كيف أصبحت "داعش" أكثر إغراء من "القاعدة"؟
علاء عبد الرحمن
أظهر تقرير استخباري لمركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت بنيويورك، أن جماعة "داعش" الارهابية كانت أكثر إغراء في استقطاب المؤيدين من تنظيم القاعدة.
وأوضح التقرير الذي نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" وترجمته "عربي21" أجزاء منه، أن "قوائم التجنيد في تنظيم الدولة لم تقتصر على الفقراء، بل ضمت حتى المتعلمين والمحامين والمهندسين وضباط الشرطة وفنيي الكمبيوتر والمهنيين، وهذا هو اللازم لبناء الدولة وفق رؤية زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي لشكل دولة الخلافة في العراق والشام".
وأشار المركز إلى قيامه بإجراء مقارنة بين سجلات المجندين في جماعة "داعش" وسجلات تنظيم القاعدة في العراق سابقا، التي تزعمها أيضا أبو بكر البغدادي.
وكشفت المقارنة أن الفروقات بين القاعدة و"الدولة" كبيرة؛ فـ"جيش تنظيم الدولة الإرهابي بدأ بالسيطرة على أراض عام 2011 في العراق وسوريا، لكن في المقابل كانت القاعدة وهي أقل إغراء وتنظيما وجاذبية".
وظهر في المقارنة أن عناصر تنظيم القاعدة انحدر معظمهم من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والأوروبيون كانوا بأعداد قليلة، لكن في المقابل فإن جماعة "داعش" استقطبت 126 شخصا من فرنسا و210 من روسيا و163 من الصين، التي لم يسبق أن انتسب للقاعدة أي من مواطنيها.
وقدرت الإحصاءات في التقرير أن مسلحي "داعش" ينحدرون من 50 بلدا بما مجمله 20 ألف مسلح، عدا عن الجماعات الأخرى الموالية لهذه الجماعة في ليبيا وسيناء وأفغانستان وباكستان وغيرها من البلدان.
ولفت التقرير إلى أن استقطاب "داعش" لكفاءات من أجل بناء مجتمعها بشكل كامل، فهناك 629 من رجال الأعمال و76 من عناصر الشرطة والجيش، و103 شخصيات ماهرة من ذوي الياقات البيضاء، بينهم محامون ومهندسون وخبراء تكنولوجيا ومعلومات بالإضافة إلى 69 مهنيا و28 إعلاميا.
وأضاف أن هذه الجماعة كانت قادرة خلال السنوات الماضية على بناء مجتمعا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، بعيدة المدى عبر نشر إعلانات تقول إن "داعش" تستعد لتكوين مجتمع قادر على غزو العالم.
أرض ودولة
المختص في شؤون الجماعات الإسلامية صلاح الدين الجورشي يقول، إن هناك ثلاثة عوامل جعلت"داعش" أكثر إغراء في استقطاب المؤيدين والمنخرطين في صفوفها.
وقال الجورشي لـ"عربي21" إن العامل الأول هو قيام جماعة "داعش" بـ"إعادة صياغة مشروع تنظيم القاعدة عبر ربطه بهدف يعتقد بأنه قابل للتنفيذ، ويتثمل الهدف بإقامة دولة على الأرض، ولأجل ذلك قام بتعجيل الانتقال المباشر من القيام بضربات عسكرية متفرقة ضد الخصوم، كما كانت تعمل القاعدة إلى إنشاء دولة ينضم إليها كل الحالمين بها".
وأشار الجورشي إلى أن العامل الثاني الذي خدم "داعش" وجعل منها عامل جذب، التطورات الميدانية التي وقعت في العراق وسوريا وتمكنه من السيطرة على الأرض، وبالتالي أصبحت الأرض هي النواة العملية والميدانية لبناء أمة جديدة".ولفت إلى أن العامل الثالث "عملية الشحن للعناصر حتى يكونوا مستعدين لمواجهة الجميع على عكس القاعدة التي كانت ترتب الأولويات، وتحاول تصنيف خصومها وتتجه للعمل ضدهم وفق الأهمية والترتيب".
وأشار إلى أن التنظيم يملك ماكنة إعلامية تعمل بشتى الوسائل والأدوات على استقطاب وتجنيد أشخاص جدد قادرين على تحقيق ما يريده بأبسط الطرق.
مسلح متعدد الخصومات
وشدد الجورشي على أن استراتيجية "داعش" التي جعلت من "المواجهة الشاملة ضد الغرب والشيعة والأنظمة العربية، شجعت أعدادا كبيرة ممن لديهم خصومات على الانضمام إليها، وقام التنظيم بصناعة أشخاص لديهم إمكانية لخوض مواجهة شاملة مع جميع الأطراف".
وأضاف: "مهما كانت خصومات الأشخاص، فإن تنظيم الدولة وفر البيئة والمجال لكل من يريد العمل وتحقيق أهدافه وأهداف التنظيم في آن واحد وبأي وسيلة كانت".
ويرى الجورشي أن التنظيم تميز عن القاعدة بـ"تبسيط عملية التجنيد وجعل العنصر المنضم شخصا فاعلا قادرا على القيام بعمل خلال فترة زمنية قصيرة".
وقال: "تنظيم الدولة وفر منهجية تقضي بانتقال المنخرط في صفوفه خلال شهرين أو ثلاثة إلى مرحلة الاندماج الحركي التنظيمي دون الحاجة إلى تدريب طويل المدى".
وأوضح أن "المنخرط ربما يحتل مركزا ووظيفة في التنظيم بشكل سريع كأن يكون إعلاميا أو طبيبا أو شرطيا أو حتى مقاتلا خلال مدة قصيرة، دون إهدار الوقت في عمليات تدريب وتجهيز نظري".
وأضاف أن العمل التنظيمي في "الدولة" أصبح "أبسط وأسرع، وتحمل المسؤولية المباشرة واستلام المهام أصبح أسرع، على خلاف القاعدة التي كانت تعتمد في التجنيد على عمليات معقدة تبعا لاستراتيجية عمل التنظيم التي كانت تختار أهدافها بعناية".