القرار الأميركي بتسليح الإرهاب... ما له وما عليه –
معن حمية
أن يصرّ الرئيس الأميركي باراك أوباما في نهاية ولايته على استكمال كلّ الإجراءات للوصول إلى قرار «رفع الحظر» عن توريد الأسلحة لما تسمّيه الإدارة الأميركية حلفاءها، وتحديداً أولئك الذين تطلق عليهم تسمية «معارضة سورية»، فالأمر غاية في الخطورة، لأنّ تنفيذ قرار كهذا، إنْ لم يكن حاصلاً فإنه سيتمّ في وقت قصير جداً، وقبل أن يتسلّم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه رسمياً في البيت الأبيض.
الترجمة السريعة للقرار الأميركي، ستكون بالتأكيد متسرّعة، حيث إنّ واشنطن لن تستطيع ضمان عدم انتقال السلاح النوعي، وخصوصاً المضادّ للطيران، من حلفائها إلى تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة»، وغيرهما، وهناك سابقة حصلت بانتقال عناصر درّبتها الولايات المتحدة، انتقلت وكلّ السلاح الذي تزوّدت به إلى أيادي المجموعات الإرهابية المتطرفة.
ما هو واضح أنّ القرار قد دُرس بعناية من قبل إدارة أوباما. فهذه الإدارة لم تحجب أيّ دعم عن حلفائها، وما ظهر في شرق حلب من أسلحة وذخائر كانت بحوزة المجموعات الإرهابية، ومن منشأ يدور في الفلك الأميركي، يؤكد أنّ واشنطن لم توقف الدعم عن المجموعات الإرهابية، وأنّ القرار المتخذ، هو فقط للتغطية على الدعم القائم أصلاً، وبمثابة أمر عمليات لاستخدام الأسلحة المضادة للطائرات.
قرار تسليح المجموعات الحليفة لواشنطن عدواني بلا أدنى شك، ليس على سورية وحسب، بل على روسيا الاتحادية التي وصفته بالخطوة العدوانية التي تهدّد قواتها وطائراتها وسفارتها في سورية.
وهو أيضاً تهديد لتركيا، أقرب حلفاء واشنطن، فعلى الرغم من دور تركيا الرئيس في إدارة عمليات رفد المجموعات الإرهابية بالعناصر الآتية من كلّ أصقاع العالم، ودعم هذه المجموعات بالعتاد والسلاح ومؤازرتها في الحرب على سورية، إلا أنّ تركيا تحسب مليون حساب لبعض حلفاء واشنطن، وتحديداً المجموعات الكردية التي تناصب تركيا العداء.
صحيح أنّ بين واشنطن وأنقرة اتفاقاً غير معلن ينص على استخدام أميركا لما يسمّى «قوات سورية الديمقراطية» في معركة الرقة، وعلى توغل تركيا في عدد من المناطق السورية لتحقيق شعار «المنطقة الآمنة»، إلا أنّ هذا الاتفاق لن يصمد إطلاقاً في حال قرّرت الولايات المتحدة تسليح «قوات سورية الديمقراطية» أو ما يسمّى «وحدات حماية الشعب الكردي»، لأنّ هذا الأمر تعتبره تركيا تهديداً لأمنها القومي، ويدفعها دفعاً إلى الحضن الروسي وحتى الإيراني.
القرار الأميركي والتأرجح التركي ظهرا عشية إتمام الجيش السوري وحلفائه كلّ الاستعدادات لتحرير منطقة شرق حلب من المجموعات الإرهابية، وهناك معلومات تؤكد بأنّ القرار الأميركي موجه في جانب منه ضدّ تركيا على خلفية قبولها بواقع الهزيمة في حلب، ومسارعتها للاتصال بالروس والإيرانيين لتأمين إخراج العناصر الإرهابية من شرق حلب، في حين كانت أميركا تصرّ على توفير المؤازرة للإرهابيين حتى لا تحقق سورية وحلفاؤها نصراً عليهم يرسم معادلات جديدة في سورية والمنطقة.
وعليه، فإنّ تسليح واشنطن حلفاءها في سورية، قرار يحتمل تفسيرين في آن واحد، الأول تغطية عمليات التسليح الأميركي للمجموعات الإرهابية منذ بدء الحرب على سورية، والثاني ردّ فعل على خيانة افتراضية ارتكبتها تركيا نتيجة القبول بواقعية انتصار سورية في حلب، وفي كلتا الحالين، فإنّ الأكيد أنّ أميركا تسلّح المجموعات الإرهابية، وأنّ حلف الإرهاب يترنّح…