الستين اصبح من الماضي : احجام جديدة للحريري وجنبلاط
حسن سلامة
بعد تشكيل الحكومة بات ملف قانون الانتخابات النيابية في اولوية عمل الحكومة ومعها اغلبية القوى السياسية وكذلك هيئات المجتمع المدني , نظرا للاهمية الاستثنائية للقانون الذي يشكل المجهر الفعلي لطبيعة مجلس النوب المقبل والتوازنات السياسية فيه , وما سيتبع ذلك من اعادة ترتيب للقوى السياسية التي ستحكم البلاد لاحقا بدءا من الحكومة التي ستشكل بعد الانتخابات .
ومن هذا المنطلق تتحرك العديد من القوى السياسية في حساباتها حول طبيعة القانون الجديد وماهي نتائج الربح والخسارة التي ستنتج عن القانون , وهو الامر الذي توضح جليا في الاسبوعين الماضيين بعد الاتفاق الذي حصل في عين التينة بين الرئيس نبيه بري وحزب الله وتكتل التغيير والاصلاح من حيث الدعوة لاعتماد النسبية الكاملة , مما دفع البعض لرفع الصوت واعتبار ان النسبية تشكل ضررا على مصالحهم وعلى حساباتهم الانتخابية , بدءا من النائب وليد جنبلاط الى تيار المستقبل وحتى القوات اللبنانية _ وفق مصادر سياسية مطلعة _تدفع اما للابقاء على قانون الستين او اعداد قانون مختلط لا يختلف في نتائجه عن القانون الحالي .
وتعتقد المصادر ان هذه الاعتراضات تعبر عن القلق لدى هذه الاطراف من اعتماد النسبية , فجنبلاط يرى ان مثل هذا القانون سيؤدي الى الى تراجع موقعه السياسي من خلال تراجع كتلته النيابية , لان اي قانون جديد سيقود حكما الى خسارة جنبلاط ل 30 بالمئة من عدد نوب كتلته في الحد الادنى , اي ان كتلة اللقاء الديمقراطي ستتراوح بين اربعة وستة نواب , خصوصا ان هناك استحالة بان تضم الكتلة نفس عدد النواب المسيحين الذين هم في عداد الكتلة الحالية .
هل يدفن قانون الستين ؟
اما تيارالمستقبل , فهو ايضا سيخسر عدد لاباْس به من النواب في اي قانون يأخذ بالنسبية او النظام المختلط بحيث لن يزيد عدد نواب الكتلة عن 20 نائبا , وتقول المصادر ان المستقبل الذي يعاني من أزمة داخلية ومن أزمة مالية ومن تراجع شعبيته يدرك انه من غير الممكن ان يحصل على نفس عدد الكتلة الحالية او حتى الحد من خسارته لعدد كبير من نوابه , خصوصا ان الخسارة لن تقتصر على النواب المسيحين بل انه سيخسر بعض النواب من السنة .
وتوضح ان الحريري وجنبلاط يدركان بالتالي ان الثنائي المسيحي اي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية لن يتنازلا للحلفاء من الطوائف الاخرى عن حصة كبيرة من النواب المسيحين كما هو اليوم بالنسبة لكتلتي المستقبل واللقاء الديمقراطي , وبالتالي سيضطران لتخفيض سقف طموحاتهما في الدوائر التي سيضطران للتحالف فيها مع الثنائي المسيحي .
الا ان هذه الاعتراضات _ وفق المصادر_ لن تعطل شبه الاجماع على ضرورة اعتماد ولو النظام المختلط في قانون الانتخابات , طالما هناك شبه اجماع للوصول الى قانون للانتخابات اكثر عدالة من القانون الحالي . ولهذا تقول المصادر ان ما يدفع نحو صيغة اكثر عدالة من صيغة الستين اكثر من معطى داخلي اهما :
1- بات من الصعب ان لم نقل من المستحيل اجراء الانتخابات على اساس القانون الحالي , مع رفض قوى سياسية اساسية لذلك , بدءا من الرئيس بري الى حزب الله والتيار الوطني الحر واطراف 8 اذار وحتى قوى من خارجها كالرئيس نجيب ميقاتي واخرين .
2- ان المعطيات الي فرضت تشكيل حكومة وفاق وطني من 30 وزيرا وبالتالي تمثيل بعض اطراف 8 اذار كالحزب السوري القومي الاجتماعي والنائب طلال ارسلان , هي التي ستفرض الذهاب نحو قانون جديد للانتخابات .
3- اتساع دائرة الاصوات من المجتمع المدني التي ترفض الستين وتطالب بقانون عصري للانتخابات وتدفع باتجاه اعتماد النسبية الكاملة .
ولهذا ترى المصادر ان المعطيات ترجح الجمع بين بعض الصيغ ووجهات النظر المتعددة التي ترفع لواء النظام المختلط وبالدرجة الاولى الاخذ بالاقتراح الذي كانت تقدمت به كتلة التنمية والتحريروالتي تدعو للمناصفة مابين النظامين الاكثري والنسبي , اي 64 لكل من النظامين , لكن العقدةالاكبر تبقى في كيفية توزيع الدوائر وهي التي ستشهد عملية " شد حبال " واسعة خصوصا في ظل اعتراض المستقبل وجنبلاط واخرين على اعتماد المحافظة كا دائرة انتخابية