kayhan.ir

رمز الخبر: 55418
تأريخ النشر : 2017April17 - 21:26

اجيال العراق الجديدة ... اولويات غير مؤدلجة !!


ابراهيم العبادي

مرت ذكرى سقوط نظام صدام في التاسع من نيسان مرورا باهتا ولم يكترث لها كثيرون كما لم تنشغل بها الاوساط الاعلامية والاكايمية والنخب السياسية كما ينبغي ،كما لو انها كانت حدثا عابرا ،لم يؤسس لمرحلة مغايرة في تاريخ العراق ولم يحدث قطيعة مع تاريخ سياسي واجتماعي بالغ السوء .

من الممكن الاعتذار عن عدم الاكتراث هذا ،بالحالة الاستثنائية التي تعيشها البلاد وهي تكابد حرب مكافحة الارهاب وتمركز الجهد الحكومي في هذا المضمار وانشغال الناس بهموم الحياة اليومية ،لكن حدثا ضخما كيوم التاسع من نيسان انقسم بشانه العراقيون ايما انقسام ماكان ليمر هذا المرور البارد لو كان التفكير السياسي في البلاد تقوده نخب سياسية وعلمية تتحرى الفهم السليم والقراءة الواعية المنتجة ،فلازلنا نتعامل مع احداث تاريخنا السياسي برؤى مؤدلجة حتى بعد مرور وقت طويل عليها ويغلب عليها طابع الاستثمار والتوظيف السياسي ،بما يحول المناسبات واستذكارها الى مادة للجدل السياسي والخصومة الايديولوجية والحزبية ،وفرصة لابتدال الخطاب والهبوط به الى مستويات شعبوية لاتستخلص دروسا ولاتؤسس لاعراف وقيم سياسية تتجاوز تاريخنا المفعم بالدموية والانقسام والعنف المادي والرمزي .

يوم التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ لم يكن حدثا امريكيا في قلب عاصمة العباسيين كما يحلو للبعض اختزاله ،ولم يك سقوطا لبغداد المسلمة تحت جحافل الكفر الصليبي كما تريد الادبيات السلفية ان تصوره لاغراض صراعية ،كما لم يكن فعلا شعبيا داخليا حتى يتحمل الشعب في الداخل مسؤولية ماقدمت يداه ،انه توليفة ضخمة لعوامل داخلية وخارجية ،عسكرية وسياسية ،نفسية واجتماعية ،تراكمت لتصنع الحدث المفصلي ،انه يوم انتهاء ٨٣ عاما من عمر الدولة الوطنية الحديثة باحقابها الليبرالية والقومية والفاشية ،ونهاية دولة المنظمة السرية وادواتها القمعية الرهيبة ،دولة الريع والاستبداد الشرقي المتاصل والضارب الجذور في البنية الاجتماعية والفكرية والاقتصادية . عندما تسقط الدول بسهولة وفي غضون ايام ولاتفعل ماكناتها العسكرية والاعلامية غير الطنين وهي تضمر الاستسلام والبحث عن منافذ امان ،وعندما يكون الشعب متفرجا ومنتظرا لساعة جديدة ،عله يجد فيها متنفسا لمكبوتاته غير مكترث لما يحدث ، تكون لحظة السقوط هذه بداية تفكير جديد وعهد جديد ،ربما يتواصل مع التاريخ السابق او يتقاطع معه ويدشن تاريخا لفعل شعبي ونخبوي مغاير ،لكن ماحصل بعد التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣ كان صراعا مضنيا بين فعل جماعات في الداخل العراقي وخارجه تريد استمرار اشكاليات التاريخ الدموي سلطويا وفكريا ،وبين رؤى طامحة لفعل يدشن لحقبة جديدة .

لقد ولد عراق جديد بشكل خارجي مغاير لشكله السابق لكن بمضون لايختلف عن كل ماحفل به تاريخه من سوء وتقلبات ونكبات واستبداد وقيم منافية لمنطق العقلانية البشرية ،لازلنا نرتع بكل اشكال التخلف رغم حلول العولمة في حياتنا عنوة واضطرارا ،ولازلنا نقلب صفحات حياتنا بذات الرؤئ التي ماانتجت استقرارا ولالامست مدنية وافقا مستقبليا ناجحا ،اجيالنا الجديدة التي تهتف بالجامعات بكل شعار لها اولويات غير اولوياتنا ،ذاكرتها لاتختزن صور ذاكرتنا الرمادية ،انها تنتظر صورا ملونة كما يصورها لها عالم الايفون والجلاكسي ،وحتى لانخسر اجيالنا ولاتدب بيننا وبينهم قطيعة التواريخ والاجيال نحتاج الى تواصل بناء معهم يقدم لهم تاريخ بلادهم واسباب نكباتها السلطوية وتاخرها الاقتصادي والثقافي والمدني برؤى معقولة لاتحمل الكثير من الشحنات المؤدلجة ولاتقودهم الى صراعات حزبية وطائفية وقومية جديدة ،رؤى تصنعها نخب ومناهج واعراف سياسية مبدؤها ومنتهاها دولة المواطنة والتعليم المستمر والثقافة الحيوية الفعالة التي لاتجتر احزانها من ماضيها العتيق وتتوقف عنده معلنة نهاية التاريخ .