kayhan.ir

رمز الخبر: 46774
تأريخ النشر : 2016October19 - 22:35

أوباما مجرم آخر يرحل تحت اللعنات


أحمد الحباسى

يعتقد كثير من المتابعين أن حرب السنوات الستة في سوريا تعد من أكثر الحروب العالمية التي ” استهلكت ” كثيرا من القيادات السياسية ذات العلاقة بهذه الحرب الدموية ، فلأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني و في تاريخ التدخلات الأمريكية الفاجرة في شؤون الدول العربية تسقط كثير من الرؤوس المهمة الكبيرة المتآمرة على سوريا تباعا و لأول مرة ينهار مخطط صهيوني خليجي أمريكي تحت ضربات صمود تحالف المقاومة ضد أعداءها بل من واجبنا التأكيد على أنه و لأول مرة أيضا تفرض المصالح و الإستراتيجية السياسية و الاقتصادية على روسيا الوقوف في وجه أكبر قوة عسكرية و اقتصادية في العصر الحديث و أن هذا الموقف الغير المسبوق في تاريخ العلاقات بين الكبار و خاصة اعتراض روسيا المتكرر باستعمال الفيتو قد فرض على الغرب و بما فيه إسرائيل كجزء من هذا الحلف الصليبي أن تقبل بالهزيمة و بصدمة فشله في تنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة الذي كان مقررا له أن ينتهي في الأسابيع الأولى من سنة 2011 .

اليوم بينما يستعد الرئيس الأمريكي لترك منصبه هناك شعور لدى جميع السياسيين بفشل هذا الرئيس في إدارة الملفات الصعبة سواء التي وجدها على طاولة مكتبه بالبيت البيضاوي و من أهمها ارتدادات الغزو الأمريكي للعراق أو تبعات السياسات الأمريكية المتعاقبة نحو كوبا أو إعادة صياغة العلاقات مع ببكين أو التي تطلبها تنفيذ مشروع المحافظين الجدد بتدمير و تقسيم الدول العربية و على رأسها سوريا طبعا إضافة إلى أهمية الملف النووي الإيراني ، لذلك يجب التأكيد اليوم أن زيارة الرئيس الأمريكي إلى كوبا أو إمضاء الاتفاق مع إيران لا يمثلان نجاحا بقدر ما يمثلان هزيمة للإستراتيجية الأمريكية التي دامت سنوات عديدة خسرت فيها الولايات المتحدة كثيرا من ماء الوجه ، فالرئيس الكوبي فيدال كاسترو هو الذي فرض على أمريكا القبول بالهزيمة و المؤسسة القيادية الإيرانية هي التي فرضت على أوباما الخضوع بعد أن تعهدت الإدارات السابقة بضرب البنية النووية الإيرانية و فرضت على إيران سيلا من العقوبات السياسية و الاقتصادية ، أما على الصعيد السوري فقد كان الفشل الأمريكي صادما لكامل المؤسسة السياسية و العسكرية الأمريكية التي لم تستطع تنفيذ مؤامرتها الدموية لإسقاط النظام و التخلص نهائيا من عبء محور المقاومة في نفس الوقت .

يعد منصب الرئيس في أمريكا من أول مناصب صنع القرار و هو يتطلب من الرئيس أن يكون له تصور متماسك حول السياسة الإستراتيجية الصحيحة الواجب إتباعها نحو كل الدول و بالذات في المناطق الحساسة و المشتعلة في العالم ، هذا يحتاج إلى قدر كبير من البراعة السياسية لم تكن متوفرة في الرئيس المتخلى و الواقع أن الرئيس قد استخدم القوة الأمريكية بصورة عشوائية و انتقائية و كان عهده عهد ما سمي بسياسة المكاييل المختلفة سواء على مستوى ضعف شخصيته تجاه كيفية حل القضية الفلسطينية و الانصياع الأعمى للسياسة الصهيونية أو على مستوى الملف السوري الذي تطلب منه استثمار اغتيال الرئيس سعد الحريري و التغطية على الجهات التي دبرت عملية الاغتيال و هي جهات لها مصالح في اتهام سوريا مثل تركيا و السعودية و قطر و الأردن و إسرائيل و الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا إضافة إلى الكلب البريطاني التابع ، هذا مهم لكن الأمر الأكثر أهمية أن الإدارة الأمريكية قد اضطرت لأول مرة في التاريخ أن تتخلص من آخر ورقة التوت الأخلاقية بالاستعانة بالجماعات الإرهابية التكفيرية السعودية و إعطاء الأوامر لجهاز المخابرات الأمريكية لمساندتها و تمويلها بل و تسليحها و تدريبها و تمكينها من الغطاء الجوى و الاستخبارى كل ذلك لتنفيذ اعتداء دموي صارخ على دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة في حركة كشفت للعالم مرة أخرى أن هناك دول ترعى الإرهاب و تمارس إرهاب الدولة هم إسرائيل ، الولايات المتحدة الأمريكية و السعودية .

لقد تحدث الكثيرون في بداية عهد الرئيس "الراحل” أن التحدي المطروح على الإدارة الأمريكية كان يتلخص في إعادة صياغة طبيعة التدخل الأمريكي في الشؤون الدولية خاصة بعد أن تسبب رعونة الرئيس بوش الابن في كراهية الشعوب لهذه السياسة التي أثبتت عجزها عن حل مشاكل العالم بل زادتها صعوبة و تعقيدا ، على سبيل المثال كان الالتجاء إلى تركيا و السعودية و قطر و الأردن و تكوين تحالف الأنذال لضرب سوريا من أكبر الأخطاء الإستراتيجية الأمريكية التي ستكون لها ارتدادات عنيفة و غير متوقعة على المصالح الأمريكية الحيوية في المنطقة العربية في السنوات القادمة خاصة و أن رجوع روسيا بقوة و وجود بعض الضغائن الشخصية بين الدولتين بسبب التدخل الأمريكي العدواني في مشكلة جزر القرم و بقية دول الاتحاد السوفييتي السابق ستكون له أبعاد خطيرة على المصالح الأمريكية بحيث سيعطى لبعض دول المنطقة التي عانت المرارة من التدخل الأمريكي فرصة لاستعادة سيادتها المهدورة للتوجه نحو الحليف الروسي القوى الجديد .

من المهم اليوم و في ظل انكسار الهيبة الأمريكية في العراق و سوريا و انكسار الهيبة الصهيونية في حرب تموز و انكسار السعودية في اليمن و سقوط مشروع 14 آذار في لبنان في ضرب المقاومة اللبنانية باستعمال سلاح الخيانة و المحكمة الدولية أن نشير إلى سقوط كثير من المشاركين في مؤامرة ضرب الحلف المقاوم و من بينهم العميل سعود الفيصل و الملك عبد الله و الرئيسان الفرنسيان ساركوزى و شيراك إضافة إلى كوندليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية السابقة و جون بولتون السفير الأمريكي في مجلس الأمن و ممثلة أمريكا في نفس المجلس سوزان رايس و رئيسا الوزراء البريطانيان السابقان تونى بلير و جون كاميرون دون أن ننسى طبعا الخائن محمد مرسى و جماعة الإخوان المسلمين و أمير التوسل القطري المعزول و أحمد داوود أوغلو منظر السياسة التركية القذرة في المنطقة و بعض قطع الغيار الإجرامية مثل عقاب صقر و فؤاد السنيورة و على حمادة و مي شدياق و رئيس الحكومة الأردنية السابق و بعض المحطات الخليجية التضليلية التي فقدت نسبة مشاهدتها بصورة غير مسبوقة ، و اليوم يرحل الرئيس أوباما غير مأسوفا عليه تطارد لعنات الشهداء العرب ودموع المظلومين الذين دمرتهم سياسته العدوانية .