حزب لله وحركة أمل: مع النسبية الكاملة... ولكن –
ميسم رزق
هل تراجع حزب الله وحركة أمل عن خيارهما باعتماد النسبية الكاملة في قانون الانتخابات النيابية؟ احتكامهما للتوافق يفرض عليهما النقاش في خيارات أخرى. الأكيد بالنسبة إليهما أن لا عودة الى قانون الستين، والأولوية لقانون جديد ولو بنسبية جزئية، والتركيز الآن على إقناع المعترضين على قانون التأهيل.
لم تكُن حكومة الرئيس سعد الحريري قد أبصرت النور بعد، عندما بدأ العمل على ملف قانون الانتخابات الذي يُعتبر «أمّ المعارك» المقبلة. أوساط عين التينة، قبل نحو أسبوع، أشارت الى أجواء سلبية داخل اللجنة التي شُكّلت في إحدى جلسات الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل للبحث في قانون انتخابي. وكانت هذه اللجنة تعقد اجتماعاتها بعيداً عن الإعلام، في موازاة لجنة مماثلة تضمّ الحزب والحركة والتيار الوطني الحر.
ورغم الموقف المُعلن لمختلف الأطراف بضرورة اعتماد قانون جديد يؤمّن صحّة التمثيل، بدأت نيات رفض النسبية الكاملة تتكشّف تباعاً، حتى من قبل قوى لطالما عبّرت عن رفضها لقانون الستين، وآخرها وصف رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع النسبية بـ«قانون حزب الله»!
حتى الآن، لا يزال الحزب والحركة متمسّكين بالنسبية الكاملة، لكنهما يدركان صعوبة اعتمادها تفهّماً لهواجس الآخرين. مع ذلك، فإن الحليفين لن يتنازلا لمصلحة «الخصوم»، تحديداً تيار المستقبل والحزب الاشتراكي. يبدي الثنائي استعداده للتعاون بغية الوصول إلى قانون يؤمن صحّة التمثيل، مؤكدين «التمسّك بالنسبية... لكننا محكومون بالتوافق». وفي ظل هواجس الأطراف من قانون يلغي احتكارهم للتمثيل، سيكون الشهر المقبل هو شهر البحث الانتخابي، فـ«الاتصالات في هذا الشأن لا تتوقف، وهي تسير بعيداً عن الأضواء».
ويستعد الرئيس نبيه برّي لفتح الملف بعد الانتهاء من فترة الأعياد. وهو يؤكّد أنه مع «قانون النسبية الكاملة على أساس لبنان دائرة واحدة»، نافياً أن «نكون قد تراجعنا عنه كما يحاول البعض أن يصوّرنا. لكننا، إذ رأينا أن أغلب الأطراف ترفض هذا المبدأ، ذهبنا إلى طرحين آخرين»؛ الأول «قانون التأهيل على أساس القضاء، أو النسبية على أساس المحافظة». وأشار برّي إلى أن «رفض القانون المختلط (64 ــ 64) ليس سوى حجّة، لوضع العصي أمام كل القوانين والعودة إلى قانون الستين».
ليس الرئيس برّي في وارد معركة بالمعنى الفعلي، لكنه سيبقي باب التشاور مفتوحاً، خصوصاً أن «تيار المستقبل لم يبدِ اعتراضاً كاملاً على قانون التأهيل». ويرى رئيس المجلس أن التأهيل هو «القانون الأكثر أماناً بالنسبة إلى النائب وليد جنبلاط، وهو عليه أن يعي ذلك». وبما أن المعطيات المتوافرة لن تسمح للنسبية الكاملة بأن تسلك دربها، فإن الخطوة المقبلة بالنسبة إلى برّي ستكون محاولة إقناع رئيس الحزب الاشتراكي بهذا القانون.
لا يختلف جوّ الحزب عن جوّ الرئيس برّي. هو أيضاً يتمسّك «بقانون النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة أو على أساس الدوائر الكبيرة، ويصطدم بالتالي باعتراض تيار المستقبل وجنبلاط. «لم يتراجع عن النسبية»، يقول بعض عارفيه، لكنه «أبدى استعداده للانتقال إلى فكرة النسبية الجزئية، نظراً إلى هواجس البعض، حيث سيناقش في حجم الدوائر وبعض التعديلات التقنية». النقاش لا يزال مفتوحاً بحسب المصادر التي تؤكد «استحالة اعتماد تطبيق القانون المختلط المطروح من قبل المستقبل والقوات والاشتراكي، نتيجة تجاهله الكثير من المعايير الموضوعية والعلمية، على عكس قانون الرئيس برّي المختلط». وأكد نواب من فريق 8 آذار أن «الحزب لن يوافق على إعادة إنتاج قانون له مفاعيل الستين»، معتبرين أن «المعضلة الأساسية هي أن إقرار القانون يحتاج إلى مجلس النواب، وهذا يعني أن الجميع محكومون بالتوافق». فهل هذا يعني أن يخضع الثنائي لخيار باقي الأطراف فتجري الانتخابات على أساس قانون الستين؟ يؤكد الطرفان أنهما لن يسمحا بهذا الأمر، لكن «ليس من المستبعد أن يضطرنا الآخرون إلى هذا الخيار في ظل رفضنا المطلق للتمديد». لكن الأولوية بالنسبة إلى الثنائي هي «إقرار قانون جديد». وبناءً عليه «ستتكثف الاتصالات والاجتماعات مع التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، على أن تتوسع لتشمل كل القوى».