عشية تحرير حلب وعودتها الى الحضن السوري بالكامل كمدينة موحدة ومنتصرة بخروج آخر دفعة من المسلحين الارهابيين، شهدت العواصم الاربع موسكو و طهران وانقرة ودمشق سلسلة اتصالات مكثفة لاكمال هذا الخروج بعد ان تعثر امس الاول بسبب مماطلة المسلحين في تنفيذ بنود الاتفاق الا انها في النهاية رضخت للواقع في السماح بخروج الجرحى والحالات الخاصة من كفريا والفوعة واطلاق سراح الاسرى الذين كانو يحتجزونهم في حلب لذلك من المفروض ان تكون حلب من اليوم محرر بالكامل وتخلو من اي مسلح ارهابي اختطف المدينة طيلة اربع سنوات الا ان صمودها وتضحية الجيش السوري والقوى المتحالة معها خلقت من حلب مشهداً غطى على المشهد العالمي الذي اذعن لهذا الواقع وقد اقر الغرب ومن خلال اعترافات بعض قادته السياسيين والعسكريين بهزيمته في هذه المعركة التي تخطت ليس الحدود السورية فقط بل حتى الاقليمية والدولية لما ستتركه من بصمات على الساح العالمية واولها كان استبعاد الغرب وعلى رأسه اميركا من اتفاق حلب وليس غلوا ان نقول ان تحرير حلب هي بداية النهاية للأزمة السورية وما يؤكد ذلك التحضيرات التي تجرى اليوم على قدم وساق بين العواصم الاربعة الانفة الذكر وان الاجتماع الثلاثي المقرر انعقاده بين موسكو وطهران وانقرة للبت في وقف النار اطلاق على المستوى السوري والوصول الى حل نهائي للازمة السورية امر مهم للغاية وماكان مثيرا ولافتا في هذا المجال ماكتبه "لؤى حسين" احد قادة المعارضة السورية بالامس وفي مقال له بصحيفة "الحياة" السعودية وهو ينعي ما يسمى بـ"الثورة السورية" بالقول لقد لفت انتهت الثورة السوريه القوى السورية وفي نفس الوقت يعترف انها لم تكن ثورة بعد ان سيطر المسلحون على مقاليد امورها.
وعند ما تنشر الحياة مثل هذا الاعتراف الصارخ تعكس بصورة او أخرى موقف النظام السعودي الذي التزم الصمت المطبق تجاه تحرير حلب وكأنها شطبت الازمة السورية من مفرداتها وفي آخر خطابين للملك سلمان لم يات على ذكر سوريا بالمطلق.
وقد سبق هذا الموقف تحذير جون كيري للمعارضة السورية التي التقاها في باريس قبل مدت حيث حذرها بالقاء السلاح لتجد لها مكاناً في المفاوضات القادمة الا ان الموقف التركي هو الآخر تواضع كثيرا وتراجع عن احلامه في الشأن السوري وبات يقترب من المواقف الروسية والايرانية لحل الازمة السورية والاجتماع الثلاثي الذي سينعقد في موسكو او الآستانه في الـ 27 من الشهر الحالي بمشاركة وزراء خارجة روسيا وايران وتركيا خير دليل على ذلك.
ويعتبر تحرير حلب انجازاً تاريخياًًُ غطى على المشهد العالمي ودفع له ثمن غال جدا غير ان الاعلام الغربي والعربي المتصهين بقي حتى اللحظات الاخيرة ومن خلال التضليل الفاضح مما بثته من اكاذيب وتزوير للصور استجلبها من حروب اخرى للانتقاص من هذا النصر الحاسم وتقصيده وتشويه صورته وهذا ماارتكبته احد الصحف العالمية المعتبرة من ما اضطرت لاحقا حذف الصورة من الفيسبوك. كل هذه المحاولات اليائسة كانت بهدف ان تهدأ من روعها وغضبها وتخفف من آلامها واحزانها، لكن ما ارتكبته وسائل الاعلام هذه من اخطاء فاضحة كان في الواقع مهينا ومشيناً بحق الاعلام وحرفيته وقواعده وقد اثبت للرأي العام الاقليمي والدولي عدم مصداقيتها وسقوطها الى الحضيض وقد جسدت بتضليلها الفاضح هذا وانحرافها المفرط وابتعادها عن جادة الصواب الاعلامي وبالتالي بعدها الحقيقي عن الاعلام الصادق الذي يعتمد عليه.