kayhan.ir

رمز الخبر: 55351
تأريخ النشر : 2017April16 - 21:46

من وراء داعش في مصر ؟


غالب قنديل

الجرائم التي نفذها وحوش داعش في أرض الكنانة ضد كنيستين بمدينتي طنطا والاسكندرية في احتفالات عيد الشعانين التي تغص بالأطفال والعائلات المصرية شكلت محطة جديدة في موجة التوحش والتكفير الإرهابي التي تضرب المنطقة ولم يمض وقت قليل على المجزرتين حتى أذاعت عصابة داعش بيانا بإعلان مسؤوليتها تلاه بيان بائس لجماعة الأخوان المسلمين يتهم السلطات المصرية بتدبير ذلك القتل الجماعي الدموي البشع وهو واقعيا اتهام أتفه من أن يوضع في الاعتبار او في المعاينة المنطقية.

أولا مصر مستهدفة بهجمات إرهابية مستمرة منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم الأخوان الذي دعمه الغرب بقيادة الولايات المتحدة واحتضنته تركيا وقطر على وجه الخصوص والهدف السياسي والعملي من هجمات الإرهاب المتكررة والمتنقلة هو استنزاف الدولة المصرية وقواتها المسلحة ودفع البلاد مجددا في متاهة الفوضى والتآكل ومحاور الاستهداف من الداخل والخارج تلتقي على الأهداف ذاتها لكن منسوب المخاطر ارتفع مؤخرا مع تجذر وجود داعش والقاعدة في ليبيا التي تشترك مع مصر بحدود طويلة وبتداخل سكاني متشابك على امتدادها وكذلك مع وجود الإرهاب المحتضن في سيناء وفي ظل وجود جماعة الأخوان المسلمين القوة المولدة للإرهاب التي تحظى بدعم تركي قطري وبغض نظر سعودي رغم كل الرياء والنفاق السياسي الذي تمارسه الرياض اتجاه الحكم المصري.

ثانيا المطلوب ان تبقى مصر ضعيفة اقتصاديا ومأزومة ومستنزفة أمنيا ورهينة في قبضة الدائنين والمسعفين الماليين في الغرب والخليج الذين يبتزونها سياسيا فلا تجرؤ على تطوير موقفها الداعم للدولة السورية نحو التعاون المباشر الذي تفرضه وحدة المصير والمعركة الواحدة ضد الإرهاب الأخواني التكفيري العابر للحدود وألا تتجاسر على سلوك طرق الحوار مع إيران حول مستقبل العلاقات العربية مع دولة مشرقية كبرى تملك قدرات هائلة وتتبنى خيارات داعمة للحقوق العربية ولقضية فلسطين كما أن مصر ممنوعة من مراجعة اتفاقات كمب ديفيد لتبقى مقيدة بسقوف المشيئة الصهيونية وبما يقبل به او يرفضه الصهاينة في العديد من شؤونها السيادية الاقتصادية والأمنية والسياسية.

ثالثا التوحش الإرهابي يستهدف جميع أبناء المنطقة من مختلف الديانات والمذاهب وقد سبق ان شهدنا في العراق وسورية ولبنان واليمن كيف استهدفت التفجيرات اماكن العبادة ورجال الدين المسلمين والمسيحيين على السواء لكن الخطة الغربية العليا التي تسير على أساسها جماعات الإرهاب تركز على أولوية ضرب الوجود المسيحي في المنطقة وإحداث شرخ طائفي ومذهبي في سائر البلدان العربية وحيث لا تعدد دينيا أو مذهبيا تعمل سكاكين الغدر في الشروخ القبلية والجهوية كما في ليبيا.

المهم في مخطط التوحش والتفتيت والفوضى ان يرد الناس إلى العصبيات الصغيرة وان يتوهوا عن هويتهم الوطنية والقومية وعن فكرة الدولة الوطنية فيتفرقوا ويتناحروا على تخوم العصبيات والإمارات المتذابحة في متاهة التوحش الذي حشدت له جيوش متعددة الجنسيات تضم عشرات آلاف المحاربين في سورية والعراق ينزح بعضهم نحو ساحات جديدة بتوجيه المشغلين الكبار بعد استنفاذ أدوارهم.

رابعا قطر وتركيا والسعودية هي حكومات شريكة في هذا الإرهاب ومنها موارد القاعدة وداعش العقائدية والمالية واللوجستية ومحاورهياكلها التنظيمية التي تكونت في رحم التنظيم العالمي للأخوان المسلمين الذي يعتبر فرعه المصري وهيكله السوري المصدرالأهم لكل ذلك الويل الذي تنقلت به طيور الظلام طيلة اكثر من نصف قرن إلى اليوم.

إن المسيحية قديمة قدم الشرق العربي وهي عبر الدهور رفيقة وجود مصر وسورية ولبنان وفلسطين والعراق والأردن والسودان وهي جزء من النسيج القومي التاريخي للعروبة وللهوية العربية كما الإسلام.

أما التوحش التكفيري ومعه الوباء الأخواني الخبيث والوهابية الإلغائية فتستهدف وجود الإنسان في هذه المنطقة لفرض هيمنة الاستعمار والصهيونية ولتدمير الدول الوطنية ولتمزيق الشعوب والجيوش وقتل روح المقاومة المناهضة للكيان الصهيوني وللهيمنة الاستعمارية الغربية الأميركية أساسا.

الخطر كبير يا مصر بقدر ما انت مهمة ومؤثرة والتصدي للأخطار القومية يتطلب عملا قوميا ولا يواجه بالمفرد واول الدروب طريق دمشق قلعة الصمود والمقاومة والحرية التي تسطر ملاحم لا تمحى في التصدي لهذا التوحش الدموي البشع.