الاستفتاء يرسم الملامح المستقبلية لتركيا
ما تستعد له اليوم تركيا هو اجراء استفتاء عام على التعديلات الدستورية وسط انقسام عريض في الشارع بين مؤيد له ومعارض، يعتبر نقطة تحول في تاريخ هذا البلد بعد انهيار الدولة العثمانية وكانما الرئيس اردوغان ذاهب بمشروعه بهذاا المنحى ليصبح حسب توصيف المعارضة بانه يريد ان يتوج نفسه سلطانا عندما يحصل على مزيد من الصلاحيات التي تخوله الى ان يذهب الى ما ابعد من الدستور باستخدام صلاحيات مبطنة لتقسيم تركيا الى ست فيدراليات ومنها الاقليم الكردي الذي لوح له الرئيس اردوغان عام 2013 بالقول يجب علينا ان لا نخشى قيام مثل هذا الاقليم." وما تخشاه المعارضة بشدة هو اذا ما نجح هذا الاستفتاء فان الرئيس اردوغان التي تنتهي فترة دورته الرئاسية الحالية عام 2019 قد يفوز لاحقا بدور يمكن رئاستين اخرتين يغرس مخالبه في الدولة التركية العميقة ويقرأ الفاتحة على الديمقراطية.
وبالطبع ان هذا الاستفتاء الذي يجري اليوم في تركيا كان له ترددات سابقة هزت الشارع التركي واحدثت فيه انقساما كبيرا بين مؤيد له ومخالف بسبب هذا التناحر الموجود بين الرئيس اردوغان الذي يهول لضعف تركيا وانهياراتها بسبب النظام البرلماني ووجود الحكومات الائتلافية وبين المعارضة التي تخشى ان تكون نتيجة لاستفتاء الى قيام نظام شمولي يقض آخر اركان الديمقراطية في هذا البلد.
والامر الآخر الذي تخشاه المعارضة التركية بانه وبمجرد نجاح هذا الاستفتاء ان يبادر الرئيس اردوغان الى اجراء انتخابات برلمانية مبكرة ليعزز من مكانته عبر تحشيد المزيد من النواب لصالحه والتضييق على المعارضة في وقت تشهد تركيا عملية تطهير واسعة ومستمرة شملت لحد الان عشرات الالاف من العاملين في سلك الدولة بمختلف اركانها المدنية والعسكرية. وفي هذا المجال عبر خبراء في الامم المتحدة عن قلقهم المستقبلي لانتهاك محتملة لحقوق الانسان في تركيا في ظل هذه التطورات التي تقود الى منح الصلاحيات الواسعة لشخص واحد في هذا البلد.
الرئيس اردوغان الذي يسعى منذ سنوات لاجراء اصلاحات دستورية لاقرار النظام الرئاسي لم يوفق حتى الان، يجهد اليوم بكل ما اوتي من قوة عبر تعبئة الشارع التركي وتخويفه من فشل هذا الاستفتاء وتداعياته ليحصل على الصلاحيات التي تخوله قيادة تركيا نحو المستقبل وفق سياسته التي يرسم بعيدا عن اية ضغوط تواجهه.
اليوم (الاحد) سيحسم الشارع التركي موقفه الحازم من منح الصلاحيات الى الرئيس التركي حول اردوغان او رفضها، وسط توقعات متقاربة جدا بسبب الانقسام الحاصل في هذا الشارع حول الاستفتاء وقد اكدت بعض استطلاعات الرأي التي اجريت بان الفارق بين الجبهة الداعمة للتعديل والرافضة له ضئيلة جدا وان بيضة القبان في هذه المعادلة المترنحة ستكون بيد اولئك الاتراك التي لم يحسموا خيارهم حتى الان في هذا الاستفتاء، لذا فان الارباك والقلق لكلا الطرفين هما سيدا الموقف حتى تنجلي الغبرة وتظهر النتائج لتقول كلمتها الفصل لمشوار تاريخي جديد لتركيا وفي كلا الحالتين النجاح ام الفشل لما سيترتب عليها من مستجدات ترافقها تتضح معالم المرحلة المستقبلية لتركيا.