جعجعة اميركية لاستلاب طهران
من تابع المواقف الاميركية خلال الايام الاخيرة تجاه الاتفاق النووي مع ايران بدءاً بالرئيس الاميركي ترامب ومرورا بادارته وانتهاء بفريقه الوزاري من القدماء العسكريين الذين يحيطون به تصدر ان عقارب الساعة قد عادت الى زمن الحملات الانتخابية الاميركية التي كانت فيها العنتريات والتهديدات سيدة الموقف بالقول ان هذا الاتفاق احد اسوأ الاتفاقيات التي وقعتها اميركا وانه ماض اي الرئيس ترامب في تمزيقها، لكن ما تغير اليوم هو فعلا في اللهجة الاميركية التي لم تفش بعد بها حتى تتضح الحقائق ونعرف بالضبط ما تريده الادارة الترامبية.
صحيح ان التخبط والهستيرية الجنونية سائدة بشكل جلي على الادارة الحالية بتصور باطل وواه من انها تستطيع عبر التهديدات والصراخ ضد الدول ومنها ايران تحقيق اهدافها وتأمين مصالحها باقل الاثمان لكنها تعلم ان هذه الادبيات البالية لا تنفع مع ايران الاسلامية التي اتخذت قرارها النهائي والمصيري يوم انتصرت ثورتها الاسلامية في الثاني عشر من شباط عام 1979، من انها ومن الان وصاعدا لا احد في العالم سيملي عليها قرارا سوى ابنائها وهذا ما ثبت ليومنا هذا.
واذا تصورت الادارة الاميركية الحالية انها تستطيع عبر ارسال الرسائل المتضاربة والمتناقضة والتهديدية ايجاد شرخ في الجدار الايراني فانها ماضية في السراب ولم تجن من هذه التحركات اليائسة سوى الخيبة والخذلان ومزيد من الهزائم امام ايران الاسلامية الحصن المنيع الذي اثبت جداراته حتى اليوم وباعتراف الاعداء قبل الاصدقاء.
وما كان مستغربا وقد قوبل بنوع من السخرية والاستهزاء ان يسارع ركس تيلرسون وزير الخارجية بارسال رسالة الى رئيس مجلس الشيوخ الاميركي يذعن فيها بالتزام ايران بنود الاتفاق النووي الا انه في اليوم التالي يوجه اتهامات سخيفة لايران بدعمها للارهاب وان كل مشاكل المنطقة من ايران. وفي نفس الوقت يتجه وزير دفاعه ماتيس الى المنطقة وهو يحمل اتهامات مماثلة ضد ايران بدعمها للارهاب وهو يعني قوى المقاومة في المنطقة.
ولم تمض بعد على هذه التصريحات المتضاربة والمتناقضة سوى 24 ساعة حتى خرج علينا الرئيس ترامب نفسه وفي لعبة مكشوفة يطالب بمراجعة الاتفاق النووي مع ايران بذريعة انها لا تلتزم بروح الاتفاق وعلى وكالات الامن الاميركية تقديم تقرير في هذا المجال خلال 90 يوما. انه في الواقع تحرك اميركي ما جن واستفزازي تحاول الادارة الحالية على حد تصورها المفلس ان تلعب بمزاج الناخب الايراني وتؤثر على نتائج الانتخابات متناسية ان هذه اللعبة القذرة تعني التدخل في الشأن الايراني وانتخاباته وهذا خلافا للقانون الدولي واتفاق الجزائر الذي اكد على عدم التدخل في الشؤون الايرانية.
لكن ما كان لافتا وما استشرف به قائد الثورة الاسلامية الامام الخامنئي وقبل ساعات من تصل تهديدات الرئيس ترامب الى الداخل الايراني حذر سماحته واشنطن من ان تهديدها لا تخيف احدا ولن تحقق اي شيء من وراء ذلك.
اما بيت القصيد في هذه التهديدات هو مراجعة الاتفاق النووي الذي هو ليس مع اميركا حتى تعربد وتستطيع التلاعب به بل انه اتفاق على المستوى الدولي وقبل ان ترفضه طهران حتى الدول الاوروبية الحليفة لها فكيف بالصين وروسيا التي خرج نائب وزير خارجيتها ليؤكد بالفم الملآن اننا سنلجم اميركا حال قيامها باي اجراء ضد الاتفاق النووي.
ولن يبقى في النهاية سوى ان نقول ان التصعيد الاعلامي الاميركي لمراجعة الاتفاق النووي هو مناورة استفزازية سخيفة للحصول على المكاسب التي تحلم بها لكننا نطمئنها بانها لن تحصد سوى الخيبة ومزيد من الفضائح على انها دولة غير منضبطة وغير ملتزمة بالقانون الدولي وهذا ما يخدش مصداقيتها ومكانتها في الوسطين الاقليمي والدولي.