أيام حاسمة بين الفراغ أو التمديد: لا مناص من قانون عادل ولا طائفي
حسن سلامة
في ضوء دخول البلاد في اسبوع الحسم لبت موضوع التمديد التقني لمجلس النواب تفاديا لمرور المهل القانونية لتجنب الفراغ في المجلس، تتجه الانظار الى ما ستخرج به الاتصالات السياسية في الايام القليلة المقبلة بما في ذلك مجلس الوزاء من مقاربة مشتركة لقانون الانتخابات او على الاقل الاتفاق على المبادئ العامة حتى يمكن بت التمديد من دون الدخول في أزمة بين الرافضين للفراغ لما له من تداعيات خطيرة على الدولة وعمل مؤسساتها وبين الرافضين للتمديد من دون الاتفاق على القانون.
لذلك، من الواضح انه قبل ايام من الموعد الذي كان حدده الرئيس نبيه بري للاتفاق على القانون في مهلة اقصاها منتصف الشهر الحالي، لا شيء يوحي بقرب حصول مثل هذا الاتفاق، خصوصاً ان بعض الكتل النيابية تنظر الى القانون الجديد وفق حساباتها الحزبية وعدد النواب الذي ستفوز به في الانتخابات، حيث يبني هؤلاء حساباتهم للمرحلة اللاحقة انطلاقا من ذلك، ان من حيث الدور الذي ستلعبه على مستوى القرار في الدولة، وان على مستوى الانتخابات الرئاسية بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون.
ورغم ان الثنائي المسيحي اعلن اعتراضه على النسبية الكاملة، بينما يبقى موقف النائب وليد جنبلاط غير واضح بهذا الخصوص، لا تستبعد مصادر وزارية ان تنتهي الاتصالات الى "اعلان مبادئ" حول الصيغة الجديدة، على ان تترك التفاصيل لبتّها لاحقا بعد انجاز التمديد.
الا ان المصادر لا تبدو متفائلة كثيرا نظرا للموقف المتصلب الذي اعلنه رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل مدعوما بموقف رئيس "القوات اللبنانية " سمير جعجع، من حيث التمسك باعتماد الاقتراح الارثوذكسي في الجانب الاكثري من الاقتراح الذي كان اعده وزير الخارجية مع اعتماد الصوت التفضيلي الطائفي في الجانب النسبي، وتقول المصادر ان جعجع يتلطى خلف هذا الموقف للتيار الوطني من اجل ليس فقط الفوز بعدد مهم من النواب في الانتخابات المقبلة، بل العمل لالغاء كل خصومه داخل الساحة المسيحية.
وتضيف انه اذا تغلبت لغة المنطق والمصلحة الوطنية، فعندها قد تفضي الاتصالات الى الاتفاق على مبدأ النسبية الكاملة او الاخذ بالنظام المختلط مع ارجحية للجانب النسبي من حيث توزيع النواب بين النظامين. اما اذا استمر التمسك بالاقتراح الذي يقسم اللبنانين طائفيا ومذهبيا فلن يكون عندها من خيار سوى التمديد لمجلس النواب تفاديا لاخذ البلاد الى خيارات صعبة سترتد على الوضع الداخلي برمته . اما اللجوء الى التصويت في مجلس الوزراء على المشاريع المطروحة فنتائج ذلك لن تكون احسن من الفراغ، ولهذا ترى المصادر ان اياً من هذين الخيارين ستكون له نفس الارتدادات السلبية ليس اقلها الاتي:
1 _ان حصول الفراغ او التصويت سيرتد على عمل كل المؤسسات خاصة مجلس الوزراء وكذلك على مسار الانتخابات النيابية، حيث لا يستبعد عندها مقاطعة بعض القوى لها خاصة الحزب الاشتراكي، وهو الامر الذي سيزيد من الانقسام الطائفي.
2 _سينتج عن اي من الخيارين انعكاسات خطيرة على الاوضاع المالية والاقتصادية وحتى الامنية، بالاضافة الى انعكاس ذلك على علاقات لبنان الخارجية وفقدان الثقة به.
3 _ سيقود الخيار الاول _ اي حصول الفراغ في المجلس _ الى اعادة تعويم قانون الستين، في ظل عدم وجود السلطة التشريعية المخولة وحدها بحكم الدستور بت واقرار القوانين بدءا من قانون الانتخابات. مع ان هذا القانون بات بحكم الميت على اعتبار ان معظم الكتل النيابية ترفضه، كما رئيس الجمهورية يؤكد باستمرار رفضه العودة الى هذا القانون، كما يتناقض مع تعهد رئيس الحكومة سعد الحريري في بيان حكومته اعداد قانون جديد.
ولهذا، تقول المصادر ان الرئيس عون الحريص على تفعيل المؤسسات ودفعها لمعالجة ما تعاني منه البلاد من "هريان" وفساد لن يذهب نحو اختيار الفراغ في مجلس النواب من خلال بعض المواد الدستورية التي تخوله الانتظار 15 يوما لرد قانون التمديد، ومن ثم الطلب بعدم انعقاد مجلس النواب لمدة شهر، مما سيحول دون انعقاد المجلس في جلسة تشريعية ثانية من اجل اعادة التصويت على قانون التمديد ليصبح ساري المفعول، لان مثل هذا الخيار سيعيد احياء قانون الستين.
لكن المصادر تدعو لانتظار ما سيخرج به مجلس الوزراء في الجلسات التي يرجح ان يعقدها هذا الاسبوع وتشكيله في جلسة اليوم لجنة وزارية لدراسة الصيغ الانتخابية للوصول الى نتيجة في اسرع وقت، وذلك بالتوازي مع تأكيد رئيس الجمهورية خلال جلسة مجلس الوزراء انه لن يحصل فراغ في مجلس النواب.