kayhan.ir

رمز الخبر: 49947
تأريخ النشر : 2016December21 - 21:08

تقهقر بروباغندا المملكة امام ايران


* حسن العمري - حركة الحرية والتغيير السعودية

البروباغندا (Propaganda) كلمة تعني نشر المعلومات "بطريقة موجهة أحادية المنظور" وتوجيه مجموعة مركزة من الرسائل "بهدف التأثير على آراء أو سلوك أكبر عدد من الأشخاص"؛ وهي مضادة للموضوعية (للحقيقة) في تقديم المعلومات، تعتمد على إعطاء معلومات ناقصة وتقديم معلومات كاذبة والامتناع عن تقديم كامل للمعلومات، بهدف التأثير على الأشخاص عاطفيا عوضا عن الرد بعقلانية تخدم أجندات سياسية؛ فهي سياسيا تعني الترويج والتحريض واقتصاديا تعني الدعاية ودينيا تعني التبشير.

يقول المراقبون أن القوى الإستعمارية والأنظمة الديكتاتورية قائمة في سياساتها ونهجها على البروباغندا، حيث لها مفعول سحري على الشعوب التي تستعمرها أو تحكمها بشكل واسع ومنقطع النظير منتفعة من غفلة وتغافل وتصديق الإدعاءات المدسوسة اليها عبر شتى وسائل الاعلام الحديثة منها والقديمة كالصحف والاذاعات والفضائيات وشبكات التواصل الاجتماعي ومنابر الوعظ والإرشاد أو بالاحرى التمويه، وهو ما نشهده بكل أسى وأسف في مملكتنا حيث تعيش الغالبية هذا الواقع المرير ما يدفع بالسلطة المتجبرة المضي قدماً في سياستها البطشية والطيشية والعدائية تجاه أبنائها وجوارها الاقليمي.

لست بصدد الدفاع عن التمدد الايراني إقليمياً ودولياً على حساب المملكة يوماً بعد آخر بسبب التخلف القابع على عقول قيادتها، فهو حقيقة قائمة لا يمكن انكارها يعترف به القاصي والداني داخلياً وخارجياً حيث الهمس به أضحى يسمع عن بعد في أروقة القصور الملكية وفي الجلسات المغلقة للملك ووليي عهده وخلال اجتماعات الحكومة المصغرة؛ وحقائق الوضع الاقليمي والدولي تشير الى رضوخ أعتى القوى السلطوية لقرارات طهران في الكثير من أمور الخلاف القائمة بين الطرفين خاصة فيما تشهده المنطقة العربية من تطورات خطيرة وحروب دموية دون طائل .

ايران ربحت الجولة النووية رغم الضغوط العربية الاسرائيلية وها هي اليوم تهدد الاطراف الدولية بالعودة الى المربع الأول اذا لم يتم تنفيذ الاتفاق النووي، وموسم الحج الاقتصادي قائم على قدم وساق نحو طهران بمساعدة الدبلوماسية الاوروبية الحليف الستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية حيث نجحت ايران في شق صف هذا الحلف بعد أن هدد الرئيس الأمريكي القادم "ترامب" تمزيقه لخطة العمل المشترك فور دخوله البيت الأبيض ما دفع بالرياض وتل أبيب اللتان إتشحتا السواد على توقيعه إلتماس واشنطن عدم تنفيذ التهديد والبقاء على الاتفاق، رغم انهما جهزا العدة وطبلتا كثيراً في بروباغندا السياسة والاعلام لدفع أمريكا وحلفائها الغربيين بشن الحرب على ايران لكبح جماحها !!.

اقليمياً بدا تقهقر سياسة المملكة واضحاً في كل مواقع اللعبة القذرة التي سلكتها خاصة منذ إعلاء سلمان السلطة بداية العام الماضي والأمور في تأرجح لصالح الخصم، والمراقبون يرون في تنامي قدرة طهران باكتساح المتاريس واحد بعد آخر بذكاء وحنكة لتربح اللعبة السياسية رغم فقرها الكبير للحجم والكم الهائل من الحلفاء الاقليميين والدوليين كما هو قائم للرياض حيث الدعم السياسي والعسكري الكبيرين من قبل القوى الكبرى والوسط العربي والاسلامي الذي تشتري ذممهم بمال البترول لتتمادى في إراقة الدماء البريئة بمنطقتنا دون جدوى .

المفكر الاعلامي الألماني "كلاوس ميرتن" يعيد أصل البروباغندا الى أرسطو في كتابه (الخطابة)، فيما يرى الباحث "بُرهان شاوي" أن الكثير من قصص العهد القديم وتعاليمة يمكن تفسيرها كنصوص دعائية، فهي تحتوي على كل ما يمكن أن تحمله الدعاية من مضامين ووسائل واهداف، فهي تقدم التبريرات وتمنح الشرعية لأية أفعال عدوانية ضد المخالفين في الرأي والعقيدة والجنس والقومية، وذلك باسم (الارادة الإلهية) و(شعب الله المختار).

ففي لبنان لا بدّ من الإشارة إلى أن انتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً كان تكريساً لانتصار إيران وحلفائها على المملكة - حسب رأي الكثير ومنهم الباحث العربي الشهير نعوم سركيس، أنه انتصار لطهران في معركة إذ أن الحرب طويلة ومساحتها المنطقة وأطرافها كبار العالم. وهو ما أكدته وكالة "رويترز" في تحليل أعده كل من توم بيري وليلى بسام تحت عنوان "الصفقة الرئاسية في لبنان: إيران تربح والسعودية تخسر".. أنّ "وصول الجنرال ميشال عون لسدة الرئاسة صفقة تخدم وجود حلفاء المحور الإيراني في لبنان في حين تؤكد على تراجع الورقة السعودية بشكل فاضح".

الوضع ذاته نراه على مستوى أوبك حيث توصلت الدول المصدرة للنفط خلال إجتماعها الأخير في الجزائر، الى "اتفاق تاريخي" لتخفيض إنتاج النفط من أجل دعم الأسعار التي تراجعت بسبب العرض المفرط في الأسواق منذ عام 2008؛ والذي بموجبه ستخفض أوبك انتاجها بنحو 1.2 مليون برميل بداية من كانون الثاني/يناير 2017، وتتحمل السعودية "حصة الأسد" من هذا التخفيض بواقع نصف مليون برميل يوميا؛ فيما سمح لإيران بزيادة إنتاجها من مستواه في تشرين الأول/أكتوبر، الأمر الذي يعتبر انتصارا لطهران ورضوخاً من الرياض، والغريب في ذلك أن يصرح وزير النفط السعودي خالد الفالح بعد الاجتماع قائلا: "أعتقد أنه يوم سار لأسواق النفط.. ويجب أن يكون يوما سارا للاقتصاد العالمي"!!.

في المرحلة الاغريقية كانت البروباغندا تنحصر في السياسة الداخلية بإقناع الخصوم السياسيين والمفكرين، بينما كانت في السياسة الخارجية تعني خلق (صورة للعدو) من أجل توحيد الصف الشعبي من خلالها والاستفادة في تأجيل الكثير من المطالب الملحة للشعب، ومن أجل منح الشرعية للحروب ولتحقيق الاطماع التوسعية وإقامة الإمبراطوريات، فالهيمنة والاحتلال والانقلابات السياسية جميعها تبحث عن الشرعية وعن التمويل ولا يمكن ذلك بدون البروباغندا.

سوريا نموذج آخر للتقهقر السعودي لصالح ايران حيث فشلت المجموعات المسلحة الموالية للمملكة وحلفائها الاقليميين والدوليين والتي تعد بحوالي (100) مجموعة، ورغم الحجم الكبير من الدعم التسليحي المتطور ومدهم بالخبراء والمال والكم الهائل من الأفراد والتطبيل الاعلامي من كل صوب وحدب؛ فشلت في التمسك بورقة حلب لتتقهقر وتجبر على الخروج منها هاربة بجلدتها، ليسجل محور المقاومة بقيادة طهران أنتصار آخر يضاف له ما يجري في الحرب على اليمن حيث تنامي الخسائر في العدة والعتاد للمملكة وحلفائها رغم التجهيزات التسليحية المتطورة من كبار صناعها العالميين أمام مجموعة صغيرة لا يمكن مقارنة عدتها وعتادها بما تملكه الرياض وحلفائها في اليمن .

موقع "ديفينس وان" الأميركي المعني بالشؤون الأمنية أكد في آخر تقرير له إن "الخسائرالسعودية في عدوانها على اليمن باتت مكشوفة اليوم رغم كل صفقات الأسلحة مع أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها"؛ فيما كتبت "الإيكونوميست" البريطانية: خطة السعودية تتهاوى في سوريا والعراق واليمن ولبنان ومصر وهزيمة منكرة في معركتها النفطية مع إيران.. والمملكة في تراجع على جميع الجبهات، وأنه في اليمن، يبدو أن الحوثيين خصوم السعودية عازمون على نفي الأمير محمد بن سلمان خارج مشارف البلاد، عبر شن غارات متكررة، وبدلا من الاتفاق على تشكيل حكومة يقودها الرئيس المنفي هادي كما يريد نائب ولي العهد لتكون اليمن فيتنام السعودية.