kayhan.ir

رمز الخبر: 55480
تأريخ النشر : 2017April18 - 21:31

الأردن ولعبة الكبار والمغامرة في صُنع التوتر مع إيران


يُغامر الأردن في حساباته الإقليمية، مُحاولاً إرضاء واشنطن في سياستها الجديدة تجاه إيران والقائمة على حشد الجبهات وصناعة التوتر. وهو ما اختلف عن سياسة الإدارة السابقة ليس بالنظرة تجاه طهران بل بالأسلوب.

في حين يتساءل الكثيرون عن أهلية الأردن في تحمل هكذا صراع. وهو البلد القابع بين أزماتٍ تُحيط به، ويعاني واقعا داخليا قد ينفجر في أي لحظة. فما قصة التوتر المُصطنع بين الأردن وإيران؟ وما هي الحقائق التي على الأردن معرفتها والتي تلامس مصالحه الخاصة؟ وكيف يمكن تحليل ذلك؟

قصة التوتر: كيف بدأت؟

بدأت قصة التوتر من واشنطن، وعلى لسان الملك الأردني. فخلال حديثٍ له مع "الواشنطن بوست" اتهم الملك عبد الله إيران برعاية الإرهاب، ووضعها في كفة واحدة مع أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش الإرهابي. خرج حينها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ليردَّ بأن هذه الإتهامات سخيفة وغير مدروسة، مُذكراً بأعداد الأردنيين المقاتلين في صفوف الجماعات الإرهابية.

بعد ذلك، استدعت وزارة الخارجية الأردنية السفير الإيراني في عمان وسلمته احتجاجاً رسمياً على هذه التصريحات. وبالأمس طالب النائب في مجلس النواب الأردني، صالح العرموطي بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران عبر طرد السفير الإيراني من بلاده وسحب السفير الأردني من طهران.

حقائق مهمة: هل يأخذها الأردن بعين الإعتبار؟

توجد عدة حقائق مهمة تجعل من السلوك الأردني معارضاً لمصالحه وهنا نُشير لذلك:

أولاً: ليست الأردن ببعيدة عن التهديدات الإرهابية. وهو ما يعني أن الخطأ في تعريف الإرهاب وتحديد رُعاته ليس لصالح الأردن. بل إن اتهام طرفٍ كإيران برعاية الإرهاب، يخدم الإرهابيين ويضرب نقاط القوة التي يمكن أن يمتلكها الأردن، لو أراد الإنخراط بالسياسة الإقليمية والدولية بشكل صحيح وحكيم. وهنا فلا يجب نسيان العمليات الإرهابية التي طالت الأردن وكان آخرها هجوم خلية تابعة لداعش على قلعة الكرك قبل عدة اشهر. والتي اصطدمت مع قوات الأمن، مما أدى الى وقوع ما يقرب من 15 قتيلاً حينها أغلبهم من العسكريين الأردنيين.

ثانياً: وضع الأردن نفسه في خانة الناطق بالسياسة الأمريكية طمعاً بأموالٍ سعودية ورضاً أمريكي. لكنه حتى الآن لم يتلق أي أموال من الرياض على الرغم من الخصوصية التي اتصف بها استقبال العاهل السعودي في القمة العربية. وهو ما يعني أن أولى رهانات الأردن سقطت. في حين يعرف الأردن أنه لا يستطيع تحمُّل عواقب قيادة حملة ضد إيران لأسباب تتعلق بجغرافيته السياسية ونقاط ضعفه الكثيرة لا سيما المحلية.

ثالثاً: يعيش الأردن حالة من الإنفصام مع الواقع سياسياً. فالديموغرافيا الأردنية مليئة بالنازحين على حساب أعداد الأردنيين. وهو ما يُعتبر أحد أهم نقاط الضعف الإجتماعي التي يمكن أن تقلب الواقع الأردني إذا أخطأ في حساباته ورهاناته الإقليمية. كما أن وجود سخطٍ شعبيٍ داخلي نتيجة ارتفاع الأسعار وفرض ضرائب باهظة والعجز في ميزانية الدولة، يجعل من الواقع المحلي واقعاً هشاً.

رابعاً: لا يتصف الأردن بأي دور إقليمي، سوى حماية حدوده وحدود السعودية من دخول التنظيمات الإرهابية. لكن من يقبع في حالة الدفاع، ويعاني الكثير من مشاكل، ويتمتع بموقع جغرافي مُهدد لا يستطيع الهجوم، خصوصاً على أطراف لديها نفوذ وتأثير كبير في المنطقة وترأس محاور متعددة الدول والجهات من سوريا الى العراق فالبحرين واليمن..!

التحليل والدلالات

عدة مسائل يمكن وضعها في خانة التحليل بناءً لما تقدم:

أولاً: كان لافتاً أن التصعيد الأردني جاء من الملك أي رأس النظام الأردني وخلال زيارته لأميركا وبعد لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وهو ما يعني أن المواقف الأردنية تميل مع الرياح الأميركية. فالتصعيد جاء بعد التماس سياسة تصعيدية من الجانب الأمريكي تجاه إيران. بعد أن كانت سياسة الإدارة الأمريكية السابقة أكثر دبلوماسية!

ثانياً: فضح السلوك الأردني المُفاجئ، والذي جاء على لسان الملك، تبعية الأردن الكاملة لأميركا. فالإستراتيجية الأردنية السابقة كانت تُغازل إيران دون مهاجمتها أو تأييدها. لكن يبدو أن التوجه الأميركي الجديد أدى لقلب الأردن استراتيجيته تجاه طهران.

ثالثاً: يُعتبر السلوك الأردني الخاضع للسياسة الأميركية مغامرة غير محسوبة كونه لا يصب في صالح الأردن، في ظل وضع إقليمي متأزم للدول التي تقبع للمصلحة الأميركية وتراجع في النفوذ الأميركي في المنطقة، وارتفاع خطر الإرهاب. في حين يجري التساءل عن المصلحة التي يجدها الاردن في انتهاجه سياسة أمريكية مبنية على الفشل تتعارض مع مصالحه القومية!

رابعاً: تجدر الإشارة الى أن خيارات النظام الأردني تتعارض مع خيارات الشعب الأردني. حيث أن الشعب عبَّر مراراً عن رفضه للخيارات الرسمية الخاضعة للسياسة الأميركية والرافضة لأصول الصراع العربي الإسرائيلي السليم. وهو ما برز بشكل واضح نهاية العام 2016، وبعد قيام الأردن بتوقيع عقد غاز مع شركة إسرائيلية، ما لقي استياءً شعبياً كبيراً، حيث اندلعت التظاهرات المعارضة للإتفاق مباشرة بعد الإعلان عنه، ونددت العديد من الجمعيات المدنية الأردنية بالاتفاق، مطالبة بإلغائه.

خامساً: يتولى الأردن، مسؤولية صنع التوتر مع إيران، مع وجود حاجة ماسة له لتحقيق الإستقرار الداخلي والخارجي، وفي ظل واقع جيوسياسي متأزم يُحيط به، دون قدرته على الرهان على أحد. فلماذا يضع الأردن نفسه محط رهان الآخرين لا سيما أميركا وحلفاءها. ولماذا قرَّر الأردن خوض ما عجز الآخرون عن خوضه والنجاح به لا سيما أميركا!

إذن، يُغامر الأردن على الرغم من افتقاده للدور وحاجته للراعي. يُغامر الأردن في مسارٍ يسلكه لن يؤثر إلا عليه وعلى من يمشي كالأعمى خدمة للمصالح الأميركية. فهل سيستمر هذا التوجه في ظل واقعٍ أردني داخلي وخارجي متأزم؟ ولماذا يُغامر الأردن بواقعه ودوره ويدخل لعبة الكبار ضعيفاً؟!

الوقت