جيش الانقاذ الوطني لماذا الآن... وماذا عن معارك غوطتا دمشق !؟
هشام الهبيشان
تزامنآ مع الانجازات الميدانية الكبرى التي يحققها الجيش العربي السوري في عمق الغوطة الشرقية …ومع ازدياد رقعة المصالحات الوطنية في محيط غوطتا دمشق الشرقية والغربية والتي لن يكون اولها ولا اخرها ما جرى ببلدة التل..ومع استمرار انهيار بنية المجاميع المسلحة في عموم هذه المناطق ،يبدو واضحآ ان هذه التطورات بدأت تلقي بظلالها على دوائر صنع القرار بالعواصم الراعية لهذه المجاميع المسلحة ، فاليوم هناك تقارير مؤكدة تؤكد نية هذه العواصم إعادة لم شمل المجاميع المسلحة المتصارعة "جيش الاسلام – فيلق الرحمن – جيش الفسطاط وغيرها "تحت لواء ما يسمى بـ "جيش الانقاذ الوطني ” .
هذه التطورات بمجموعها ،تتزامن مع الوقت الذي بدأت تراقب به معظم دوائر صنع القرار في العالم والمعنية بتطورات الحرب على سورية مسار معركة "تحرير الغوطة الشرقية لدمشق”التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الحرب المفروضة على الدولة السورية،فـ اليوم ومع قرب انطلاق المعركة التحريرية الكبرى والمتوقعة ان تكون على مراحل ولن تتوقف عند محيط بلدة ميدعاني وغيرها بل ستمتد إلى دوما وما بعد دوما، بدأت تأثيرات هذه المعركة تظهر على أرض الواقع خارج حدود سورية ، وفي تصريحات وتحليلات واهتمامات الأطراف الدولية المنخرطة بالحرب على سورية، وبدا ذلك واضحاً في تصريحات وتحليلات "شركاء الحرب على سورية "وذلك باهتمام ملحوظ منهم بمجريات معركة محيط دمشق تزامنآ مع ما يجري بشرقي مدينة حلب.
اليوم في سورية لا يمكن انكار حقيقة أن ما يجري بمحيط دمشق يساوي للدولة السورية مكسباً كبيراً وورقة رابحة جديدة في مفاوضاتها مع كبار اللاعبين الدوليين المنخرطين بالحرب على سورية، ومن خلال ورقة محيط دمشق ومدينة حلب ستفرض الدولة السورية شروطها على الجميع، وعندها لا يمكن أن تحصل أي تسوية إلا بموافقة الدولة ونظامها السياسي، ووفق ما يراه من مصلحة لسورية الشعب والدولة، بعد كل ما لحق بهذا الشعب من أذى، والسؤال هنا هل ستعطي هذه الدول الراعية لهذه المجاميع المسلحة على ارض سورية ورقة محيط دمشق للدولة السورية هكذا من دون أي حراك؟.
لا أظن ذلك ،فمحور العدوان على سورية يحاول اليوم وخصوصآ السعوديين والاسرائيليين خلط الاوراق في عموم غوطتا دمشق ،ولكن هنا يمكن التأكيد على ان العمليات العسكرية الدقيقة محكمة التخطيط التي يخوضها الجيش العربي السوري و المستمرة وخصوصآ في محيط بلدة دوما في العمق الاستراتيجي للغوطة الشرقية ،يمكنها لجم أي حراك عسكري داخلي من عموم مناطق عمق غوطتا دمشق الشرقية والغربية ،فاليوم طرق امداد السلاح والمسلحين لعموم هذه المناطق،اصبحت بحكم المسيطر عليها ناريآ وبريآ ،ولهذا يلجئ السعوديين اليوم وعلى عجل لتفعيل غرف عمليات جديدة من داخل هذه المناطق من خلال كما تحدثنا لم شمل المجاميع المسلحة تحت مسمى ” جيش الانقاذ الوطني "،وهذه الخطوة يجمع معظم المراقبين أنها غير قابلة للحياة ،لان المجاميع المسلحة اصبحت امام خيارين لاثالث لهما ، اما القبول بالمصالحات الوطنية وهذا هو الحل الافضل والانجع لها ،أو الاستمرار بمواجهة تقدم الجيش العربي السوري ،وهذه المواجهة لن تصمد طويلآ نظرآ لعدة عوامل ليس أولها ولا اخرها ان هامش وخيارات المناورة اصبحت محدودة امامها .
السعوديين اليوم بدورهم كما الاسرائيليين يخشون من عمليات نوعية وخاطفة للجيش العربي السوري والقوى المؤازرة تؤدي لتقدم الجيش العربي السوري إلى عمق الغوطة الشرقية "دوما وما حولها ” ،وهذا بحال حدوثه سيشكل ضربة قاسمة للدور السعودي في جنوب سورية ،وهذا ما لا يريده النظام السعودي فهو لايريد ان يتلقى هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمه في الآونة الأخيرة في حلب ومحيطها ، فسقوط "دوما تحديدآ”يعني لبعض القوى الإقليمية المنخرطة بالحرب على سورية سقوط كل ما يليها كأحجار الدومينو، وبالتالي خسارة جديدة وكبيرة لهذه القوى وهذا ما لا تريده هذه القوى اليوم ولذلك اليوم نرى هناك حالة هلع وهستيريا في صفوف هذه القوى.
اما بالنسبة إلى الكيان الصهيوني ، فهو الآن كما تتحدث الكثير من التقارير والتحليلات يقرأ بعناية تفاصيل وتداعيات ونتائج معركة "الغوطة الشرقية” التي تأخذ المساحة الكبرى من المناقشات والتحليلات لنتائجها على الصعيدين السياسي والعسكري الداخلي ، فتحرير الغوطتين يمهد لتحرير درعا كل درعا وصولآ للقنيطرة واطراف الجولان المحتل على أيدي الجيش العربي السوري ومقاتلي حزب الله وهذا من شأنه إحداث تغيير جذري في الخريطة العسكرية لأطراف الصراع في عموم المنطقة الجنوبية وعلى الحدود السورية –مع الاراضي المحتله ومع الجولان، هكذا تقول التقارير والتحليلات الواردة من دوائر صنع القرار الصهيوني ، وهذا ما لا يريده الكيان الصهيوني على أقل تقدير في الوقت الراهن.
ختاماً، على الجميع أن يدرك أن معركة "غوطتا دمشق ” بشكل خاص ستكون لها تداعيات كبرى وفق نتائجها المنتظرة بأي حديث مقبل يتحدث عن تسويات بالحرب على الدولة السورية وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع الأطراف.