اردوغان بين ضغط الداخل وانقاذ الخارج
من البديهيات المسلمة بها ان المعادلات والتوازنات في المنطقة وفي سورية بالذات قد اختلت بعد تحرير حلب وليس بالامكان النظر اليها كما كانت عليه قبل التحرير وفقا للحسابات الجديدة التي فرضت نفسها على الساحة وهذا ما يستدعي فرض صياغة جديدة لخارطة التحالفات والتوازنات في المنطقة وكان اولها تركيا الاطلسية التي اخذت تبتعد عن محورها السابق بسبب تطورات فرضت عليها ومنها الانقلاب العسكري وتداعياته ودور الدول الحليفة المتورطة فيه لكن انجازات الميدان في حلب هي التي حملت انقرة وغيرها على تغيير نهجها حيث نشهد تراجعها بشكل ملموس عندما اقرت بعد خمس سنوات بفشلها في سوريا وهي المتهمة الاولى في دعم الارهابيين وادخالهم الى سوريا والعراق، من خلال قبولها بما خرج به الاتفاق الثلاثي في موسكو وهو اولوية محاربة الارهاب والحفاظ على وحدة الاراضي السورية فيما تسربت معلومات اخرى وهو اقرار الجانب التركي ببقاء الاسد على انه جزءا من الحل السياسي في هذا البلد.
وما يواجهه اليوم الرئيس اردوغان من مشاكل وازمات داخلية ليست بقليلة لذلك فهو في وضع لا يحسد عليه وهذا ما دفعه لان يتحول الى الضفة الثانية لانه بحاجة ماسة لحماية الجانبين الروسي والايراني اللذان تعاملا معه بمبدئية واخلاقية بعيدا عن المصالح الآنية وهو اليوم على ما يبدو جاداً في الحفاظ على هذه العلاقة وهذا لا يعني انه قد تخلى نهائيا عن اهدافه في سوريا، لكنه احوج ما يكون الى ذلك لان خطر الدواعش الاتراك بات يطرق بابه خاصة بعد التهديد الذي وجهه احد قادة الدواعش الاتراك بانه سيغرق شوارع تركيا بالاشلاء وقد مع انذاره بوقوع حدث كبير في المستقبل القريب.
وعلى اية حال فان تحرير حلب قد بدد احلام اميركا وحلفائها ومنها تركيا التي كانت لها اليد الطولى في مسار الازمة السورية وتأجيجها بسبب جوارها ووجود عوامل اخرى الا انها في النهاية رضخت للقبول بثلاثية التسوية التي تشكلت من روسيا وايران وتركيا والذهاب الى موسكو للاتفاق على حل جذري يمهد له بوقف اطلاق النار على امتداد الارض السورية بهدف انهاء هذه الازمة وهذا مؤشر ايجابي على اثبات نواياها لاغلاق هذا الملف نهائيا لكن الامر يتطلب الجدية والابتعاد عن المناورة كما كانت تفعل بالسابق، لان الوضع التركي وخارطته الداخلية ما عادت تتحمل مثل ذلك.