تصريحات كيري انقاذية وليست انتقادية
ما كان لافتا عقب صدور قرار مجلس الامن الدولي حول المستوطنات هو الانتقادات العلنية وغير المسبوقة للوزير كيري لسياسات نتانياهو الذي تدفع بالكيان الصهيوني الى الهاوية وفي نفس الوقت تضر باميركا التي لا تنفك عن دعمها المفتوح لهذا الكيان وهذا ما اعترف به الوزير كيري في هذه التصريحات حيث قال بالحرف الواحد ان "نصف المساعدات الخارجية التي تقدمها اميركا تذهب الى اسرائيل".
فالسؤال الملح الذي يفرض نفسه ما الذي دفع بالادارة الاميركية الحالية ان تتخذ هذا الموقف من بناء المستوطنات وهي على اعتاب مغادرة البيت الابيض في وقت كانت طيلة الثماني سنوات الماضية تتفرج على بنائها وقد قدمت لها اكثر المساعدات قياسا بالادارات السابقة. انها حركة ملتوية ونفاقية لتحسين صورتها وانقاذ اسرائيل بالاساس من الخطر القادم الذي يداهمها وليس كما فسرها البعض انها صحوة ضمير ولكن متأخرة وهذه مجرد امنية لا تنطبق مع الواقع ابدا. وبالطبع هذه ليست المرة الاولى التي تعلن فيها اميركا موقفا خارج سياق سياساتها المعروفة والداعمة حتى العظم للكيان الصهيوني. لقد سبق للرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر ان شبه الكيان الصهيوني بالنظام العنصري في جنوب افريقيا في مذكراته لكن متى فعل هذا الشيء بعد ان غادر البيت الابيض وهذا ديدن كل الساسة الغربيين وليس الاميركيين وحدهم عندما يصبحون خارج السلطة.
اننا لا نجد اي تفسير لمثل هذه المواقف الاستثنائية والمتأخرة والتي هي اشبه بالدواء الذي انتهى مفعوله، سوى انه نفاق رخيص لتحسين صورتهم الاجرامية والسوداء في دعم اشقى كيان في العالم يمارس الارهاب الحكومي بشكل سافر دون اي رادع.
وهذا الاستنتاج ليس تحليلا بل قالها كيري في سياق تصريحاته الاخيرة بان موقفنا من المستوطنات تأتي في سياق الالتزام بقيمنا! وهذا ما قلناه لاسرائيل سابقا.
وحقا يقال اذا لم تستح فافعل او قل ما شئت، اي قيم بالية هذه التي تتكلمون عنها وانتم ابعد ما يكون من ابسط القيم الانسانية والاخلاقية حين قدمتم على مدى العقود الماضية المساعدات العسكرية والمالية الضخمة لهذا الكيان الغاصب لارض الشعب الفلسطيني ولازلتم حتى اليوم تقدمونها دون خجل او وجل.
والمضحك المبكي ان الرئيس المنتخب ترامب هاجم ادارة اوباما على موقفها الاخير من الكيان الصهيوني والذي طلب بدوره منها ان تكون قوية حتى يدخل البيت الابيض ويعدل الامور.
ومن البساطة جدا ان يتصور احد في هذه الدنيا ان موقف ادارة اوباما الاخير من المستوطنات نابع عن حس انساني او صحوة ضمير او ما شابه ذلك بقدر ما هو يعبر عن قلق وحرص اميركا على مستقبل هذا الكيان الذي تربطه علاقات استراتجية وحيوية للغاية في ظل وجود امثال نتانياهو الذي ينتهج سياسات متهورة وحمقاء قد تعجل بانهيار هذا الكيان الذي يعتبر اسطولا للولايات المتحدة الاميركية في المنطقة وهذا ما ثبت اثناء حرب تموز المجيدة حين فرضت رايس الوزيرة الاسبق للخارجية الاميركية ارادتها على هذا الكيان للاستمرار في الحرب حتى القضاء على حزب الله، خلافا لما يروج بان اللوبي الصهيوني هو الذي يتحكم بالبيت الابيض.