kayhan.ir

رمز الخبر: 55320
تأريخ النشر : 2017April15 - 20:56

من الشعيرات الى موسكو عودة الإبن الضال.!

* محمد صادق الحسيني

منذ ان قرر ”الطاووس” ان ينفش ريشه معتقدا ان عدوه السوري والايراني الى جانب حزب الله وخصمه الروسي سيخيفهم منظر الريش المهيب كانت النتيجة واضحة وجلية بان المعركة استعراضية ومعركة إرادات سيربحها المؤمنون والراسخون بعلم اليقين بالنصر!

محاولته الفاشلة لاضفاء المزيد من الهيبة على منظر الريش، من خلال رشقتي صواريخ التوماهوك من تلك التي كان الامريكي يهدد بها العالم باكمله، على الطريقة الامريكية الفجة والمقيتة، ظاناً ان بامكانه خلق مشهد هوليودي يجعله يعود الى طاولة المفاوضات لم تسعفه كثيراً لان نار الحق كانت اقوى من نيرانه ..!

فخصمه هذه المرة كان له بالمرصاد ليعيده منكس الرأس الى مسار التفاوض في آستانه وجنيف بداية شهر أيار القادم..!

وهكذا فشلت صواريخ التوماهوك البعيدة المدى، في تغيير موازين القوى في الميدان وباءت مساعي المرابي الكبير من تجميع بعض الأوراق التي يمكنه وضعها على الطاولة لتبرير مطالبته بحصة في الكعكة السورية، وتحديداً لاقتناص جزءا من عقود مشاريع اعادة الإعمار في سورية كما يحلم فريق عمله اليهودي !

ان الصمود السوري الأسطوري، رئيسا وجيشا وشعبا، بالاضافة الى ثبات موقف الأخوة والحلفاء الاوفياء في مواقفهم تجاه الدولة السورية قد افشل عملياً محاولة ترامب هذه بشكل كامل ذلك ان الضربة الصاروخية جعلته يعود بخفي حنين وذلك للاسباب التالية:

١) نجاح سلاح الدفاع الجوي السوري في إسقاط ٣٦ من اصل ٥٩ صاروخا اطلقتها مدمرات الأسطول السادس الأميركي في البحر المتوسط ، أي إسقاط ٦٠٪‏ منها.

٢) فشل هذا العدوان في أحداث حالة صدمة عميقة في صفوف الجيش العربي السوري وتاليا في صفوف الشعب السوري والذي ظن انه سيهجر مدنه وقراه بمئات الالوف مما سيعطي الفرصة للميليشيات السعودية - التركية - الاسرائيلية التي كانت تنتظر لشن هجوم واسع النطاق على مختلف مواقع الجيش العربي السوري في كافة الجبهات.

وكالعادة قام الكاوبوي الأميركي بعد هذا الفشل الذريع بإطلاق حملة واسعة جدا من التهديدات والعنتريات مخاطبا بها ليس سورية فحسب وانما حلفاؤها ايضا، ظنا منه ان روسيا ،التي خسرت ٢٤ مليون إنسان خلال الحرب العالمية الثانية دفاعا عن سيادتها، وإيران التي صمدت قرابة الأربعين عاما تحت سيل من التهديدات واجراءات الحصار والتخريب الامريكية، وحزب الله الذي جعل من أسطورة الميركافاة كابوسا لا زال الجنود الصهاينة يعانون منه حتى اليوم، نقول ظنا منه ان هؤلاء الحلفاء سترتعد مفاصلهم عند سماعهم لفرقعات الألعاب النارية التي أطلقها هذا البائس ترامب الذي فشل تماما كما فشل قبله أقوى أحد اذنابه في المنطقة أي الكيان الصهيوني عندما حاول بتاريخ ١٧/٣/٢٠١٧مهاجمة مطار الشعيرات مستخدما سربا جويا من اربع طائرات اف ١٦ حيث قامت الدفاعات الجوية السورية باسقاط احداها وإصابة اخرى وفرار بقية التشكيل وقبل دخوله المجال الجوي السوري.

وهكذا تكون هذه الحماقة الكبرى التي ارتكبها ترامب وجنرالاته الفاشلين وفي ظل الثبات الصلب للرئيس بوتين وللحليف الإيراني وحزب الله على مواقفهم من العدوان المستمر على سورية منذ ما يزيد على الست سنوات ، ليس فقط قد ارتطمت بجدار حديدي صلب بل و قد خلقت واقعا استراتيجيا جديدا ليس فقط في الميدان السوري وإنما على صعيد العالم كله !

ما يعني ان الوضع الاستراتيجي الجديد الناتج عن الهزيمة الامريكية المدوية في معركة صواريخ مطار الشعيرات اجبر الأميركي على التراجع الاستراتيجي مجددا والتراجع عن دعم مخطط الهجوم الميداني الواسع على شمال وجنوب سورية و العاصمة دمشق من خلال أدواته من اسرائيل الى الاردن فداعش واخواتها حيث كان من المفترض ان تقوم طائراته في الاردن الى جانب سلاح الجو الاسرائيلي بتأمين الغطاء الجوي لجحافلهم على الارض

بكلمات أخرى فإننا نستطيع القول ان الفريق الأميركي وعلى راْسه ترامب ووزير خارجيته قد اجبروا عملياً على الانكفاء على أعقابهم رغم جعجعاتهم المتلفزة، في هذه المنازلة المحدودة نسبيا والواسعة التأثير فعليا.

باختصار شديد يمكن القول ان هجمة اليانكي الصاروخية اسفرت عن :

اولا : فشل العدوان عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا.

ثانيا : زادت من الإجراءات العسكرية الحازمة التي اتخذتها القيادة الروسية والتي شملت اعلان حالة التأهب القصوى في سلاح الصواريخ الاستراتيجية الروسية ووضع ٩٦٪‏ منها في حالة جهوزية عملياتية كامله للإطلاق .

ثالثا : ادت الى تعزيز كافة فروع القوات المسلحة السورية بما تحتاج اليه من سلاح وعتاد كي تتمكن من مواصلة هجومها الشامل على المسلحين في كافة مناطق القتال.

رابعا: جعلت الولايات المتحدة تحسب الف حساب قبل ان تتورط بشكل واسع في مستنقع الجغرافية السورية وتزداد يقينا بعدم قدرتها على تحقيق النصر الخاطف فضلاً عن عجزها عن حسم الحرب جزئيا لمصلحتها نتيجة لظروف مالية وبشرية وتسليحية.. .

ما دفع عملياً ادارة ترامب الى الخضوع للوضع الاستراتيجي الجديد والقبول بان يستمر وزير خارجيتها في مشروع زيارته الى روسيا باعتباره الطرف الاضعف للقاء نظيره الروسي لافروف متوسلا اللقاء مع الرئيس بوتين الذي ظل مرهونا بنتائج اللقاءات مع لافروف

انعكاس الفشل الميداني المدوي هذا هو الذي ظهر جليا في صورة اتفاق لافروف مع تيلرسون على النقاط المحورية التي شكلت الأساس للقاء الرئيس بوتين مع الوزير الأميركي . ذلك اللقاء الذي ما كان ليتحقق الا بعد موافقة تيلرسون ورئيسه ( بناء على اتصالات هاتفية بين ترامب وتيلرسون خلال لقاءاته مع لافروف)على المطالَب الرئيسية للرئيس الروسي والمتمثلة في:

ا) وقف التصرفات الاحادية الجانب، او بكلمات اخرى، عدم قيام الولايات المتحدة بتوجيه اي ضربات عسكرية منفردة ضد سورية في المستقبل .

ب) موافقة الولايات المتحدة على قيام منظمة حظر الاسلحة الكيماوية بالتحقيق في ملابسات واقعة بلدة شيخون السورية.

وبالفعل فقد قامت اللجنة الدولية العليا الخاصة بالتحقيق في استعمال الاسلحة الكيماوية بعقد جلسة لها في لاهاي يوم ١٣/٤/٢٠١٧ لبحث موضوع خان شيخون وبناء على طلب روسي أمريكي مشترك، مما يعني تنازلا أمريكيا كبيرا خاصة وان الولايات المتحدة كانت ترفض اجراء اي تحقيق دولي في الموضوع وبشكل قاطع.

وفي الختام يجب التاكيد على ان ذلك يشكل عملياً عودة فعلية لتفاهمات كيري / لافروف الشهيرة (عدم القيام باجراءات احادية الجانب والعمل على حل الازمة السورية وغيرها بالوسائل السلمية) الامر الذي دعا الوزير الأميركي وهو في موسكو للإدلاء بتصريح تراجعي عن المواقف الامريكية التصعيدية التي رافقت الضربات الصاروخية ضد الرئيس الأسد

وهكذا كان التصريح الذي دعا فيه تيلرسون وبكلمات دبلوماسية مختارة الى ضرورة رحيل الأسد بطريقة منظمة أي ترك الموضوع لصندوق الانتخابات حيث يقرر ذلك الشعب السوري، ما يشكل بمثابة العودة الى تصريحاتهم ما قبل الهجمة الصاروخية القاضية بان إسقاط الرئيس الأسد ليس أولوية امريكية!

انه بالتاكيد موسم هجرة ترامب الى مالاقا بعيدا حيث الشرق الاقصى تماما كما كان يخطط سلفه اوباما وذلك على موعد مع المنازلة التي تنتظرهم مع التنين الصيني وان بنسخته الكورية الشمالية مؤقتا، وهي النقطة التي كان قد توقف عندها ساكن البيت الابيض السابق باراك اوباما طويلا ، يوم خرج من الميدان السوري متجرعاً كأس السم مطأطئ الرأس خائفاً يترقب !

بعدنا طيبين قولوا الله