ما بعد إنتصار محور المقاومة
- شريف عبد البديع عبد الله
من الجمل المدهشة التي سجلتها للفريق محمد فوزي باني الجيش المصري الحديث وسمعتها منه مباشرة في إحدى الندوات وهو يحكي عن تجربة حرب الاستنزاف (1967-1970)حين قال :
"كانت فلسفتنا هي إعداد المقاتل وتطعيمه بالنار طيلة هذه السنوات ليكون جاهزآ لتحقيق النصر".
تذكرت هذه الصياغة اللفظية وأنا أتابع الجيش العراقي والجيش السوري وهما يقاتلان بلا هوادة ضد مرتزقة ووكلاء العدو الصهيوني والناهب الدولي الغربي. تعميد المقاتل العربي العراقي أو المقاتل العربي السوري بالنار أو (التطعيم بالنار ) حسب تعبير الفريق فوزي هو ما حدث طيلة السنوات الماضية.
بالقطع مراكز الأبحاث التابعة للناهب الدولي وللكيان الوظيفي الصهيوني تدرك بلا أدنى شك هذه الحقيقة المرّة على نفوسهم. وما تقدم يفسّر ذلك الهوس الذي إنتاب مراكز صنع القرار لدى الناهب الغربي الدولي والكيان الوظيفي الصهيوني ومشيخات الخليج المهووسة بإسقاط المراكز الحضارية في العراق وسوريا ومصر وتدمير جيوشها الوطنية.
كان واضحآ أن مشروعاً لتقسيم المنطقة على أسس طائفية كما صرّح بذلك افيجدور ليبرمان وزير الحرب الصهيوني .وكان منطقياً خلق الكيان الوظيفي الإرهابي داعش والجماعات الوهابية الإرهابية لتكون مبرراً لخلق كيانات شيعية مضادة ويكون ذلك كله مبرراً ليهودية الكيان.وأظن أن مؤسسي داعش ومموليه كانوا يهدفون لمجابهة حزب الله الذي إنتصر على الكيان الصهيوني مرتين .وبتحرير الموصل الوشيك وبتحرير حلب أيضآ بدا واضحاً سقوط المشروع الغربي الذي إستهدف المنطقة العربية بفضل صمود محور المقاومة.
استهداف الجيوش العربية مستمر
ولأن المشكلة الرئيسية في المنطقة هي الأطماع الغربية التي خلقت كيانات وظيفية في المنطقة أهمها الكيان الصهيوني وعدوانه المستمر فالحل يبدأ بزوال هذا الكيان وإسقاط النظم الرجعية العربية المساندة لهذا الكيان. ينبغي على النخب العربية توضيح حقيقة الصراع في المنطقة وفي العالم بعد أن أصبح قطاعاً عريضاً من الشعوب العربية مهووساً بالخلاف المذهبي. و على الشعوب العربية أن تدرك من جديد أن العدو الصهيوني هو العدو الأول والأخير والتناقض بينه وبين العرب كأمة هو تناقض رئيسي ولا حياة للعربي الا بزوال الكيان.
وعلى الشعوب العربية أن تدرك أن التناقض بين العرب وبين إيران وتركيا تناقضات ثانوية فهذه الدول دول طبيعية في الاقليم وليست طارئةأو دخيلة.
إذا أستقر في وجدان المواطن العربي أن أصل الصراعات السياسية هي صراعات مادية لا دينية ولا مذهبية وإذا ادرك المواطن العربي أن الإستعمار لم ينته من منطقتنا العربية وأن كفاحنا مستمر والتعريف باساليب الناهب الدولي وأدواته افلح سعينا. مايخشاه الناهب الدولي بعد إنتصار المقاومة هو مستقبل الكيان الصهيوني والانظمة الرجعية العميلة كمشيخات الخليج الفارسي التي مولّت كل الحروب ضد النظم التقدمية.
مايدركه صانع القرار في مراكز النهب الدولي ومراكز صنع القرار أن المقاتل في الجيش العراقي والجيش السوري قد إكتسب خبرات قتالية لا تقدر بثمن.
وبدأت مراكز الأبحاث لدى الكيان الصهيوني تحذر من المستقبل الأسود الذي ينتظرها بعد هزيمة المسلحين الوهابيين وأن محور المقاومة سوريا وإيران وحزب الله هم العدو المر الذي حتمآ سوف يواجهونه .
وأظن فيما أظن أن صانع القرار السوري بعد هذه التجربة أدرك أن كلفة مقاومة العدو الصهيوني ومقاتلته أهون من مهادنته
السؤال الكبير هو موقف النظام المصري من سيناريوهات المستقبل ومتى يدرك النظام المصري أن مصر هي قائد العرب ومتى يرجح كفة محور المقاومة ؟
إن سيناريوهات إستنزاف الجيش المصري بهذه الجماعات الإرهابية مازال حاضراً وعناصر القوات المصرية المحدودة (بفعل قيود كامب ديفيد) يواجهون أشباحاً.
مازلت على يقين ان سوريا هي التي تتحطم علي اسوارها مؤامرات الغزو الهمجي وهي خط الدفاع الأول عن الامن القومي المصري.
ومازلت أؤمن أن مصر إذا إستردت مكانتها كقائد للإقليم بمخزونها الحضاري وقوتها الناعمة وقوتها السياسية والبشرية تنتصر وينتصر الاقليم .
"إن مصر طائر ذو جناحين. جناحاه من الخليج للمحيط ورأسه يتجه للشرق ,إذا طار هذا الطائر وفرد جناحيه صار قوياً وصارت المنطقة قوية ,أما إذا إنكمش داخل حدوده ضعفت المنطقة وسهل إصطياده" المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي .