kayhan.ir

رمز الخبر: 55749
تأريخ النشر : 2017April23 - 20:34

المعادلة الصعبة الجديدة في تركيا


محمد نورالدين

كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد من الاستفتاء الذي أجري يوم الأحد الماضي، طياً لمرحلة وبداية لمرحلة جديدة.

ولكن نتائج التصويت على التعديلات الدستورية الواسعة فرضت معادلة جديدة تحصل للمرة الأولى منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002.

ذلك أن المعارضة في صراعها مع السلطة السياسية لأردوغان، وصلت إلى أعلى رقم لها منذ العام 2002. فالنتائج أشارت إلى نسبة 51.4 % ممن أيدوا التعديلات، مقابل 48.6 % عارضوها.

وبما أن النتائج جاءت خلاف ما كان يتوقعه أردوغان، وأقل بكثير مما كان يتمنى، وبما أن العملية الانتخابية شابتها بعض الشوائب، كما تقول المعارضة، فإن التشكيك في نتائجها يفتح أمام أردوغان تحديات وصعوبات في المضي بتطبيق هذه الصلاحيات عام 2019. علماً أن أردوغان يريد فرض أمر واقع سريع لتجنب النقاشات حول الاستفتاء إلى موضوعات أخرى، مثل عودته إلى حزب العدالة والتنمية، بل ترؤسه الحزب خلال فترة وجيزة قد لا تتعدى الشهر، وهي المادة الوحيدة التي يسمح الاستفتاء بسريان مفعولها فوراً.

على كل، فإن الاستفتاء أظهر انقساماً عمودياً حاداً يكاد يكون متساوياً بين طرفي المؤيدين والمعارضين.

وهو انقسام له دلالاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

فرغم أن أردوغان تحالف مع حزب الحركة القومية لتمرير التعديلات في البرلمان، فإن قواعد «الحركة القومية» لم تلتزم بقرار قيادتها، وصوتت ضد التعديلات بنسبة عالية بلغت 80 % من القاعدة الحزبية.

كذلك فإن نسبة لا تقل عن 7-8 % من قواعد حزب العدالة والتنمية صوتت ضد التعديلات، وهي تعادل 4 % على مستوى تركيا. وهذا واضح من أن الحزب نال عام 2015 نحو 50 % في الانتخابات النيابية، بينما لم ينل الآن سوى 51.4 % أي بزيادة نقطة ونصف فقط عن العام 2015. علماً بأن ال«نعم» هذه من بينها 3 نقاط من حزب الحركة القومية ونقطة ونصف النقطة من الناخب الكردي في المناطق الكردية، ولو أن قاعدة العدالة والتنمية صوتت بكاملها للتعديلات لكانت ال «نعم» يجب أن تنال بحدود 55 %. ومن الأدلة على ذلك أن مناطق تعتبر معاقل لحزب العدالة والتنمية في إسطنبول، مثل أيوب وأسكودار ومناصفة في منطقة الفاتح صوتت ب«لا» للتعديلات.

أيضاً، فإن المدن الكبرى صوتت ضد التعديلات، كذلك الشريط الساحلي في البحر المتوسط وإيجه. وهذا كله يفضي إلى دلالة أن البرجوازية التركية كما الفئات المتعلمة، تعارض الاستفتاء، ولديها قلق واضح من أن يكون للحاكم كل هذه الصلاحيات التي ترى المعارضة أنها تتعارض مع عملية التنمية الاقتصادية والسياسية التي تحتاج إلى أنظمة ديمقراطية وهيئات رقابة قضائية مستقلة، ومساءلة شفافة، وأن يكون لكل المكونات حق المشاركة في القرارات السياسية والعامة سواء، مباشرة أو غير مباشرة، في الحكومة أو البرلمان. ولكون قوة حزب العدالة والتنمية باتت في المناطق الريفية يسقط عنه فكرياً صورة الحزب التحديثي ويضعه في خانة الأحزاب الريفية، رغم كل ما يحاول أن يبديه خلاف ذلك.

ومثل هذه التعديلات تقطع الطريق على المكونات الأخرى للمشاركة الفعلية في إدارة البلاد عبر إضعاف دور البرلمان، وهو ما سيدفعها للتفكير في انتهاج أساليب جديدة للعمل المعارض يمكن أن يتضمن خيارات تفتح على الفوضى، والتمرد، والعنف.

إذاً، الاستفتاء جاء ب«نعم» متواضعة تجعل من تطبيق التعديلات أمراً محفوفاً بالصعوبات، والمشكلات، والتطورات الداخلية المفتوحة على كل المفاجآت. كذلك فإن نتائج الاستفتاء وتقرير لجنة المراقبة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي السلبي، والمنتقد لمسار عملية التصويت، ستبقي عوامل التوتر قائماً بين الطرفين. ولا يتوقع في حال دخلت التعديلات حيز التنفيذ أن يظهر أردوغان ليناً في العلاقة مع أوروبا، بل ربما يطرح مسألة العلاقة مع أوروبا على استفتاء شعبي.

لقد ربح أردوغان ولم ينتصر، وفشلت المعارضة ولم تنهزم. هذه هي المعادلة الصعبة اليوم في تركيا.