kayhan.ir

رمز الخبر: 55027
تأريخ النشر : 2017April09 - 20:01

ما بين فريّة “أسلحة الدمار الشامل” العراقيّة والكيمائيّ السوريّ..ما أشبة الليلة بالبارحة!


نبيل نايلي*

"عندما يعجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرار فإن بلادها ستلجأ إلى عمل منفرد”! مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي.

بين عشية وضحاها انقلب الموقف الأمريكي في سوريا رأسا على عقب، وتغيّر من "ترك مصير بشار الأسد إلى الشعب السوري” والتركيز أساسا على "محاربة تنظيم داعش” إلى العدوان الهمجي والقصف البربري لمطار الشعيرات العسكري بـــ 59 صاورخ من طراز "توماهاك كروز، Tomahawk Cruise Missile”، وتدمير مدرجه وطائراته الحربيّة الـــ”6″، ومستودع وقود، واستشهاد حوالي 12 شخصا بين عسكريين ومدنيين.

كلاّ، لم ينتظروا لا نتائج تحقيق دولي محايد، وهم الذين حيّدوا كارلا دال بونتي، Carla Del Ponte، وتقاريرها حين لم تناسبهم حقائقها الدامغة، وهي موثقة صوت وصورة، تماما كما سفهوا تقارير سكوت ريتر، Scott Ritter، ذات عدوان غاشم على العراق وتحويله إلى الدولة الفاشلة، Failed State.

لا نبرّر للفاعل والمسؤول عن المجزرة، وكان مجرّد تحقيق شفّاف ومحايد سيثبت بشكل قاطع من أذاق إخوتنا في سوريا ويذيقهم علقم الحرب منذ بدايتها لتمتد إلى ما يناهز عن الـ6 سنوات وعصفت بحياة الآلاف حتى لا نقول الملايين ممّن تفنّنوا في إذلالهم ودفعهم إلى الموت أو إلى مجاهل المنافي الأوروبية وهم من عقدوا آلاف المؤتمرات "لأصدقاء سوريا”، آخرها مؤتمر رصد المليارات لإعمارها وهم من خرّبوها مع سبق إصرار وترصّد "إسلامي” متعاطف!

فجأة انبرت الآلة الإعلامية الجهنمية للتحشيد والتحريض والدجل والردح المتباكية على مصير الشعب الذي هُجّر وشُرّد، واستمرت على مدى يومين متتالين تنعى مصير ضحايا "مجزرة خان شيخون” الكيميائية وتعيّن مسؤولا، جاهزا قبل التحقيق، وتدعو متذلّلة إلى "قصاص أمريكيّ” يذكّر بطلب شيخهم القرضاوي، "وقفة أمريكية ربّانية”! حتى بات العدوان العسكريّ مسألة وقت، لا غير! وصار الحديث "عن خطوط حمراء”، يحدّدون ألوانها كيف شاؤوا ومتى شاؤوا!

مندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، Nikki Haley، الحريصة جدا على أطفال سوريا، حرص مادلين أولبرايت، Madeleine Albright، على أطفال العراق، لم تخف نيتها ولا توارت خلف الخطب الرنانة، لتُعلنها صراحة، ودون مواربة، ما سبقها إليها رجالات إدارة بوش الإبن، "عندما يعجز مجلس الأمن عن اتخاذ قرار فإن بلادها ستلجأ إلى عمل منفرد”!!! ذات المؤسسة التي تجاوزوها في فرّية "سلاح الدمار الشامل” العراق.

وكان أن تناغم مسؤولو الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية و”حلفاء الكيان” الجدد في حلف "الناتو السنّي”، في إصدار شهادة إدانة ونصّبوا أنفسهم قاض وجلاّد في آن!، وأدانوا الجيش العربي السوري و”الحكومة السورية بإرتكاب المجزرة الكيميائية” في زمن قياسي بل منذ الدقائق الأولى، ولم ينتظروا نتائج تحقيق دولي ومحايد، ممّا "يؤكد أنّ خطط العدوان كانت مُعدّة سلفا وقبل هذه المجزرة”، كما تمّ توظيفها لتُستخدم ذريعة وعنوانا يشرّع عدوانا أشبه بعدوان العراق وليبيا واليمن وإن اختلفت الذرائع حسب الساحة مع حفاظها على قاسم مشترك هو أنها مزوّرة ومفبركة، ولا تستند إلى أي تفويض أخلاقي أو أممي! وستكشف الأيام زيف هذه التقارير ولو بعد حين! تماما كما ثبت كذب كولن باول، Colin Powell، وجورج بوش، George W. Bush، وتوني بلير، Tony Blair.

ما يدمي القلب هو أن هذه الأمريكا التي دمّرت وتدمّر دولا أربع عربية وتحوّلها مرتعا لأمراء حروب تؤجّرهم أو ينفّذون أجنداتها الجيو استراتيجية في حروب الجيل الرابع وحروب الإمبراطورية المترنحة، وهؤلاء الذين يعطوننا دروسا في الديمقراطية والتعايش والتحضّر وحقوق الإنسان، وهم مجرمو الحروب التي راح ضحيتها أكثر من مليون عراقي، و100 ألف ليبي، وتسهم ولا تزال في قتل ما يزيد عن 300 ألف سوري، من خلال دعم حلفائها بالمال والسلاح والتدريب، هم آخر من يحدّثوننا عن دجل الحريات ويتباكى مع نتانياهو عن السوريين، لا بل عن الإنسانية!

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته سيرغي لافروف، أكّدا "أنه عدوان جرى الإعداد له مسبقا، وجاء ليعزّز مكانة الجماعات الإرهابية المسلّحة، ويذّكر بما حدث في العراق عام 2003″، وهذا العدوان الأمريكي السافر سيخلط كل الأوراق، وقد يعصف بأمن منطقة أضحت على فوهة بركان إقليمي بل دولي وعالمي لن يفلت منه هؤلاء المتاجرين بدماء أطفال سوريا الذين رحبت لهم منافي أوروبا وضاقت بهم محمياتهم الأمريكية!

إن إقدام القيادة الروسية "تعليق العمل بالتفاهم الروسي الأمريكي حول ضمان أمن العمليات الجوية في سوريا”، وقرارها "تعزيز الدفاعات الجوية السورية”، ومدّها بصواريخ "اس 300″ أو”اس 400” المضادة للطائرات للجيش السوري، وتوجه الفرقاطة "الأميرال جريجوروفيتش” المجهّزة بصواريخ”كاليبر" من البحر الأسود إلى سواحل سوريا، قد يشعل حربا شعواء قد يخوضها الأصيل عن الوكيل لن توفّر هؤلاء المتلهّين بالعبث العدمي!

خلُص محلّلون أمريكيون ما مفاده "ما لم تكن هذه الضربة حقاً هي الإجراء العسكري الوحيد الذي تتخذه الولايات المتحدة ضد النظام السوري، هناك خطر من وجود لاعب آخر في هذا المزيج”!

المأساة في سوريا والعراق واليمن وليبيا مستمرة ما دام القرار مُصادر لمصالح الأمم الكبرى، وما دمنا "رقعة الشطرنج” التي يصفون فيها حساباتهم على حساب أبسط حقوقنا ومصالحنا نحن، أفظع من هذه المأساة وأشد وطأة وإيلاما أن تكون المملكة السعودية ودولة الكيان وتركيا، أول المهلّلين للضربة الأمريكية والمطالبين باستمرار القصف! كيف تلتقي دول "إسلامية” في التهليل لقصف يطال دولة عربية مسلمة؟ أو لقّن الأمريكيون تاماهوكهم قبل إطلاقه أن يطال الحكومة السورية والنظام السوري؟ أي خراب طال هذه المنظومة القيمية التي أضحت ترى في نتانياهو الحليف المؤتمن؟ وهو من يصفي بمباركتهم آخر أوراق قضيتهم المركزية! إن لا زالت طبعا!!

حمى المولى سوريا وأهلها ورحم الله شهداء خان شيخون وكل مدن سوريا المستباحة.. والشهداء الأحياء!