعة لم تجد لها نظيرا سوى في الغرب لانها غير مألوفة في عالمنا الاسلامي الا ان فارقها الوحيد مع الغرب انها يطغى عليها الطابع الشعبي بعيدة عن الكارتلات والشركات الكبرى التي تتحكم بالانتخابات الغربية عبر التمويل واجراء المناظرات والكارنافالات، لكن مجمل ما خرجت به المناظرة بانها اوضحت الصورة الى حد ما للناخب الايراني للتعرف على مرشحه من خلال طرحه لبرنامجه الانتخابي طبعا في القضايا الاجتماعية اما المناظرتين المستبقيتين خلال الاسبوعين القادمين والاهم بالنسبة للناخب هي القضايا السياسية ثم تليها القضايا الاقتصادية التي ستكون الفيصل في تحديد توجهات الناخب لانتخاب مرشحه النهائي ودفعه الى سدة الرئاسة ومما يصون سير الانتخابات الرئاسية وغيرها في ايران من التلاعب والتزوير هو وجود المؤسسات الثابتة في البلاد واشرافها على مراحل الانتخابات دون تركها لجهة معينة او وزارة خاصة وقد سبق ان اقر مجلس الشورى الاسلامي مادة تتضمن ستة مواد للتركيز على شفافية الانتخابات من حيث التمويل والدعاية التي ترهق كاهل المرشح مما يضطر الى سلوك طرق غير قانونية او مديونية لاطراف داخلية او خارجية تفرض شروطها وتوجهاتها عليه وقد يؤول الامر الى مخاطرة كبيرة تخدش سيادة البلد واستقلاله لذلك استقر الامر بان تلعب التلفزة والاذاعة الايرانية دورا رئيسيا ومميزا لتقسيم الوقت لكل مرشح بالتساوي ليتحدث الى الشعب مباشرة واقناعه ببرنامجه الانتخابي.
لذلك باتت انظار الداخل والخارج شاخصة صوب صناديق الاقتراع للانتخابات الرئاسية التي ستجري في التاسع والعشرين من الشهر الايراني الحالي وتخرج بنتائجها لتسمية الرئيس القادم ليقود البلاد لاربع سنوات قادمة وقد تكون المفاجئة هي سيدة الموقف كما في الانتخابات السابقة.