سلمان الصُغيّر يرشي بوتين!
تقف السعودية اليوم على مفترق طرق خطير لان جميع محاولاتها والتي وصلت الى حد اعلان الحرب بالنيابة في سوريا والعراق والمباشرة في اليمن من اجل ان يتحقق هدف واحد الا وهو عزل ايران عن المنطقة والعالم، ولكن والذي اتضح في الافق السياسي سواء الاقليمي او العالمي ان كل هذه المحاولات لم تستطع من خلالها الرياض اقناع العالم بموقفها، بل وبالعكس فانها قد تضررت كثيرا واصبحت هدفا ومرمى لجميع الدول خاصة حليفتها الاستراتيجية اميركا التي كشفت عن صورتها الحقيقية عندما افصح ترامب من ان السعودية اذا ارادت حمايتنا عليها ان تدفع لنا، مما يتضح ان السعودية قد استنزفت اموال وثروات شعبها من اجل ان تبقي اميركا وبعض الدول الاخرى قريبة منها.
ولكن الذي اتضح بالامس ان السعودية تعيش حالة من القلق والخوف المستديم لما ستؤول اليه الاوضاع بعد اندحار داعش من العراق وسوريا وتنتهي الازمة القائمة اليوم وعلى غير ماخططت اليه، مما سيضعها ليس في مظان الاتهام بل انها ستكون وحسب الاعراف والقوانين الدولية مجرمة حرب بما تحمل هذه العبارة من معنى، لان ما خلفته الازمات التي افتعلتها الرياض في المنطقة والذي ذهب ضحيتها الالاف من الابرياء بالاضافة الى ما دمره الارهابيون من خلال اجرامهم وحقدهم الدفين في المدن التي استولوا عليها.
واللافت ان عقدة ايران قد افقدت صواب السعوديين خاصة سلمان الصغير الذي جرب حظه في كثير من الخطط والمشاريع لوضع ايران في الزاوية الضيقة، الا ان النتائج جاءت عكسية تماما، مما دفعه بالامس ان يذهب الى حالة خسيسة ودنيئة وهو محاولة ابعاد الروس عن التحالف مع ايران عندما طرح تفسيرا مثيرا عن هدف بلاده في دبلوماسيتها تجاه روسيا.
وقال سلمان الصغير في مقابلة مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية نشرت الجمعة إن "هدف السعودية الرئيسي هو إقناع روسيا ألا تضع جميع أوراقها خلف إيران في المنطقة"، مضيفا أن "المملكة تعد رهانا أفضل من طهران في المنطقة"،
وأوضح ولي ولي العهد السعودي أنه ومن أجل إقناع روسيا بذلك: "قمنا مؤخراً بتنسيق سياساتنا النفطية مع موسكو، وهذه قد تكون أهم صفقة لروسيا في العصر الحديث"،مما يتضح من التصريح انه يريد ان يرشي بوتين ليغير موقفه.
الا ان بن سلمان لازال يجهل ان تحالف طهران مع موسكو لم يكن دافعه المصالح، بل هو يتعدى الى ابعد من ذلك ويمكن القول انه تحالف المبادئ والقيم الانسانية التي تداس اليوم تحت اقدام الارهابيين المدعومين من قبل السعودية وعملائها.
ولابد من الاشارة الى ان التعاون بين طهران و موسكو قائم على هدف سام ونبيل الا وهو انقاذ المنطقة عن هذه الحالة الشاذة التي فرضت عليها والمعروف هدفها المشؤوم الا وهو تغيير جغرافية وديموغرافية المنطقة وبالصورة التي رسمتها احلام بني سعود ونتنياهو وترامب وغيرهم،ومن المسلم انه لايمكن لمثل هذا التصور الاهوج ان بجد طريقة للتنفيذ لانه يصطدم بسيادة واستقلال الشعوب والبلدان.
ولذا نجد ان الصمود الرائع للشعبين العراقي والسوري في وجه الارهاب والارهابيين بحيث تمكن ان يصل الى النقطة الاخيرة وهي دحرهم وطردهم من اراضيهم وتخليص ليس المنطقة بل العالم من شرهم مما سيعكس هزيمة منكرة لمحور الاعتلال الاميركي في المنطقة والذي تنزعمه السعودية اليوم.
ان الاساليب الرخيصة في استمالة حكام الدول امر قد انتهى مفعوله ولم يعد له ذلك التاثير لان وكما يقال الحق بين والباطل بين ولايمكن لاي دولة بعد اليوم ان تدوس على قيمها ومثلها وتذهب لكي تقف مع الباطل والاجرام وعلى يد سوق النخاسة السعودية الذي لا يعرف سوى اغداق الاموال لتحقيق الاهداف.
واخيرا فعلى الرياض ان تعيد حساباتها خاصة تجاه طهران لان محاولاتها والتي امتدت الى اكثر من ثلاثة عقود ونيف ضد ايران الاسلام لم توصلها الى هدفها، ولذا عليها ان تختار اسلوبا آخر يعتمد على احترام سيادة الدول وعدم التدخل السلبي في شؤونها وهو الوسيلة الوحيدة لاعادة الامن والاستقرار وتجنيب المأسي عن ابنائها.