مهدي منصوري
مما لا يخفى ان حكام مجلس التعاون قد كان لهم دور كبير وفاعل في الغزو الاميركي للعراق، من خلال وضع كافة التسهيلات أمام الجيش الاميركي ومن تحالف معه ظنا منهم ان الامر يقتصر على ازالة الطاغية فقط وتعود الامور الى طبيعتها بعد وضع البديل الاميركي لهذه الطاغية.
الا ان الامر لم يأت حسب رغبتهم وامانيهم اذ عاد الحق الى اهله بعد ان اغتصب لاكثر من ثمانية ونيف عقد من الزمان، ولذا فان التوجه الخليجي وخاصة السعودي تغير وبزاوية 360 درجة ازاء التحول الجديد في العراق والذي لم يأت على حسب رغبتها فرفعت راية العداء وبذلت ولازالت تبذل من اجل تغيير الواقع السياسي القائم اليوم، ولا يفوتنا ان نذكر ان حكام بني سعود لم يرسلوا سفيرا لهم لهذا البلد ليعلنوا تأكيدهم على موقفهم المعادي، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل ان جهود بني سعود قد انصبت في الكثير من المفاصل من اجل ان لا يستقر هذا البلد ولا يرى الامن والامان.
وبطبيعة الحال فانها حاولت ومن خلال عملائها والمرتزقة في الداخل الذين باعوا ضمائرهم باثمان بخسة سواء كان من السياسيين وغيرهم ان يمارسوا دورا في توفير اجواء عدم الاستقرار على المستويين السياسي والعسكري والدفع الى حالة الاقتتال الداخلي سواء كان الطائفي او المذهبي او العرقي، ولكن كل محاولاتها قد باءت بالفشل الذريع من خلال وعي المرجعية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني التي تمكنت ان تحبط هذه المؤامرات السعودية وغيرها.
وقد اشارت اوساط اعلامية وسياسية عراقية انه وبعد فشل الرياض في مشروع ومخطط الفتنة في هذا البلد، لم تجد بدا من ان تضع ثقلها على المجاميع الارهابية التي ادخلتها الى العراق لتكون الوسيلة الاخيرة لها في تغيير الاوضاع، وقد شاهد العراقيون ما فعلته القاعدة وفلول البعث وايتام صدام في منصات الاعتصام في المحافظات الغربية والتي هددوا فيها بغزو بغداد، ولكن كانت المرجعية العليا لهم بالمرصاد اذ تصدت وبقوة ومن خلال فتواها الحكيمة بتشكيل مجاميع قوات الحشد الشعبي التي احبطت هذا الامر في مهده وتمكنت ان تقطع دابر الارهاب والارهابيين.
واليوم والعراقيون يعيشون مرحلة حساسة وحاسمة باستعدادهم لخوض المعركة المصيرية لدحر الارهاب في اخر معقل من معاقله وهو الجانب الايمن من الموصل، والذي سيكون تحطيم كل الامال السعودية والاميركية وغيرها في هذا البلد، تم الدعوة من قبل بعض الكتل السياسية للخروج الى تظاهرات وبمطالب عنوانها الظاهر ينسجم مع توجهات ابناء الشعب العراقي، الا انه تبين ومن بعض الشعارات كانت تخفي وراءها امرا مريبا من خلال دعوتها بالذهاب الى المنطقة الخضراء مما عكس صورة اخرى وهو ماأشارت اليه صحيفة الاخبار اللبنانية في عددها الصادر في 9 شباط 2017 في مقال عنوانه "الفتن السعودية" العروبة "ضد المقاومة" والذي جاء في بعض مقاطعه بان "هناك تحرك للسعودية تحت اشراف السفير السابق ثامر السبهان ونشاطه في بيروت لتشكيل جهة عريضة من الشخصيات العروبية او التي لها حساسية ضد ايران والسعي لتغيير قانون الانتخابات باتجاه القوائم المنفردة وتتأمل ان تحصل هذا الشخصيات على 200 معقد في الانتخابات القادمة للبرلمان العراقي"، مما يوحي وكما اشارت اليه اوساط سياسية عراقية مطلعة ان التظاهرات التي خرجت في العراق تطالب بالغاء مفوضية الانتخابات يعكس ان هناك تنسيقا بين المخابرات السعودية التي يمثلها السبهان وبعض القوى السياسية العراقية وايتام صدام.
اذن فان العراق والعراقيين ومن خلال ما تقدم يتعرضون اليوم الى مؤامرة كبيرة هدفها الرئيس تغيير الوضع القائم الان والمجيئ بحكومة على المقاس السعودي والاميركي،من خلال تأليب الشارع العراقي مما يفرض مواجهة هذه الحالة التآمرية السعودية وقطع دابرها والى الابد، كما تم قطع يدها وبترها من خلال دحر الارهاب المستورد في هذا البلد.
واخيرا ومما يؤسف له ان القوات الامنية وعملا بواجبها في حماية المتظاهرين الا ان بعض المندسين الذين تسللوا لهذه التظاهرات وهم يحملون الاسلحة مارسوا عملا جبانا في مواجهة قوات الامن بحيث راح العديد من هذه القوات وبعض المتظاهرين ضحية هذا التصرف الاهوج، مما فرض على الحكومة ان تطالب بالتحقيق في معرفة الاسباب التي ادت الى ذلك من اجل كشف الحقيقة وملاحقة الذين اندسوا واخلوا بنظم وسلمية التظاهرات لينالوا جزاءهم العادل.